معظمنا إن لم يكن كلنا لديه أعداء بصورة أو بأخرى، وهم هؤلاء الذين يسعدهم ألمنا وشقاؤنا. في بعض الأحيان الاختلافات في الشخصية والتصرفات بينك وبين أعدائك هي التي تُوّلد تلك الكراهية، وأحيانًا تنشأ تلك الكراهية من جهتهم دون سبب على الإطلاق. وبغض النظر عن الطريقة التي حصلت بها على أعدائك، فإننا سنعرض في هذا المقال لبعض الأسباب التي ستريك كيف أنه لا يجب عليك أن تنزعج منهم، بل وكيف يمكن أن تُكِنَّ لهم بعض مشاعر المودة والامتنان:
1- درس عملي للتحكم في الغضب:
من وجهة النظر النفسية والعلمية، فإن أعدائك هم أفضل اختبار لقدرتك على إدارة غضبك. فصحيح أن الأعداء لهم القدرة على استخراج أسوأ ما فيك سيما في وقت الغضب، فإنهم كذلك قد يساعدونك على التحكم في ذاك الغضب. فمن النادر أن يغضب الإنسان فعلًا من إنسان يحبه، وبالتالي يصير اختبار التحكم في الغضب حقيقيًا حين تتعامل مع عدوك حيث تصل لأقصى درجات الغضب. والتحكم في الغضب يكون مؤثرًا حين يكون تطبيقه عمليًا لا نظريًا.
صحيح أن الأعداء لهم القدرة على استخراج أسوأ ما فيك سيما في وقت الغضب، فإنهم كذلك قد يساعدونك على التحكم في ذاك الغضب
2- فرصة لمنافسة صحية:
قد لا تدرك هذا الأمر ولكن الأعداء يشكلون منافسين رائعين حيث يجعلونك تستحث روح المنافسة داخلك، فأحيانًا قد لا يدرك الإنسان هذه المهارة أو يستعملها حتى يقابل من يخالفونه في الفكر والشخصية. مع ذلك، احرص أثناء تلك المنافسة ألا تتحول شخصيتك للجانب السيء، فمنافسة الخصوم من الأمور الصعبة. عليك التأكد أنك لن تؤذِي نفسك، أو تتخلَّ عن مبادئك وأخلاقك الحسنة في عملية المنافسة تلك. المنافسة الشريفة الطيبة هي ما ننادي به هنا.
الأعداء يشكلون منافسين رائعين حيث يجعلونك تستحث روح المنافسة داخلك، فأحيانًا قد لا يدرك الإنسان هذه المهارة أو يستعملها حتى يقابل من يخالفونه في الفكر والشخصية
3- تعليقاتهم السلبية قد تدفعك للتطور:
فالأحباء عادة ما يجاملون أحبابهم ويتغاضون عما يرونه من السوء، بينما لا يفعل من يكرهونك ذلك. ورغم أن كلامهم قد يكون في معظمه قائمًا ومنبثقًا من مشاعر الحقد والضغينة تجاهك، إلا أنه قد لا يخلو أحيانًا من الحقيقة التي قد يتردد آخرون في إعلامك بها. أي أنك إذا ما سمعت كلامًا يضايقك من عدوك، قد يكون من الأفضل أن تقف وقفة مع نفسك وتفكر فيه بعض الشيء. فهناك احتمال أن يكون نقد عدوك لك في محله بغض النظر عن حقده وسوء نيته. فاحرص على أخذ الحكمة من أفواه أعدائك واستفد من النقد الذي في محله، وإن لم يأت على طبق من ذهب!
4- الأعداء قد يصيروا حلفاء رائعين:
التودد لأعدائك قد يعني بذل مجهود من جانبك للتعامل والتعايش معهم. ففي النهاية، إذا نجحت في بناء جسور المودة وإزاحة الخلافات جانبًا، قد تكسب صديقًا جديدًا! وبناء الود هذا سيسهل من تعاملك مع من لا تحب على المدى البعيد، كما سيُصقِل مهاراتك الشخصية في التعامل مع الآخرين.
التودد لأعدائك قد يعني بذل مجهود من جانبك للتعامل والتعايش معهم. ففي النهاية، إذا نجحت في بناء جسور المودة وإزاحة الخلافات جانبًا، قد تكسب صديقًا جديدًا
5- فرصة لإدراك الإيجابية:
فاحرص في خِضَمِّ السلبيات على ملاحظة الأمور الإيجابية في حياتك. فإدراكك لوجود أعداء، سيجعلك تركز على الأمور الحسنة الكثيرة الموجودة في باقي جوانب حياتك. فكثيرًا ما نغض الطرف عما هو مهم بالفعل في الحياة، وذلك بانشغالنا بالأعداء.
6- قد يكون هناك سوء تفاهم:
أحيانًا يكون سبب هذا العداء والكراهية هو موقف سيء عابر، أو انطباع خاطئ، أو ببساطة سوء تفاهم سبَّب شرخًا في العلاقة. ثم لم يحرص أي من الطرفين على رأب الصدع، فساءت العلاقة مع الوقت وتحولت إلى عدواة مستديمة. فالتواصل مع عدوك سيساعدك على فهم سبب نشوء ذلك الصدع، وربما رأبه وتحسين العلاقة.
7- زيادة تقديرك لأحبابك:
فوجود أعداء في حياتك، سيجعلك تقدر أحباءك ولا تأخذ حبهم ووجودهم ودعمهم كأمور مُسلَّم بها. فالحب والكره مشاعر متضادة ولكن يمكن لأحدها أن يَسْتَبدل الآخر بسهولة وإن كان لفترة مؤقتة. فضع في اعتبارك أنه كما تملك أعداء فكذلك لديك أصدقاء وأحباب، فاحرص على تقديرهم وتخصيص وقت لهم. ولا تجعل كرهك لأعدائك وانشغالك بهم يُعمي بصرك عن وجود الأحباب في حياتك.
8- هل تحتاج الكره حقًا؟
الحقيقة العلمية تقول إن العداء يُحمِّلونك بجميع العواطف السلبية وردود الأفعال السيئة. فإذا كنت تعيش حياة ناجحة، فلا يجب عليك أن تحمل ذلك العبء الثقيل من المشاعر السلبية. الكره شعور سيء ويجب عليك التخلص منه، فالأبحاث تقول إنه لا يمكن لإنسان أن يتقدم في الحياة وهو يحمل ثقلًا كبيرًا من العواطف، والكره معروف بأنه من أكبر الأثقال العاطفية على الإطلاق، حيث له القدرة على توليد الكثير من المشاعر السلبية الأخرى كالحقد والغِلّ والرغبة في الانتقام.
وفي الختام، فانتبه أنك في النهاية لن تتمكن من التخلص من كل أعدائك، وقد لا يرغب البعض في ودك وصداقتك، وهذا لن يكون بيدك. ولكن في وسعك دومًا أن تحاول اختيار ردَّات الفعل الراقية والمهذبة والتي تنم عن طيب معدنك وأخلاقك الحسنة بغض النظر عن فعل الشخص العدواني. ففي نهاية المطاف، لا يمكننا اختيار طريقة تصرف الآخرين تجاهنا ولكن قطعًا يمكننا اختيار ردة الفعل الصحيحة السوية من جانبنا والتي لا نخرج بها عن طورنا ومبادئنا الحميدة فنندم حين لا ينفع الندم.