وقفات على هامش انتشار فايروس كورونا (2-2)

الرئيسية » خواطر تربوية » وقفات على هامش انتشار فايروس كورونا (2-2)
corona-virus-getty

بعد المقال السابق عن فيروس كورونا -ونظراً لخطورة الحالة العالمية التي نعيشها- ولأن الناس ما عادوا يتحدثون إلا عن الكورونا وتأثيراته العالمية وانتشاره السريع والهلع منه، فقد أردنا أن نكمل المقال السابق ببعض العناوين الأخرى على هامش القضية.

1. الأمر أكبر من كونه مجرد فيروس:

كثيرة هي الرؤى التي تقول: إن الذي يحدث الآن في العالم هو أمر أكبر من مجرد فيروس.

فكيف ينتشر فيروس إلى هذا الحد في كل أرجاء العالم، والمتتبع للخريطة التي تنشرها وسائل الإعلام عن انتشار الفيروس سيجد أنه لم يترك -تقريباً- دولة واحدة تنجو منه، وأصبح انتشاره في الكثير من دول العالم انتشاراً سريعاً، وقد أصبح اللون الأحمر الغامق الذي يشير في الخريطة للأماكن التي ينتشر فيها الفيروس بشكل جائح يظلل أغلب الكرة الأرضية.

هناك وجهات نظر تقول: إن الأمر عبارة عن اختبارات كيمائية وبيولوجية لأسلحة الحروب الكيميائية والبيولوجية، وأنه إما أن يكون الأمر نشراً مقصوداً للفيروس من قبل أجهزة الحروب ومختبراتها في بعض الدول، أو أن الأمر اختبارات من هذه الأجهزة ومختبراتها، وقد خرجت هذه الاختبارات عن السيطرة، فأصبح الأمر وباءً يلف العالم كله.

لا يوجد شيء مقطوعٌ به في المسألة، ولا شيء مستبعدٌ كذلك.

2. الشيطان الذي يحكم الأرض ويُسخر الإنسان لتدمير حياته:

كنت في زيارة ذات مرة لدار نشر لتوقيع عقد معها لنشر رواية لي، وفي نهاية المقابلة، أهداني مدير الدار كتاباً بعنوان (أنثى الشيطان)، فقرأته كله من أوله لآخره وأنا في الطريق إلى المنزل، وقد هالني ما فيه من معلومات.

والكتاب يتحدث عن فكرة عبادة أنثى الشيطان، والتي يجتمع عبّادها في تجمعات سرية، ينتظم فيها كثير من قيادات العالم الغربية والأمريكية، ويشكلون ما يشبه مجلساً لقيادة العالم والتحكم فيه، وأن كل أحداث العالم الكبرى من الحروب والأوبئة والجوائح لا تمر إلا من تحت أيديهم ولا تكون إلا بتدبيرهم وقصدهم لأهداف بعيدة وقريبة، وأن الماسونية والروتاري وغيرها ما هي إلا أدوات تستخدمها هذه المجموعات السرية لتحقيق أغراضها.

وقد وجدت من بعد ذلك الكثير من وسائل الإعلام، والكثير من أهل الرأي والمقالة، يتحدثون حول الأمر، ويُفيضون فيه.

وشاهدت أخيراً فيلماً بالرسوم المتحركة (الماعز الأليف) لمخرج غربي، يتحدث عمّا يشبه ذلك، وفيه الكثير من المعلومات والألغاز والافتراضات، وقد أحدث الفيلم هزة كبيرة حين عرضه، وقيل إن هذه المجموعات السرية هي التي تقف وراء إنتاج الفيلم للإشارة إليها وإلى سيطرتها على العالم، وقيل كذلك إنه محاولة من صانعيه للتحذير من هؤلاء وأفعالهم.

لا شيء مقطوعٌ به في هذه المسألة أيضاً، ولا شيء مستبعد كذلك.

3. كيف يعيش الملحدون في هذه الحياة المخيفة بغير إله:

في مثل هذه الخطوب والملمات، أتذكر دائماً الملحدين واللادينيين، وأتساءل: كيف يعيش هؤلاء في مثل هذه الضغوط الهائلة من غير إله يلجؤون إليه ويتوكلون عليه ويستغيثون به.

لي صديق ملحد، لم أكن أناقشه إلا وأوجه إليه السؤال مستغرباً: كيف تطيق الحياة في هذه الدنيا بغير إله!

وكان أحد الدعاة المشاهير يقول: إن أعظم نعمة أنعم بها الله علينا هي وجوده.

العالم كله الآن في رعب وهلع، ولا ملجأ لهم إلا إلى الله، وإن لم يُغثهم.

