في عصر يعج بالأفكار والعلوم والقنوات سواء الفضائية أو على موقع اليوتيوب، ومع رغبة الكثيرين في توصيل تلك العلوم والأفكار لأكبر قدر ممكن، تأتي أهمية إتقان فن الخطابة والتحدث، فلا يكفي أن يتغلب الإنسان على رهبة الحديث أمام جمع من الناس، بل عليه أن يمتلك آليات الحوار والحديث المُتقَن لكي ينجح في توصيل المعلومة من جهة، والتأثير على الناس الذين يحاورهم من جهة أخرى، وفي كتاب المتحدث الجيد يتحدث الدكتور عبد الكريم بكار بالتفصيل عن مفاهيم المتحدث الجيد والآليات التي عليه امتلاكها لتحقيق المراد من حديثه.
مع الكتاب:
يبدأ الدكتور بكار حديثه في أول فصل وهو بعنوان "البحث عن الجودة" عن كثرة المتحدثين في هذا الزمان والمهرة في العديد من المجالات، وأننا انتهينا من عصر السفر والترحال والبحث المستميت من أجل معلومة ما، وصار بإمكان الإنسان الوصول لآلاف الشروحات والأجوبة لأسئلته بضغطة زر واحدة حرفياً، ومن هنا بدأ الكاتب بالإشارة لأهمية اكتساب مهارة التحدث الجيد، وإليكم عرض لبعض فصول الكتاب والأفكار التي تناولتها:
ثقافة المتحدث:
ويتحدث فيه الكاتب عن أهمية عمق المتحدث علمياً لا اعتماده على جاذبية شخصيته أو خفة دمه، فالأصل من التحدث في المجالات الحياتية المختلفة في المنصات الإعلامية هو توصيل معلومة مفيدة في أقصر وقت ممكن وبأفضل طريقة للمستمع، لذا، نلاحظ من الإحصاءات والدراسات أنه ربما تكون أقصر الفيديوهات على اليوتيوب وأكثرها حشداً للمعلومات -في موضوع ما- هي من أكثرها مشاهدة ومتابعة من قبل الفئة المستهدفة، وكذلك فإنه يكثر مشاهدو ومستمعو الفيديوهات ذات المدة الزمنية الطويلة إذا ما احتوت على العلم المطلوب.
التلاؤم مع المستمع:
وهنا يتحدث الدكتور بكار عن أمر مهم للغاية وهو تأثير الكلام على المستمع، ويؤكد الكاتب أنه لا يمكن لأحد تخمين مدى التأثير الذي يحدثه المتكلم على قلوب وأسماع الناس، بيد أنه إذا كان مدركاً لأهدافه وخلفية مستمعيه الثقافية والنفسية، فإن احتمال حدوث الاستجابة المتوقعة من حديثه كبيرة، وإيصال الفائدة المرجوة أكبر.
إعداد الحديث:
ويشير الكاتب إلى جوهرية هذا الأمر ويؤكد كيف أن الكثير من المتحدثين في مجالات مختلفة يغدون حريصين على الإعداد والتحضير، ثم ومتى ما صار لهم جمهورهم، اعتمدوا على شهرتهم لا على علمهم والفائدة التي يحققونها والطريقة التي يعرضون بها ذلك العلم وتلك الفائدة، ومن هنا يشير الكاتب إلى أهمية الإعداد للمحاضرة أو الدرس الذي يقدمه بغض النظر عن كون الإنسان مخضرماً في مجاله ومتقناً لمهارة الحديث، فالإعداد والتحضير ببساطة قد يرفع من قيمة المحاضرة أو يُخفض منها.
وأخيراً، فإن توصيل العلم للناس يعد من أهم وأنبل الأعمال، بيد أنه غدا للأسف سبيل الكثيرين لطلب الشهرة بدلاً من تحقيق الغرض الأساسي وهو توصيل العلم وإفادة الناس، فعلى الإنسان الحذر كي لا يضيع منه أجر باقي الأثر في سبيل شهرة فانية.
مع المؤلف:
د. عبد الكريم بن محمد الحسن بكار أحد المؤلفين البارزين في مجالات التربية والفكر الإسلامي.
سوري من مواليد محافظة حمص عام 1951م.
تركزت مسيرته الأكاديمية على تدريس اللغويات والتي شملت مواد المعاجم اللغوية، دلالة الألفاظ، الأصوات اللغوية، اللهجات العربية، القراءات القرآنية واللهجات، وغيرها.
أسهم في وضع المناهج، والإشراف على البحوث، وتحكيم الدراسات العلمية في الجامعات التي عمل فيها.
عضو في المجلس التأسيسي للهيئة العالمية للإعلام الإسلامي التابعة لرابطة العالم الإسلامي.
يرأس الآن مجلس الشورى للملتقى الإسلامي السوري.
من مؤلفاته: نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي، ومن أجل انطلاقة حضارية شاملة دار المسلم، وتأسيس عقلية الطفل الرياض، ووجهتي في الحياة، والمتحدث الجيد، ورؤى ثقافية، وجدد عقلك.
بطاقة الكتاب:
العنوان: المتحدث الجيد: مفاهيم وآليات
المؤلف: د. عبد الكريم بكار
دار النشر: دار السلام.
عدد الصفحات: 226 صفحة.
