لحياة مهنية أفضل… الشهادات لا تغني عن تطوير الذات

الرئيسية » تحقيقات وحوارات خاصة » لحياة مهنية أفضل… الشهادات لا تغني عن تطوير الذات
list

نايف: حدد احتياجات وظيفتك وضع خطة للتطوّر

الرنتيسي: لا تناقض بين الثقة بالنفس ورؤية النقص

لكل جانب من الحياة مستلزمات نجاح خاصة، فالتفوق الدراسي يحتاج للعلم، بينما العلاقات الاجتماعية يلزمها مهارات في التواصل لا تغني عنها الشهادات العليا، وهكذا هي حياتنا؛ فليس العلم وحده ما يحتاجه الفرد للنجاح، ولكن فيما يتعلق بالعمل، هل يكفيه العلم فقط؟ أم تلزمه مهارات وصفات؟

النجاح الوظيفي يُبنى على مزيج من العلم والكفاءة والمهارات والصفات، أي أن الارتقاء في العمل يمرّ من خلال تطوير الشخصية.

وفق المتغيرات

تقول مدربة التنمية البشرية/ الدكتورة مي نايف: "لم تعد الشهادات الجامعية هي الشرط الأساسي في التوظيف؛ ففي مقابلات العمل ثمة مساحة كبيرة مخصصة لمعرفة شخصية المتقدم للعمل وما لديه من مهارات".

وتضيف: "ومن هنا، فإن تكوين الشخصية التي تتناسب مع العمل يجب أن يبدأ مبكراً، كأن يطوّر الطالب الجامعي في نفسه مهارات وصفات يرى أنه بحاجة إليها في المهنة التي سيعمل بها مستقبلاً؛ ليكون جاهزاً بعد التخرج"، متابعة: "مهما استعد، فإنه بعد الحصول على وظيفة سيجد جوانب أخرى بحاجة إلى أن يهتم بها؛ فلكل وظيفة خصوصيتها".

د. مي نايف: من أكبر الأخطاء التي يقع فيها بعض الناس، ظنّهم أنهم بلغوا أعلى درجة من العلم والمهارات، وأنهم لم يعودوا بحاجة للمزيد

وتواصل: "بعض جهات التشغيل تختار موظفين يتمتعون بالمهارات المطلوبة ولو كان هذا على حساب كفاءتهم، فيما جهات أخرى تفضل الموظف ذا الكفاءة الأعلى، ولكن بشرط أن يكون مستعداً لتطوير نفسه، ومدى استعداده لذلك يظهر خلال المقابلة الشخصية".

وتشير نايف إلى أن: "من أكبر الأخطاء التي يقع فيها بعض الناس، ظنّهم أنهم بلغوا أعلى درجة من العلم والمهارات، وأنهم لم يعودوا بحاجة للمزيد، فيما الحقيقة أن الفرد يمرّ بمراحل مختلفة في حياته، وكل مرحلة منها لها احتياجاتها من تطوير الذات ".

وتوضح: "التطوير يكون وفق المتغيرات التي تحصل في حياة الإنسان، ولو كان المتغير الجديد هو العمل، فهذا يعني أن التطوير يكون وفقاً لما يحتاجه العمل".

وتبين: "ندقق في العمل واحتياجاته، وننظر لما ينقصنا في هذا السياق، ثم نباشر بعملية التطوير، ومن أمثلة ذلك أن الوظيفة التي يكثر فيها التعامل مع الجمهور، تُوجب على من يشغلها أن يطور مهاراته في فهم الناس والتواصل معهم".

وتؤكد أن عدم الربط بين تطوير الذات ومجال العمل يؤدي إلى غياب "حب المهنة"، ولهذا تبعات كثيرة تنعكس على الأداء والراحة النفسية.

وتلفت إلى أن بعض صفات الشخصية تخدم صاحبها في عمله، وتزيد فرصه في الارتقاء، لكن هذا لا يحصل دوماً؛ فمثلاً لا يمكان اختيار شخص مبدع لوظيفة روتينية، فالقاعدة هي وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.

أما الصفات السلبية، فهي تنعكس على صاحبها في عمله، ولذا عليه تقويم نفسه، بحسب نايف.

وتلفت إلى أن: "من أبرز تلك الصفات: التشاؤم، الخوف، العناد، الغيبة، النفاق، انعدام الجدية، اللامبالاة، عدم التحلي بروح المبادرة، السلبية في التفكير، الفضول، وعدم الثقة بالنفس".

أما فيما يتعلق بالعيوب وجوانب النقص، وكيف يراها الفرد لكي يشرع في تعديلها؟ تجيب نايف: "الإنسان الواعي بدرجة عالية والمدرك لحاجات وظيفته، فور التحاقه بالعمل يبدأ بتفقّد نفسه؛ ليحدد ما لديه وما ينقصه، ومن ثم يضع خطة تجعله أكثر كفاءة وفقاً للسوق العالمي وليس للمؤسسة التي يعمل بها فقط ".

وتوضح: "في حال لم يتمكن من تحديد ما ينقصه، فمن الجيد استشارة معارفه، وهذا يتطلب أن يكون رحب الصدر، مرناً، متقبلاً النقد ولو جاءه من عدو، ويفيده أن ينظر للمميزين في مجال عمله ليعرف ما جعلهم كذلك".

وعمّا إذا كان تطوير جوانب الشخصية اللازمة للعمل أكثر أهمية من تلك التي يحتاجها الإنسان في حياته بشكل عام، تقول نايف: "إن الأمر يعود لأولويات الشخص، وأهدافه، مع ضرورة الموازنة بين الحياة الشخصية والمهنية، ومع الأخذ بعين الاعتبار أن التطور في العمل سينعكس على الحياة الشخصية للفرد، نتيجة لما حققه العمل من الراحة النفسية والنجاح والثقة بالنفس والدخل الجيد .

"التركيز" لنتائج أفضل

من جانبه، يقول مدرب التنمية البشرية/ محمد الرنتيسي: "إن تطوير الشخصية أساس مهم جداً في التطور الوظيفي؛ لأن لكل وظيفة مهارات تتميز بها، ما يحتّم على الفرد تطوير المسار الوظيفي، بمعنى ما يراه في نفسه في المستقبل".

محمد الرنتيسي: يجب أن يعرف الفرد حجمه الطبيعي، فلا يعطي نفسه أكبر من حجمه، أي ينظر بواقعية لصفاته ومهاراته، وبذلك يفتح المجال للتطوير

ويضيف: "من يفكر بهذه الطريقة سيرى الفجوة بين ما هو عليه الآن وما يجب أن يكون عليه مستقبلا، ومن ثم يمكنه وضع خطة لتطوير نفسه، ليصبح باستطاعته الوصول لما يطمح له في الوقت المناسب".

ويتابع: "لا تناقض بين الثقة بالنفس ورؤية النقص، فتطوير الذات يوجب على الإنسان أن يرى نفسه بوضوح ليحدد مواضع الخلل ويقوّمها".

ويواصل: "يجب أن يعرف الفرد حجمه الطبيعي، فلا يعطي نفسه أكبر من حجمه، أي ينظر بواقعية لصفاته ومهاراته، وبذلك يفتح المجال للتطوير، بينما من يرى نفسه دوماً متميزاً بلا عيوب، لن يتمكن من تطوير نفسه ".

ويلفت إلى أن معرفة الشخص لنفسه بدقة من أهم الصفات التي تساعده على النجاح في عمله، بالإضافة إلى الثقة بالنفس شريطة ألا تمنعه عن رؤية نقاط الخلل، ومن المهم أن يكون سمّاعاً للنقد البناء ومتقبلاً للنصائح.

وينصح الرنتيسي الراغبين بتطوير أنفسهم في وظائفهم بـ"التركيز"، فليس كل تطوير ينعكس على العمل.

ويوضح: "ثمّة أولويات في كل جوانب حياتنا، ومن ذلك العمل، فلكل وظيفة مهارات محددة تلزمها، لذا فالالتحاق بالكثير من الدورات وحضور العديد من الندوات لن يفيد صاحبه شيئاً ما لم يكن ما يحضره مناسباً لاحتياجاته الوظيفية".

ويبين أن طبيعة الشخصية تنعكس على أداء الموظف وراحته في عمله، فعلى سبيل المثال الشخص الإيجابي يتخذ قرارات إيجابية مهما كانت التحديات في بيئة العمل .

ويشدد الرنتيسي على أنه في حال عدم بلوغ الأهداف المطلوبة بعد تطوير الذات، يجب ألا يشعر الفرد بالإحباط؛ فالمهم أن يبذل الواحد منّا جهده، ولاحقاً ستظهر النتائج مهما تأخرت.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
صحفية فلسطينية من غزة، حاصلة على درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من الجامعة الإسلامية، تكتب في عدد من المواقع المحلية والعربية

شاهد أيضاً

طفلي بلغ السابعة.. كيف أبدأ بتعويده على أداء “الصلاة” ؟

مما ينعش قلب الأبوين أن يقف إلى جوارهما طفلهما الصغير في سنوات عمره الأولى وهو …