(أكثر الشخصيات تأثيراً في التاريخ الإنساني) هو عنوان كتاب ألفه الغربي مايكل هارت، وترجمه إلى العربية الكاتب والصحفي المصري أنيس منصور.
مع الكتاب:
الخالدون المائة: الاسم الأصلي للكتاب: المائة: ترتيب أكثر الشخصيات تأثيراً في التاريخ، (بالإنجليزية: The 100: A Ranking of the Most Influential Persons in History) كتاب من تأليف مايكل هارت وهو عبارة عن قائمة احتوت على أسماء مائة شخص رتبهم الكاتب حسب معايير معينة بمدى تأثيرهم في التاريخ، وضمت القائمة على رأسها اسم النبي محمد ويسوع وموسى، كما ضمت أسماء مؤسسي الديانات أو مبتكري أبرز الاختراعات التي غيرت مسار التاريخ مثل مخترع الطائرة أو آلة الطباعة، وأيضاً قادة الفكر وغيرهم.
اتبع أسساً محددة في ترتيب الشخصيات ووضع شروط لاختيارها منها: أن تكون الشخصية حقيقية عاشت فعلاً، وأن تكون الشخصية غير مجهولة، فهناك مجهولون عباقرة مثل أول من اخترع الكتابة لكنه مجهول، وأن يكون الشخص عميق الأثر وأن يكون له تأثير عالمي وليس إقليمياً فقط، بالإضافة إلى أنه استبعد كل من كان على قيد الحياة.
في نقد الكتاب:
الاسم الحقيقي للكتاب الذي وضعه له مؤلفه الغربي مايكل هارت هو (أكثر الشخصيات تأثيراً في التاريخ) وهو الترجمة الحرفية للعنوان الأصلي الإنجليزي (The 100: A Ranking of the Most Influential Persons in History))
لكن المترجم العربي (أنيس منصور) حرّف العنوان إلى (الخالدون المائة: أعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم) وهذه ترجمة غير دقيقة ولا أمينة للعنوان الحقيقي، فالكاتب لم يقصد في كتابه ذكر أعظم الشخصيات في التاريخ الإنساني، ولو كان لما ذكر في الكتاب إلا العظماء من ناحية الخير والصلاح، ولكنه قصد في كتابه ذكر أكثر الشخصيات تأثيراً في التاريخ، سواء كان تأثيرهم هذا بالخير أو بالشر، وبالإصلاح أو بالإفساد، المهم أن يتوفر في عملهم وسيرتهم التأثير الكبير على الحياة والتاريخ.
ومايكل هارت نفسه يقول في هذه بالنص "عليَّ أن أؤكد أن هذه لائحة لأكثر الناس تأثيراً في التاريخ وليست لائحة للعظماء، مثلاً يُوجد مكان في لائحتي لرجل مؤثر بدرجة كبيرة وشرير وبدون قلب مثل ستالين، ولا يُوجد مكان للقديسة الأم كابريني".
وهذا العنوان الذي ذكره مايكل هارت لا يمثل عنواناً للكتاب فقط، وإنما يمثل المنهجية التي بني عليها الكتاب، وقد كان لزاماً على المترجم أن يلتزم بحرفية العنوان، تأكيداً على منهجية المؤلِّفِ في مؤلَّفَه.
المترجم العربي ذكر في مقدمته أنه لم يلتزم حرفياً بما كتبه المؤلف الغربي، وهذه في رأيي مشكلة رئيسة من مشاكل الترجمة؛ فالمدرسة القائمة في الترجمة والنقل على الالتزام الحرفي بما يُترجم هي -في رأيي- المدرسة الأصدق والآمن في الترجمة من لغة للغة، وليس دور المترجم إلا أن يبحث عن أقرب لفظ في اللغة التي يُترجم إليها لمعنى اللفظ في اللغة التي يُترجم منها، أما أن يذهب بالمعنى إلى ما يريده هو، لا إلى ما يريده المؤلف، فهذا من الكذب والتقول على المؤلف بما لم يقله.
