كتبت مقالاً منذ أيام للأزواج، رسمت لهم فيه خارطةَ الوصولِ للمثاليةِ وعَنْوَنته: "كيف تصبح زوجاً مثالياً".
لكنني ومع وقع المشكلاتِ الأسرية المتعددة، وسعياً للوصول بسفينةِ البيتِ لبرِ الأمانِ، كان لِزاماً أن يكون هناك مقالٌ للزوجة؛ فهي النصف الجميل، والقاسم المشترك في إدارة البيت بل والحياة، فهي الأم والأخت والزوجة والابنة، وقديماً قالوا: "المرأة نصف المجتمع" إن لم تكن أصلاً هي المجتمع كله.
لذلك سنحدد في هذا المقال الأسري خارطة للزوجةِ؛ من أجل الوصول للنموذجية، وفق الواقعية والحياة الطبيعية بعيداً عن الإفراطِ أو التفريطِ في التفاؤلِ والتشاؤمِ، وعليه فإن أبجديات هذه الخارطة هي:
1. طاعة الزوج
إننا اليوم -وبشكل يدعو للحزن- نجد الآلاف من حالات الطلاق في محاكم الأسرة لأسبابٍ لا تليق بالزوجة.
بل وأزيدك من الشعر بيتاً، فإن حالات الخلع أيضاً أكثر غرابة، ولأسباب غير سوية، وقد نشرت بعض الصحف منذ فترة عن امراة تريد الخلع من زوجها؛ لأنه لا يتفاعل مع منشوراتها في الفيس بوك، وأخرى تريد الخلع لأنه يأمرها أن تهتم بنظافة بيتها، وثالثة ورابعة... وكلها نتاج مفاسد مجتمعية طغت على السطحِ، وعليه فالزوجةِ المثاليةِ هي تلك المطيعة لزوجها، فالطاعة من علامةِ الخيريةِ لها، واجتناب ما نهي عنه؛ لما يؤثر على العلاقة بينهما، وكل هذا مرده الفهم السليم للحياةِ الأسريةِ والزوجيةِ، ولا شك أن الطاعة تُضيفُ لرصيد الزوجة في قلبِ زوجها، وتُعمقُ الرابطَ الرباني بينهما.
2. حفظ سر الزوج:
والمعنى واضح وجَلي، فلا تتحدث عن حياتِها سواء الخاصة أو العامة مع أحد ولو من أهلها، وقد نتغافل عن حديثها عن حياتهما من منظور إخباري لأجل الاطمئنان فقط، لكن تصديرُ الأوجاع والمصاعب، يحمّل الأهل همّا، وهو أمر يطعن في كرامةِ الزوجِ عاجلاً أو آجلاً، وكم من بيوت خربت وتفككت بسبب الثرثرةِ النسائيةِ التي تحدث ولا تدري أهي عادة في نساءِ هذا الزمن، أم فطرة، أم ماذا!
لكن في المجمل هي مُهلكة ومباعدة للقلوبِ، وعليه فالحذر أن تنزلق الزوجة لهذا الأمر حتى يصير عادة سيئة يَصعبُ التغلبُ عليها يوماً.
3. العاطفة
والعاطفة هي أساس المرأة، ومعيار قوتها وتَكمنُ قمةُ العاطفةِ في قلبها الحنون، وهذا نراه جلياً في تربيةِ الأبناء، لكن الحياة الزوجية تَستلزمُ عاطفةَ منْ نوعٍ آخر غير روتينية، عاطفة إبداعية تفتح كل آفاقِ التقاربِ والحبِ الدائم، وتجعلُ الحياةَ الأسريةَ منبعاً للسعادة، وتُجبر الزوجَ على المكوثِ في البيتِ أكبر مدة، وهذا ربما من شكاوى الأزواج هذه الأيام أن الزوجَ لا يُحبُ البقاء في البيت ويَتعللُ بالنزولِ للمقاهي أو لقاء أصحابه، ولا شك أن السبب الأول في هذا هو غياب الشعور بالراحة والأُلفة في بيته، وفي هذه النقطة تفاصيل كبيرة ومتعددة، لكنها كلها قابلة للزوال، بشرط فهم الزوجة للحياة الأسرية المُبدعة، والحياة الزوجية الاحترافيه وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
4. الاهتمام المزدوج:
والمعنى بشقين:
الشق الأول/ هو الاهتمام بزوجها، وتلبية متطلباته والعمل على راحته بالشكل الشمولي المتوافق مع أوامر الله ورسوله، ولا يَخرجُ عن الضوابطِ المعروفةِ في ذلك، لكنه يُضيفُ للبيت رونقه، ولقلب الزوج فرحة لا توصف، وتدلل على أن زوجته واعية مثقفة مطيعة، تُدركُ مالها وما عليها وهذا قمة الفهم.
