تمهيد
"اللغة الباسلة" كتاب يعزز الولاء والانتماء للعربية، ويكشف عن مظاهر الضعف اللغوي وتأثير والعولمة والأمركة على حياتنا الثقافية والعامة، ويبين أن إهدار قوم لحرمة لغتهم هو إهدار لركن من أركان هُويتهم: "الاعتزاز باللغة مطلب حضاري واجب، لا يعني البتة تعصّبًا أو جمودًا –كما يظن البعض- بل هو معنى كريم، وشعور مشروع، لا تخجل منه الأمم المتحضرة ولا تخفيه، وإنما تتباهى به وتبديه، للغة في ذاتها وللأمة في جهودها من أجل تثبيت بنائها الحضاري، وإن كرامة أي شعب من كرامة لغته وذله من ذلها".
ويُصدّر المؤلف الكتاب بإعلان اللغة العربية "لغة بلا أمّة". فعلى عكس سنّة التاريخ المطّردة باندثار اللغة مع أفول دولتها وحضارتها، تبقى اللغة العربية استثناء فريدًا باسلًا في الشموخ والبقاء حتى بعد تمزق دولتها وضعف قوّتها وظهور حضارة الغرب عليها وتظاهر الخصومات والنزاعات على طمسها وطمرها. لكن ذلك الوضع أثّر سلبًا على صلة العرب بعربيّتهم، إذ "أخذ قناع العُجمة يغطّي وجه الحياة العربية... وبدأت الثقوب الأعجمية تظهر في الثوب العربي ثم غَلَبت عليه فكأنه اليوم ثوب أعجمي تتناثر فيه بقع عربية!".
مع الكتاب:
ينقسم الكتاب إلى خمسة فصول
- الفصل الأول (الجبهات الثلاث): ويعرض فيه تصورًا للجبهات الثلاث في خصومتها للعربية: جبهة العرب، وجبهة المسلمين، وجبهة خصوم القضية العربية والإسلامية في كل مكان.
- الفصل الثاني (اللغة العربية والعلوم التجريبية): ويتناول فيه الصلة بين اللغة والفكر، والتقدم والتخلف بين الأمم واللغات، وخصائص العربية التعبيرية وقدرتها الواقعية.
- الفصل الثالث (الفصحى والعامية): ويتناول فيه أصل العامّية وظروف نشأتها، واختفاء علامات الإعراب، واللغة العربية ولهجاتها قديمًا وحديثًا. ثم تحليل المشكلة في الفصحى وعرض الفروق الموضوعية بين العربية وغيرها من اللغات الحضارية. ثم تاريخ الدعوة للعامية وحجج أنصارها. وختامًا ضرورة الفصحى من حيث صلتها بالمجتمع الإسلامي ثم بالتراث.
- الفصل الرابع (التعليم): ويعرض لوسائل وغايات المناهج المعاصرة لتدريس العربية، خاصة الأدب والنحو. ثم يقارن بين معلّمي اللغة العربية ومعلّمي اللغات الأخرى.
- الفصل الخامس (الكتابة العربية): عن أصل الكتابة العربية وتطورها، من الإعجام للشكل أو النّقط، مع ذكر الأعلام في هذا المضمار: أبو الأسود الدؤلي والخليل الفراهيدي. ثم مكانة الكتابة العربية بين الكتابات الإنسانية. وختامًا خصائص اللغة العربية في التعبير العلمي.
ومما اقتبسناه من الكتاب:
- أخذ قناع العُجمة يغطّي وجه الحياة العربية... وبدأت الثقوب الأعجمية تظهر في الثوب العربي ثم غَلَبت عليه فكأنه اليوم ثوب أعجمي تتناثر فيه بقع عربية.
- إن المخاطبة على قدر العقول لا تعني تَبذَّل اللغة، أو هبوط الكلام وانحرافه عن سنن الفصحى، و إنما تعني الابتعاد عن تعقيد الفكرة والتَّقعّر في اللغة. أما الجُنوح إلى العامية بدعوى إفهام العوام، فإن لم يكن ذلك مداراة للعجز عن الفصحى، فهو ادعاء يظلم الفصحى والعوام في وقت معا، يظلم الفصحى بأنها غير مفهومة، ووالله إنها لمفهومة، ويظلم العوام بأنهم لا يفهمون، وتالله إنهم ليفهمون!
مع المؤلف
الأستاذ الدكتور فتحي جمعة، أستاذ علم اللغة والدراسات السامية والشرقية في كلية دار العلوم جامعة القاهرة، كانت أطروحته للماجستير عن السهام الموجهة إلى النحو العربي وكيفية صدّها. أما أطروحته للدكتوراه فكانت عن النشاط اللغوي للعربية قبل سيبويه، وعن أصول اللغة وفلسفة النحو ورصد الحركة اللغوية واتجاهاتها. توفي رحمه الله في آب/ أغسطس عام 2018، ودفن في محافظة الدقهلية.
بيانات الكتاب
العنوان: اللغة الباسلة
المؤلف: د. فتحي جمعة
الناشر: دار النصر للنشر والتوزيع
الطبعة الخامسة 2000
عدد الصفحات: 262