صعوبات التعلم لا تعني نهاية مشوار الطفل مع الدراسة والتعليم؛ لأن بإمكان المربي إرشاد ومساعدة الأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم؛ لتمكينهم من قدراتهم الفردية الخاصة بوساطة لغة مختلفة، وطرائق تعليم خاصة .
في مقال للدكتورة/ ريبيكا برانستيتر -الطبيبة النفسية، وصاحبة مؤلفات مهمة لمساعدة المرشدين النفسيين في المدارس العامة؛ ليكونوا أكثر فاعلية وقدرة على تمكين الطلبة، وحل مشكلاتهم، وإعانة العائلات على تنشئة أطفالهم بصحة نفسية جيدة- تقول:
"قابلت الطفلة (داون - 8 أعوام) بهدف رفع تقديرها لذاتها أكاديمياً وعقلياً، ولكن الطفلة كانت لا تستطيع التعبير عن مشكلتها، شرحت لها كيف أن دماغها تعمل مع الصور وتتفاعل معها أكثر من تفاعلها مع الكلمات، كما أخبرتها بأن نقطة القوة لديها هي بصرية بامتياز، وحين احتجت إلى التأكيد طلبت منها ممارسة تمارين دماغية -تحت إشرافي- ثم أخبرتها بأنها تعاني من شيء يسمى "عسر القراءة" تفاعلت الطفلة معي بإيجاب وفرح، وقفزت فوق كرسيّها مبتسمة بسعادة، وقد صرخت: "نعم" رافعة علامة الانتصار.
استغربت تصرف الطفلة، إلا أنني علمت منها فيما بعد أن أخاها كان يعاني من عسر القراءة أيضاً، وقد أخبرها بأن معرفته بالمشكلة التي لديه جعلته يتخلص من شعوره بالغباء، ثم عقّبت: "هذا يعني أنني لست غبية".
اقرأ أيضاً: لماذا يجب على الوالدين اكتشاف مناطق التميز لدى أطفالهم في مرحلة مبكّرة؟
المشكلة الحقيقية أن الطفلة (داون) والكثيرين ممن مثلها يُنظر إليهم على أساس أنهم أغبياء، وتلك نظرة ظالمة فعلاً؛ لأن حقيقة الأمر أن صعوبة التعلم بالطرق العادية لا تعني أن الطفل غبيٌّ، إنما لديه قدرات فردية لم تكتشف بعد، وقد يحتاج إلى وسيلة تعليمية مساندة.
في قصة الطفلة (داون) وأخيها، كان يمكن أن يكتب عليهما أن يظلا دوماً خلف أقرانهما لمجرد أنهما يعانيان من عسر القراءة، أو لا يستطيعان الالتحاق ببرامج تعليمية أعلى مستوى؛ لأنها مكلفة، فهل ذلك الأمر منطقيّ؟ بالطبع لا".
ماذا نعني بصعوبات التعلم؟
صعوبات التعلم -حسب تعريف جمعية الأطفال والكبار ذوي صعوبات التعلم- هي حالة مستمرة -ويفترض أن تكون- ناتجة عن عوامل عصبية تتدخل في نمو القدرات اللفظية وغير اللفظية، وتوجد صعوبات التعلم كحالة إعاقة واضحة مع وجود قدرة عقلية عادية إلى فوق العادية، وأنظمة حسية حركية متكاملة وفرص تعليم كافية ، وتتنوع هذه الحالة في درجة ظهورها وفي درجة شدتها، وتؤثر -خلال حياة الفرد- على تقدير الذات، التربية، المهنة، التكيّف الاجتماعي، وفي أنشطة الحياة اليومية.
صعوبات التعلم هي حالة مستمرة ناتجة عن عوامل عصبية تتدخل في نمو القدرات اللفظية وغير اللفظية
وصعوبات التعلم نوعان: أكاديمية، ونمائية:
فصعوبات التعلم النمائية تتعلق بنمو القدرات العقلية وتطور العمليات المسؤولة عن التوافق الشخصي والدراسي والمهني والاجتماعي للمتعلم، وتشمل: صعوبات حل المشاكل، صعوبات الإدراك، صعوبات الذاكرة، صعوبات الانتباه، صعوبات التفكير.
أما صعوبات التعلم الأكاديمية فتنشأ كنتيجة أو محصّلة لصعوبات التعلم النمائية، وتشمل: صعوبات القراءة، صعوبات الكتابة، صعوبات الحساب.
اقرأ أيضاً: “لاءات” تربوية: لا تقارنوا أبناءكم بغيرهم
فيما يلي بعض النصائح التي تقدمها الطبيبة النفسية الدكتورة/ ريبيكا برانستيتر، والمدعومة بدراسات وأبحاث، تساعد على تقليل الأثر السلبي النفسي للطلبة الذين يعانون من صعوبات في التعلم، وتمكّنهم من قدراتهم الفردية.
أولاً/ ابتعد عن التصنيفات
يؤثر تصنيف الطفل - بالمعاق أو الذي يعاني من صعوبات التعلم - سلباً على نفسيته وتحصيله أيضاً
يؤثر تصنيف الطفل -بالمعاق أو الذي يعاني من صعوبات التعلم- سلباً على نفسيته وتحصيله أيضاً، ولذلك فإن عدداً من الباحثين وضعوا ثلاثة مقترحات للمربين إذا احتاجوا إلى استخدام التصنيف:
1. إذا اضطررت لاستخدام التصنيف، برر للطفل سبب استخدامه، قل مثلاً: نحن نمنحك ذلك المسمى؛ لأننا نحتاج أن نفهم ما هي الصعوبة لديك، ولكي نحدد الطريقة الأمثل لإيصال المعلومة إليك، لكننا عموماً نركز على قدراتك وليس على التصنيف.
2. استخدم لغة لطيفة تركز فيها على المشكلة وتتعاطف مع الطفل وليس العكس، قل مثلاً: طالب يعاني من عُسْر القراءة، ولا تقل: طالبٌ عَسِرُ القراءة.
3. إذا كنت تتعامل مع أطفال أصغر سناً، استخدم وصفاً ألطف وألطف، قل مثلاً: اختلافات التعلم، بدلاً من: اضطرابات التعلم، أو عسر القراءة الشديد.
باستخدام لغة أكثر لطفاً، سوف تساهم في تسهيل مهمة التعاطي مع صعوبة التعلم لدى الطفل، وتشعر الآخرين بالانسجام معه .اقرأ أيضاً: 6 مفاتيح إرشادية، تساعد على اكتشاف القدرات الفردية
في مقال قادم نستكمل بقية المقترحات الثلاثة.
كتب ذات صلة بالموضوع
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- https://greatergood.berkeley.edu/article/item/how_to_help_students_with_learning_disabilities_focus_on_their_strengths