منشدو الكمال… 6 عقبات في سبيل التخلص من هذا التفكير

الرئيسية » بصائر تربوية » منشدو الكمال… 6 عقبات في سبيل التخلص من هذا التفكير
perfection1

عادة ما يؤجل منشدو الكمال والتمام في الأمور فعل الكثير من الأشياء وتحقيق العديد من الإنجازات؛ لخوفهم من وجود عيب ما، وينسون حقيقة أنه لا ينبغي السعي للكمال، فإن أردنا السعي فالوصول إليه أمر مستحيل، ورغم استيعاب الكثيرين من مريدي الكمال لذلك، فتظل هناك بعض العقبات التي تمنعهم من المضي قدماً وتحقيق ما يريدون، وإليكم أبرز سِتِّ منها:

1- التزامه يجب أن يغدو مثالياً، وإن لم يكن فإنه يشعر بالعار:

فمنشد الكمال يرغب في ضمان نجاح الأمر حتى قبل البدء فيه، ويخشى من وجود أية نسبة للفشل ، فمثلاً إذا أراد إرسال كتاب للنشر وقد راجعه ونقحه عدة مرات، فتراه يخشى الرفض أو اكتشاف عيب ما، ولذلك ترى مريدي الكمال هؤلاء يتأخرون في التقدم وإنجاز الكثير من الأمور، لا في نقص في قدراتهم وتفكيرهم، ولكن بسبب رغبتهم في أن يكون كل شيء يؤدونه مثالياً وخالٍ من العيوب!

وبالتالي فحين يأتي في عيادتي المرضى من هذا النوع يكون تغيير هذه الطباع صعباً ويأخذ وقتاً، سيما وأن منشدي الكمال يتصفون بارتفاع مستوى إنتاجيتهم في العمل، وعدم تخصيص الكافي واللازم لأنفسهم.

2- البدء بهدف يصعب تحقيقه:

في فترة العلاج، يبدأ الكثيرون من منشدي الكمال باختيار أهداف صعبة لا تتناسب وحالتهم النفسية، ثم يرغبون في تحقيقها خلال مدة قصيرة ، فمثلاً يكون بعض هؤلاء منطوياً ومنغلقاً على نفسه، ثم يقرر أنه سيبدأ في تكوين علاقات جديدة أو توطيد علاقته مع أحد أصدقائه أو معارفه، وحين يبدأ بالفعل في عملية البحث يجد نفسه لا يثق في معظم من يعرفهم، للدرجة التي يتمكن فيها من الحديث عن نفسه، ولكن بدلاً من اعترافه بصعوبة وتحديات ذلك الأمر، تجده يرفض الفكرة ويُوجِدُ العيب في نفسه، لذا، إن كنت من مريدي الكمال وأردت التغيير فابدأ بأهداف بسيطة ومنطقية وسهلة التنفيذ.

إن كنت من مريدي الكمال وأردت التغيير فابدأ بأهداف بسيطة ومنطقية وسهلة التنفيذ

3- لا يطلب المساعدة حين يحتاجها:

فمثلاً، قد يطلب المعالج النفسي من المريض البدء في التركيز على مشاعره في الفترة القادمة، وهذا يعتبر تحد كبير بالنسبة لمريدي الكمال لأنهم عادة ما يكونون منشغلين بالإنجاز والإنتاجية ولا يركزون على رغباتهم أو مشاعرهم، ثم يحاول بالفعل فعل ذلك الأمر، ولكنه يجد صعوبة في تنفيذه، وبدلاً من طلب المساعدة يتجاهل الأمر برمته؛ لعدم قدرته على طلب العون، والحقيقة أنه من المتعارف عليه علمياً أن مريدي الكمال يجدون مشكلة في الإحساس بالمشاعر، بسبب رغبتهم في عمل كل شيء بأنفسهم واعتمادهم الكبير عليها، فهم يمكنهم الكتابة والتعبير عن مشاعرهم شفاهة، ولكن الإحساس بها هو العائق الرئيس.