وعندما نقرأ هذا الكتاب، ونتجول بين عناوينه وشخوصه، ثم بين جمله وكلماته، نتوقف كثيراً للسؤال: هل هذه الجملة من تعبير المؤلف، أم من وضع المترجم؟ ومثال على ذلك: في الصفحات الأولى التي تتحدث عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- نجد ثناءً كبيراً، يصل في بعض الأحيان إلى ما يوحي بالتصديق بنبوته صلى الله عليه وسلم، ولا ندري إن كان هذا التصديق من المؤلف وهو مؤلف غربي مسيحي، يقوم دينه في الأساس على الاعتقاد بكذب النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وادعائه، والاعتقاد بأن عيسى هو آخر رسل الدنيا، وأنه ابن الإله الذي نزل في نهاية سلسلة المرسلين المتتابعين، حتى يُصلب على الصليب، ويفدي البشرية بنفسه، وتكون من بعده المسيحية الخالدة إلى يوم القيامة، والخلاص الأبدي للشعب المسيحي، لذا هل كان المؤلف مصدقاً بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم؟، هذا سؤال لا نستطيع الإجابة عنه في ظل ترجمة غير أمينة ولا دقيقة.
ونرى أن المؤلف الغربي قد حاول أن يكون نزيها في اختياراته بعيداً عن أي تعصب ديني أو معتقدي؛ فقد أتى بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في بداية القائمة، وقدمه على عيسى عليه السلام، وقال في ذلك: "المثال الملفت للنظر هو ترتيبي لمحمد أعلى من المسيح؛ ذلك لاعتقادي أن محمداً كان له تأثير شخصي في تشكيل الديانة الإسلامية أكثر من التأثير الذي كان للمسيح في تشكيل الديانة المسيحية، لكن هذا لا يعني أنني أعتقد أن محمداً أعظم من المسيح".
وهذه في رأيي هي أكبر شهادة من الرجل على أن الدين المسيحي قد أضيف إليه بعد عيسى عليه السلام، وأن الدين الإسلامي قد بقي كما هو في عهد محمد صلى الله عليه وسلم.
ففي حديثه عن عيسى يذكر أن بعض المؤرخين يرون أن الإضافات على الدين المسيحي ومعتقداته كانت أكثر بكثير من الأصل الذي تركه عيسى، ويُذكر أن بعضهم يرون أن القديس بولس الرسول هو الأكثر تأثيراً في المعتقد المسيحي من عيسى -عليه السلام- وبولس هذا هو الذي تحدث عن ألوهية عيسى وغيرها من أساسيات المعتقد المسيحي، مع أن بولس نفسه لم ير المسيح، بل وكان من أشد المعارضين لديانته في البداية، وأخذ يؤلب أتباعه.
وكلام المؤلف عن أن النبي محمداً -صلى الله عليه وسلم- كان أكثر تأثيراً من عيسى في ديانته وأتباعه هي شهادة غير مباشرة على أن ما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- هو الذي شكل أصل الدين الإسلامي، والذي ظل محفوظاً مؤثراً في الأتباع، لم يُحرف ولم يبدل، فبقي -من وجهة نظر الكاتب- تأثير محمد أقوى وأخلد.
ونلحظ كذلك في كلام المؤلف عن محمد -صلى الله عليه وسلم- أنه تحدث عن أن النبي كان رجل دين ودولة وسياسة، وهذه من النقاط الرئيسة التي تقدم محمداً -صلى الله عليه وسلم- على رأس القائمة، وتقدمه على عيسى عليه السلام، وهذا تأكيد على البعد الحُكمي السياسي في دين الإسلام، وكل الذين ينادون بفصل الدين عن الدولة هم جاهلون حقيقةً بماهية الدين الإسلامي الذي وضعه الله تبارك وتعالى، وأبلغه محمد -صلى الله عليه وسلم- صادقاً أميناً، بل ومارسه على أرض الواقع ديناً يشمل الحياة كلها، بما فيها من دولة وحكم وتفاصيل سياسية واجتماعية واقتصادية وغيرها.
لقد كان النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- نبياً مرسلاً، وكان في الوقت ذاته حاكماً أميراً، رئيساً لدولة المؤمنين بكل ما تحمله كلمة (رئيس) من دلالات وأبعاد في عالم اليوم.
وقد بلغ من نزاهة المؤلف وحياديته أن يتحدث في حديثه عن عيسى -عليه السلام- في نقد بعض تعاليمه، الخاصة بالتسامح، وهي أشهر ما يوصف به الدين المسيحي، فقد باتت الجملتان المذكورتان في الكتاب المقدس: "وأما أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم"، و"من ضربك على خدك فاعرض له الآخر، ومن أخذ رداءك فلا تمنعه ثوبك أيضاً" هما أشهر آيات الكتاب المقدس المسيحي، وأشهر عناوينه، وأشهر ما يعرف به هذا الدين.
والمؤلف يؤكد على أن هذه مثالية مبالغة وغير واقعية ولا عادلة، كما أنها لم تمارس في الحقيقة في كل التاريخ المسيحي من أوله إلى آخره، وهو تاريخ دموي صادم، وليست الحربان العالميتان عنا ببعيدتين.
وأين هذه المثالية المدّعاة الظالمة غير الواقعية من واقعية الدين الإسلامي وتشريعه في أخذ الحق والقصاص بالمعاقبة بالمثل، والحث على الدفاع عن النفس والعرض والمال حتى جعل الموت في سبيلها شهادة توجب الخلود في الجنة.
وفي الوقت نفسه يدعو لمثالية عادلة يعرضها عليهم ولا يجبرهم عليها {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}[الشورى:40].
فرق كبير بين دين مسيحي حُرّف وغُيّر وأضيف إليه، وبين دين إسلامي حفظه الله بحفظ كتابه، فهو نور خالد يهدي إلى يوم القيامة.
مع المؤلف
مايكل هارت (28 أبريل 1932) هو فيزيائي فلكي يهودي أمريكي، صاحب كتاب "الخالدون المائة"، وقد وصف نفسه بأنه "انفصالي عرقي مناصر للبيض"، فاقترح عام 1996 تقسيم الولايات المتحدة إلى أربع دويلات: دويلة للبيض ودويلة للسود ودويلة للهسبان السمر ودويلة للأعراق المختلطة، وهو متزوج وله ولدان.
اشتغل في مركز أبحاث الفضاء في غرين بلت في ميريلاند، وفي المركز القومي لأبحاث طبقات الجو في كولورادو، وكذلك في مرصد هيل في كاليفورنيا في بامادينيا، وهو الآن عضو الجمعية الفلكية وفروعها في علوم الكواكب، وأحد العلماء المعتمدين في الفيزياء التطبيقية.
مع المترجم:
أنيس محمد منصور (18 أغسطس 1924 - 21 أكتوبر 2011) كاتب صحفي وفيلسوف وأديب مصري، اشتهر بالكتابة الفلسفية عبر ما ألفه من إصدارات، جمع فيها الأسلوب الأدبي الحديث إلى جانب الأسلوب الفلسفي، وكانت بداية أنيس منصور الأدبية مع القرآن؛ فقد حفظه في سن صغيرة في كتٌاب القرية وكان له في ذلك الكتاب حكايات عديدة حكى عن بعضها في كتابه "عاشوا في حياتي"، كان الأول في دراسته الثانوية على كل طلبة مصر حينها، ثم التحق بكلية الآداب في جامعة القاهرة وفق رغبته الشخصية، دخل قسم الفلسفة الذي تفوق فيه وحصل على ليسانس آداب عام 1947، عمل أستاذاً في القسم ذاته، لكن في جامعة عين شمس لفترة، ثم تفرغ للكتابة والعمل الصحافي في مؤسسة أخبار اليوم.
عاش أنيس منصور محباً للآداب والفنون، دارساً للفلسفة ومدرساً لها، مشتغلاً بالصحافة وأستاذاً من أساتذتها، ومسهماً في كل تلك المجالات وغيرها بكتب ومؤلفات قاربت 200 كتاب تشكل في مجموعها مكتبة كاملة متكاملة من المعارف والعلوم والفنون والآداب والسياسة والصحافة والفلسفة والاجتماع والتاريخ والسياسة والمرأة... وكتب في مجلات متنوعة، عكست نظرته ورؤيته للكون والإنسان والحياة وساهمت في تشكيل وجدان وثقافة أجيال عديدة من الشباب في العالم العربي كله.
معلومات الكتاب
اسم الكتاب: الخالدون مائة
اسم المؤلف: مايكل هارت
اسم المترجم: أنيس منصور
عدد الصفحات: 391 صفحة