الشق الثاني/ وهو الاهتمام بذاتها من جمالِ الهيئة، وسحر الابتسامة لزوجها، والتدلل إليه وله، وهذه أمور غاية في الأهمية خصوصاً مع تفشي المنكرات والماديات؛ فالزوج يَخرجُ لعمله مبكراً ولا يعود إلا ليلاً فيرى في الطرقات والمواصلات ما نعرفه جميعاً، ويقينا ليس بيننا يوسف، والعامل البشري له أوامره والنفس أمارة بالسوء إلا من رحم ربي.
ولذلك فعلى الزوجة أن تُعظمَ هذه النقطة، وتُقدرَ ميول زوجها، وتنجح دوماً في أن يكون لها محباً حريصاً عليها مبدياً إعجابه بها يوما بعد يوم، فخير النساء التي تسر زوجها إذا نظر إليها.
5. حسن التدبير:
من المعلوم أن الكثيرَ من الرجال يُعطون زوجاتهم الراتب الشهري ليسددوا الدينَ ويجلبوا ما يحتاجه البيت من مأكلٍ ومشربٍ ولشراء احتياجات الأطفال، ومن المعلوم أيضاً أن الغلاء طاحن ومؤثر بشكل يَجعلُ الوصول لنهاية الشهر دون ديون أمراً صعباً، وعليه فالزوجة المثالية هي التي تدير بيتها من جانب الإنفاق بشكل يريح الزوج، ولا يُشعره أنه يعملُ هباءً، وأن جُهده بلا طائل، وأن الحال سيئ، وفي طريقه للأسوأ، وألا تُشعره بأنها جلاد عليه؛ لكثرة طلباتها واحتياجاتها، فتلجئه للحرام أو انحراف سلوكه من أجل تلبية ما تريد؛ فهي زوجة سيئة مشؤومة وفراقها طوق نجاة.
6. الطموح:
وأهم من يظن أن الزوجةَ مكانها المطبخ فقط، وهذا جهل كبير؛ فالمراة قاتلت في الغزوات بجوار النبي الأكرم، وهنا قد يقولُ قائل: "إن فهم المرأة الصحابية غير فهم المرأة هذه الأيام" وقد يكون صواباً، لكن العقبة ليست في فهمها بقدر من يخدم على هذا الطموح، وإذا كان وراء كل رجل عظيم امرأة، فهذا شرف كبير للزوجة.
كذلك فمن علامات حب الزوج لزوجته أن يُغذي فيها الطموحَ، ويطور من طاقتها ولا يغلق عليها بدعوى تربية الأبناء وأعمال البيت - وإن كان هذا شيئاً نقبله - لكن الأساس أن تضيف المرأة لبيتها ومجتمعها، وتُعلي من حياتها وتطور من إمكاناتها، فضلاً عن سعيها للتعلم خصوصاً العلم الشرعي والفقه وحفظ القرآن، وعلى الزوج أن يذلل العقبات في سبيل الوصول لهذا الأمر وفق المتاح.
7. القناعة:
لقد ابتلينا في زماننا بالكثير من النساء اللواتي يَشكين سوء الأحوال والمتاعب، ونرى ذلك جلياً في حياتنا، بل ونسمعه في طرقاتنا؛ فالشكوى من الحياة والتمارض أحيانَا بل والسخط أصبح سمتاً للكثير من البيوت، وتلك آفة خطيرة تُهدد بنسف الترابط، وتعجل بالفتور بين الزوجين، لذلك فعلى الزوجة أن تكون بشوشة ودودة حامدة لربها، فالقليل الحلال خير من الكثير الحرام، المهم ألا تتحول هذه الشكوى للعبوس في وجه الزوج؛ لأن ذلك باب شر عظيم توابعه أشد شراً.
ختاماً...
نحن نسعى بشكل بسيط للرقي بقدرات الزوجين من خلال هذه الكتابات التي نسأل الله أن تكون إضافة حقيقية، مع علمنا أن الأمرَ أكبر من مقال يُنشر، والوصول للمثالية المتبادلة، تحتاج كتباً ومؤلفات لكننا نختصر الطريق، وفق الواقع بعيداً عن أحلام اليقظة والخيال العلمي.