كذلك عليهم الوضع في الاعتبار أن طلب المساعدة هو جزء من عملية الخروج من شرنقة الكمال ، فجعل الآخرين يقومون ببعض الأعمال سيساعد من تخفيف الضغط عليه جسدياً ونفسياً وإن كان على المدى البعيد؛ لأنه قد يجد في البداية صعوبة في إسناد الأعمال للآخرين وإن كان مدركاً لمدى إتقانهم لها.

من المتعارف عليه علمياً أن مريدي الكمال يجدون مشكلة في الإحساس بالمشاعر، بسبب رغبتهم في عمل كل شيء بأنفسهم واعتمادهم الكبير عليها

4- تخليه عما اعتاد عليه سيزيد من مشاعر الضغط والتوتر:

وقطعاً فإن ذلك التغيير الإيجابي سيجلب مشاعر التوتر والضغط؛ لأن مريد الكمال يؤدي أمورا ليست من طبيعته ولم يعتد فعلها، وهذا لا يعني كونها خطأ، وإنما يأخذ الإنسان فترة للتعود في أية عملية تغيير وتطوير ذاتي، كما سيساعد هذا التغيير والاستجابة لمساعدة الآخرين في تحريك المشاعر بداخله من قلق وتوتر وغضب، وسيجعله قادراً على مواجهة مشاعره عوضاً عن تجاهلها.

5- الضغط قد يزيد من مشاعر القلق، والرغبة في فرض السيطرة:

قد يعاني بعض مريدي الكمال من أمراض نفسية أخرى كالقلق أو الوسواس القهري، وقد يرغب المريض في التخلص من القلق أو الهوس من خلال نوع آخر من الإدمان المؤذي سواء كان للكحول أو التسوق أو مشاهدة الأفلام باستمرار... إلخ، وقد يزداد هذا الضغط أو القلق أو الهوس حين تبدأ فترة العلاج، فعلى المريض الحرص على الاستمرار في عملية التدواي والبدء في التعبير عن مشاعره التي حَرَصَ على كبتها سابقاً.

6- عدم تقبل البعض لتغيير مريد الكمال:

إن مريدي الكمال كما سبق الذكر عادة ما يرغبون في القيام بكل الأمور بأنفسهم، وكذلك يعتنون بالآخرين بشكل ممتاز، وعادة ما يكون الشخص الذي يتجاهلون الاهتمام به هو أنفسهم، للدرجة التي يتجاهلون فيها التعبير عن مشاعرهم كما سلف الذكر، وبالتالي حين يرغب الشخص بالتغيير فلا ريب أن هذا التغيير سيؤثر على الآخرين من حوله، وستكون هناك الكثير من الاعتراضات والنقد، فعلى المريض عدم الالتفات إليها والقيام بما هو صحيح ومناسب ويرضي ضميره، ولا بأس في مناقشة الأمر مع المقربين والمتأثرين بالقرار لمساعدتهم على تقبل الوضع وتفهمه ومد يد العون.

إن الرغبة في إتقان العمل والاعتماد على النفس لا ريب من الصفات الحميدة والطيبة، بيد أن معظم الأمور إن زادت عن حدها انقلبت إلى ضدها وإن كان أصلها خيراً، فاحرص على إتقان عملك في غير غُلُو، والاعتماد على نفسك دون إثقال.

معلومات الموضوع

مراجع ومصادر

  • https://www.psychologytoday.com/intl/blog/perfectly-hidden-depression/202001/why-is-it-so-hard-change-perfectionism-six-basic-hurdles
اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومترجمة من مصر، مهتمة بقضايا التعليم والأسرة والتطوير الذاتي

شاهد أيضاً

الصيام بوابة المغفرة: كيف نجعله شفيعًا لنا يوم القيامة؟

يتعامل الإنسان مع المهام الدنيوية بإحساس بالمسؤولية، فلا يجد راحة حقيقية حتى يؤديها على أكمل …