فبمجرد أن يدعو المؤمن الله أن يغيثه ويلطف به، يحس حينها أنه وضع قضيته في يدٍ أمينة قادرة، وأنها ستقدر له الخير على أي حال، إما لطف وعافية، وإما جزاء وجنة، نسأل الله اللطف والعافية والجزاء والجنة معاً:

أقول في قصيدة لي بعنوان (لولاك يا إلهي)

لولا وجودك يا إلهي * ما وجدت ولا بقيت

لولاك ما كان اصطباري * في لظى العيش المقيت

لولاك ما كان الأمل * لولاك ما مُدّ الأجل

ولكنت أنهيت الحياة * بطعنة اليأس المميت

تأتي الهموم كأنها * الأمواج تترى عاتية

تتحطمن أمامها * قطع الصمود الباقية

لكن وإن تطغى الهموم * وتزيد في الأفق الغيوم

سيظل لطفك يمتطي * ظهر الخطوب العادة

4. العرب والمسلمون وتخلف البحث العلمي:

في كل يوم نقوم من نومنا ونحن نأمل أن تعلن دولة من الدول التوصل لعلاج لهذا الفيروس الجائح، ولا ننتظر ذلك بالطبع إلا من الدول الأجنبية غير العربية وغير المسلمة.

فالعرب والمسلمون متخلفون في نواحي الحياة عموماً عن ركب زمانهم إلى حد بعيد، ومتخلفون في البحث العلمي ومعامله إلى أبعد حد ممكن.

ويكفي أن نؤكد كل حين على أن ميزانية البحث العلمي لدولة الكيان الصهيوني تزيد عن مجموع ميزانيات البحث العلمي في البلاد العربية مجتمعة.

وفي الوقت الذي تبخل فيه البلاد العربية وأنظمتها عن الإنفاق على البحث العلمي ومعامله وباحثيه، تنفق في مقابل ذلك على قصور رؤسائها وأجهزتهم العسكرية والأمنية القمعية، وعلى بناء عشرات السجون والمعتقلات التي تعتقل فيها المعارضين، وعلى وسائل الترفيه التي تعينها على تغييب شعوبها لإبقائهم تحت السيطرة في مجاهلها يعمهون.

5. لسنا في نهاية العالم:

كلما فجعت الناس فاجعة قالوا: نحن في نهاية العالم.

والحقيقة التي أراها وأظنها ظناً يصل لليقين عندي: أننا لسنا في نهاية العالم، إذا كان المقصود بنهاية العالم هنا سنوات نهايته أو عقد نهايته أو قرن نهايته.

أظن ظناً يقترب من اليقين عندي أننا ما يزال بيننا وبين نهاية العالم مئات السنوات.

لقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه: "بعثت أنا والساعة كهاتين" ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى.

ومضت الحياة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- لألف وخمسمائة عام، ولو مضت لألف وخمسمائة عام أخرى لما كذب الحديث، فإن كان بين النبي وبين القيامة ثلاثة آلاف عام مثلاً، فهي زمن قليل جداً مقارنة بالأزمنة الطويلة التي عاشها الإنسان قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- والتي تقدر في بعض تقديراتها بمئات الآلاف، أو على أقل تقديراتها عشرات الآلاف من السنوات، وعمر الحياة قبل الإنسان الأول تقدر بملايين السنوات.

فلما جاء النبي كان مجيئه كما أخبر من علامات قرب يوم القيامة، ويحتمل ذلك أن تكون القيامة بعده بآلاف السنوات.

وما زال في جعبة الحياة الكثير والكثير كما أظن!

والخلاصة في هذه النقطة: أننا كمسلمين، يجب علينا ألا ننظر للقيامة كبعبعٍ مخيفٍ مقعدٍ، نستدعيه ونتوهمه عند كل بليةٍ ومصيبةٍ لنبرر به قعودنا وعجزنا عن مواجهة الخطوب والفاعلية معها.

6. الأخذ بالسبب مع التوكل على الله:

هناك البعض من المؤمنين بالله، المرتبطين به ارتباطاً وثيقاً، يتوكلون عليه في كل أمورهم، توكلاً يصل في بعض الأحيان إلى الخلل، الذي يقعدهم عن الأخذ بالأسباب، وهذا مما لا يحبه الله ولا يرضاه.

فعندما تقول لبعضهم: يجب أن نلتزم بيوتنا، يقولون: توكّلوا على الله واخرجوا، ولا يضركم شيء.

وعندما تقول لهم: يجب أن نُعلّق الصلاة في المساجد خوفاً من العدوى، يقولون: سنذهب لبيوت الله لنصلي متوكلين عليه.

ولا يعرف هؤلاء أن ما يقولونه مخالفٌ للتوكل الحق على الله، فأول ما في التوكل الحق أن يأخذ المتوكل بالأسباب، ويجتهد فيها، ثم يكون بعد آخر اجتهاده توكله الحقيقي على الله، وغير ذلك تواكل وعجز وجهل لا يرضاه الله ولا يحبه.
وقد شرع الله منع صلاة الجماعاتِ والجوامعِ والجُمَع للضرورات والملمات، ومنها بالطبع الأوبئة والجوائح التي نحن بصددها.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب وشاعر وروائي مصري، مهتم بالفكر الإسلامي والحركة الإسلامية

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …