كيف يمكن تعديل سلوك الطفل المُهمِل و”الفوضوي”؟

الرئيسية » تحقيقات وحوارات خاصة » كيف يمكن تعديل سلوك الطفل المُهمِل و”الفوضوي”؟
kids-messy-room

كباجة: يجب استخدام أساليب التعزيز الإيجابي للتعديل، وعدم التذبذب في اتخاذ القرار، وتقديم مكافأة للطفل كلّما قام بسلوكٍ إيجابي، وعندما لا يقوم بما هو مطلوب يُحرم من ممارسة شيء مُحبب له

شبير: إذا رأى الطفل شيئاً أمامه من أمه ومعلمه ومربيته يدلّه على الطريق الصحيح يكون هذا انضباطاً، لكن إنْ رأى أنه هو الأعلى والأقوى ولا قيود للوالدين والمعلم والمربي عليه هنا تبدأ عمليات التخريب النفسية

"محمد" -طفل في السابعة من عمره- يعود من المدرسة كلّ يوم، ويخلع نعليه وجواربه ويتركهما عند مدخل باب البيت، ويتجاهل "محمد" القواعد المنزلية ويفسّرها وفق هواه، ويمارس عاداته السيئة بإسراف، فهو قد يشاهد التلفاز وألعاب الفيديو طوال اليوم، وتجد كتبه وأوراقه وحاجاته مبعثرة، وعادة ما يحاول إنهاء واجباته في الدقيقة الأخيرة قبل الذهاب للمدرسة -هذا إنْ تذكّر حَلّها أصلاً!!

وإن أراد "محمد" تناول طعامه تجده يمشي في المنزل فيسقط بعضاً من طعامه هنا وهناك، بينما تقول أمه:" لا بأس المهم أن يأكل!!" صحيح أننا نشعر بالسعادة عندما يأكل أطفالنا، ولكننا نُربّي إنساناً راقياً يحفظ النعمة وليست قطة منزلية!!

كما يترك "محمد" ألعابه على الأرض بعد أن لَعِبَ بها ويشعر بالضجر إنْ طُلِبَ منه ترتيبها، حتى بات "همجياً" في التعامل مع أشياء الناس كافة سواء في المدرسة أو منازل الأقرباء.

من هو الطفل المهمل؟

من جهته، قال المرشد التربوي صالح كباجة لـ"بصائر":" إنّ الطفل المُهمل أو الفوضوي هو الطفل الذي يقاوم كل الأنظمة بالمجتمع المحيط به، محاولاً فرض سيطرته ليؤكد استقلاليته وبالتالي نجده لا يهتم بحكم الآخرين عليه".

المرشد التربوي صالح كاجة: الطفل المهمل هو الذي يقاوم كل الأنظمة بالمجتمع المحيط به، محاولاً فرض سيطرته ليؤكد استقلاليته وبالتالي نجده لا يهتم بحكم الآخرين عليه

ما الذي يجعل طفلك مهملاً؟

وحول الأسباب والدوافع التي تجعل الطفل مهملاً، أوضح كباجة أنه "ربما يكون الوالدان أو أحدهما فوضوياً، والطفل يكتسب السلوكيات بطريقة لا إرادية، بالإضافة إلى "جماعة الأقران" بمعنى أن ينشأ الطفل بين مجموعة من الأقران الفوضويين، وهنا يبرز مفهوم "الشلة" ويحاول الأكثر تأثيراً فيهم ليكون هو المسيطر بمعنى آخر "زعيم الشلة".

وتابع "قد تكون الروضة أو المدرسة بيئة مساعدة للطفل الفوضوي من خلال سلوكيات المعلمين، بحيث يقوم الطفل بالتقليد، فالفوضوي هو شخص يحاول أن يُبرز استقلاليته من خلال التسلط واللامبالاة للمجتمع الخارجي".

خطوات لتعديل السلوك الفوضوي

وأردف قائلاً:" إنّ من أكثر الأمور تعقيداً هي عملية تعديل السلوك؛ لأننا بحاجة إلى تكاتف الجهود لتغيير نمط التفكير لدى الشخص المستهدف ، ولكن إنْ تتبعنا النظريات المعرفية سنجد أنّ هناك الكثير من الأمور التي تُساعدنا في تغير المفاهيم، ويكتمل الهدف لو ربطنا التعديل بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وحياة صحابته رضوان الله عليهم، وكيف ربّى هؤلاء أبناءهم وكانوا قادةً للأمم".

وذكر كباجة عدة خطوات لتعديل السلوك الفوضوي عند الطفل وهي:

1- الحوار الهادف مع الطفل مع إظهار عدم الرضى بما يقوم به، دون اللجوء إلى الضرب أو الصراخ أو التهديد، ويتبع ذلك تكليف الطفل بترتيب ما قام به، بمتابعة ولي الأمر ومدحه.

2- استخدام أساليب التعزيز الإيجابي للتعديل، وعدم التذبذب في اتخاذ القرار، وتقديم مكافأة للطفل كلّما قام بسلوكٍ إيجابي وإظهار الفرح، وعندما لا يقوم بما هو مطلوب يُحرم الطفل من ممارسة شيء مُحبب له، كمنعه من مشاهدة التلفاز حتى يقوم بعمل ما طُلب مِنه.

3- عدم التذبذب في معاملة الوالدين، مع ضرورة أن يكون الطرفان متفقين على التعديل؛ لأنّ اللامبالاة من أحد الوالدين يُعزز سلوك عدم الانضباط، ويُحدِث تشتت عند الطفل.

4- مدح الطفل أمام الآخرين لقيامه بسلوكٍ إيجابي والابتعاد عن الشكوى.

5- تعزيز روح العمل الجماعي والتعاون داخل الأسرة وإظهار الرضى والارتياح لذلك.

6- تعليم الطفل نماذج من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم ومدى حبهم للانضباط والترتيب، وكيف ساروا من رعاة الغنم إلى قادةٍ للأُمم.

الطفل المهمل لم يتلقَّ الأوامر بطابع الحنان

د. وليد شبير: لن يكون الطفل منضبطاً إلاّ بالمساعدة، إما عن طريق التحفيز النفسي والتشجيع، أو التوجيه وتقسيم تلك الفوضى إلى أجزاء حتى يتمكّن الطفل من جمع شتاته

من ناحيته، قال الدكتور وليد شبير أستاذ الخدمة الاجتماعية في الجامعة الإسلامية بغزة:" إنّ الطفل المهمل أو "الفوضوي" ربما يكون كبيراً مثلَ أبيه أو صغيراً من 2-6 سنوات، والذي يمكن أن نُعرّفه بأنه الطفل الذي لمْ يتلقَّ الأوامر والنواهي التي تحمل طابع الحنان والترتيب بأسلوبٍ جيد من والديه؛ لأنّ كل الأطفال الفوضويين سواء كانوا رجالاً أو شباباً مراهقين أو حتى أطفالاً كلهم لديهم مشاكل سلوكية من آبائهم ولم يُعتنَ بهم في هذه المراحل وتركوا دون تحفيز وترتيب فأصبحوا فوضويين".

وأشار إلى أنّ طبيعة أمهات الأطفال المهملين ينقسمن إلى قسمين: الأولى- وهي الأم التي تُدلّل أطفالها وتتركهم يفعلون ما يشاؤون وتقوم هي بالترتيب بالإنابة عنهم، أما الثانية- ليس لديها إلاّ الصياح والضرب والتهديد والشتم وذم الطفل، وبعد ذلك كله تقوم بترتيب ما أفسده أطفالها، على حد وصفه.

الطفل ضحية دلال والديه

ونوه شبير إلى أن هاتين الصورتين المتقاربتين يكون فيهما الطفل هو الضحية؛ لأنه لمْ يتلقَّ العناية الجيدة، ولم يكن لديه والدان يرتقيا به من حالة الإهمال والفوضى، لافتاً إلى أنّ الإهمال والفوضوية بحاجة لعملٍ سلوكي مع نوعٍ من التحفيز والمساعدة على الانضباط ، فلا يكون الطفل منضبطاً إلاّ بالمساعدة إما عن طريق التحفيز النفسي والتشجيع أو التوجيه وتقسيم تلك الفوضى إلى أجزاء حتى يتمكّن الطفل من جمع شتاته.

ونوه شبير إلى أن الطفل الطبيعي يلعب ويفعل ما يشاء لكن إذا جاء وقت النوم يجب أن يستجيب، وإذا جاء وقت الطعام يجب أن يجلس ويأكل بطريقة معينة، وإذا جاء وقت المذاكرة يجب أن يُذاكِر فإذا كان الطفل يلتزم بتلك القواعد النوم والأكل والمذاكرة واللبس فلا نعتبره فوضوياً".

وتابع" أمّا إذا أبى وحطّم هذه المعايير فربما يصل إلى مرض الفوضى، مشدداً على أنّه إذا عُلّم الطفل على أنّ هذا الأمر الذي يفعله خطأ ويُعلّم مرة ومرتين وثلاثة وبعد ذلك يُصر على التخريب فيعتبر فوضوياً ومهملاً ويمكن علاجه بالطرق التربوية.

تبدأ الفوضوية إذا خرج الطفل من ثلاث حدود

وذكر شبير أنّ الطفل يبدأ بالفوضوية والتعبير عن الذات إذا خَرَجَ من ثلاثة حدود، وهي: إذا خرج من البيت، أو إذا خرج من المدرسة، أو إذا رأى شيئاً يُعجبه ولم يتمالك نفسه ويريد أن يعبر عمّا بداخله، مُبيناً أنّ الثلاثة أوقات لا تعتبر فوضوية، "بل إذا كان الطفل منضبطاً في هذه الأوقات فربما يصبح طفلاً كسولاً أو لديه مخاوف أو عقدة أو اكتئاب من أمرٍ مُعيّن؛ لأنّ الأصل أن يُعبّر الطفل عن مشاعره بأكثر من صورة، وبالطريقة التي يختارها".

وقال شبير:" إن الدلال هو عبارة عن سلوك، كما أنّ العطاء والحب هو أيضاً سلوك وإذا أَخَذَ الطفل هذه الجرعات بطريقةٍ صحيحة من الأم سوف يكون منضبطاً  والعكس، فالطفل إذا رأى شيئاً أمامه من أمه ومعلمه ومربيته يدلّه على الطريق الصحيح يكون هذا انضباطاً، لكن إنْ رأى أنه هو الأعلى والأقوى ولا قيود للوالدين والمعلم والمربي عليه هنا تبدأ عمليات التخريب النفسية.

وختم شبير حديثه بالقول:" أيتها الأم علّمي نفسك ودربيها على كيفية التحكم بالمصادر مع الأبناء، فالأم مع أبناء غيرها نجدها صبورة جداً ومع أبنائها عصبية، لذلك يجب أن يكون لديها متنفس فلا تتعامل مع أطفالها وهي غاضبة، لذلك حكّمي نفسك وانظري إلى أطفالك وحاجاتهم، تعاملي معهم بأسلوبٍ بين الحكمة والحنان فلا تكوني مرة حنونة قطعا،ً ومرة عاقلة قطعاً، لا تنفعلي في وقت لا يستحق العصبية، امزجي توجيهاتك بالحب والتوجيه والعطاء".

 

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
صحفية فلسطينية مقيمة في قطاع غزة، حاصلة على درجة البكالوريوس في الصحافة والاعلام من الجامعة الاسلامية بغزة عام 2011م، وكاتبة في موقع "بصائر" الإلكتروني، وصحيفة "الشباب" الصادرة شهرياً عن الكتلة الاسلامية في قطاع غزة. وعملت في العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية أبرزها صحيفة فلسطين، وصحيفة نور الاقتصادية، وصحيفة العربي الجديد.

شاهد أيضاً

طفلي بلغ السابعة.. كيف أبدأ بتعويده على أداء “الصلاة” ؟

مما ينعش قلب الأبوين أن يقف إلى جوارهما طفلهما الصغير في سنوات عمره الأولى وهو …