اللامبالاة عند الأطفال والمراهقين

الرئيسية » بصائر تربوية » اللامبالاة عند الأطفال والمراهقين
Apathetic child اللامبالاة عند الأطفال والمراهقين (1) اللامبالاة

حين نسمع مصطلح اللامبالاة، سيتبادر إلى أذهاننا تساؤل عن كمّ الإحباط واليأس الذي شعر به الإنسان ليصبح غير مبالٍ، وإن لم يكن الإحباط هو السبب، فهل يكون الألم، أو الإهمال، أو العجز أو الفشل... أو ما هو سبب تلك اللامبالاة يا ترى؟

واللامبالاة تختلف عن عدم تحمّل المسؤولية وعن التجاهل أيضاً؛ فهي تشير إلى عدم الاكتراث أو الاهتمام بشيء، ولو كان بالأمور والأشياء المهمّة والضرورية -الشخصية منها والعامة على السواء- وحينئذٍ تنعدم الاستجابة، ويبدو الشخص اللامبالي بارداً أو -على الأقل- غير متحمّس؛ لأن المخّ في حالة اللامبالاة يعطل بُعد الإحساس والشعور لكي يتجنّب الألم !

اقرأ أيضاً: هل تحتاج تربية الأبناء إلى خطة تربوية؟

اللامبالاة تختلف عن عدم تحمّل المسؤولية وعن التجاهل أيضاً؛ فهي تشير إلى عدم الاكتراث أو الاهتمام بشيء

وأسباب وصول الإنسان إلى حالة اللامبالاة تكون:

1. إما أسباباً نفسية نتيجة للمرور بمواقف صعبة ومؤلمة، كالإحباط بسبب الفشل المتكرر، فقدان الأحبة، الأمراض النفسية.

2. أو أسباباً عضوية/ فيسيولوجية مثل: نقص الفيتامينات، التعب العام، الكسل والخمول، العته والزهايمر أيضاً، المخدرات، والاضطرابات العقلية، ولكنها في جميع الحالات يمكن السيطرة عليها وعلاجها أيضاً.

3. أو أسباباً تخلّفها البيئة والمحيط من أهل وأصدقاء: مثل تعرض الوالدين والكبار من الأخوة والأقارب لفشل (أو إخفاق) متكرر، أو الخمول الذي يسود أسرة أو محيطاً بأكمله، أو الإهمال والحرمان العاطفي والمادي كذلك.

ولعل أسوأ نتائج اللامبالاة تبدأ عند فقدان الإنسان للثقة بالنفس وتستمر مع التصرف العشوائي المصاحب لعدم التفكير في النتائج أو التركيز على الأهداف -إن كانت لديه أهداف- وبالتالي الإخفاق المبكر، والانهزام أمام أسهل بل أول التحديات، بالإضافة إلى السلبية وإهمال الواجبات، وبالتالي فإن التخلف هو النتيجة الحتمية للامبالاة، أضف إليه عدم القدرة على مواكبة التقدم، ولذلك يصفها الأخصائيون النفسيون بالمرض النفسي !

أسوأ نتائج اللامبالاة يبدأ بفقدان الثقة بالنفس ويستمر في التصرف العشوائي مع عدم التفكير في النتائج أو التركيز على الأهداف

هل تسمع من أبنائك مثل الرسائل التالية؟

 المدرسة مملة للغاية
 لا أشعر برغبة في فعل أي شيء
 لا أريد أن أذهب، أفضل أن ألعب Xbox
 أنا لست مهتماً
 هذا الأمر صعب للغاية... أنا أستسلم

والمراهق قد يحاول إيصال رسالة من خلال لا مبالاته، فيقول مثلا: "لن أفعل ذلك؛ لأن والديّ يريدانني أن أفعل ذلك! ولن أسمح لأحد بأن يسيطر عليّ مهما كان ومن كان ذلك الشخص ".

كثير من الآباء يشكون من تلك الردود التي تصدر عن الأولاد، والتي يصنفها التربويون على أنها نقص في الدافعية، والوجه الآخر للامبالاة، لينتبه الوالدان أن الابن يبعث باللامبالاة والتذمر والعنف والغضب رسائل متشابهة، وليتعاملا بما يناسب!

اقرأ أيضاً: هل تفهمون الرسائل الصامتة التي يعنيها أطفالكم؟

عزيزي المربي... تذكر دوماً:

- سلوك الأبناء صورة عن سلوك الآباء والمربين، فالابن يقلد والديه ومن هم أكبر منه.

- متابعة التطبيق أهم من التشخيص ومعرفة العلاج، إذا كنت ستهمل المتابعة، فانس الأمر منذ البداية !

-  العقاب مهم كالمكافأة تماماً، مع الاتفاق على استثناء الضرب من لائحة العقاب.

اقرأ: كيف تعاقب ابنك بدون عقاب؟

يستطيع الراشدون والبالغون السيطرة على اللامبالاة ومعالجتها بالتمسك بالحماس من جديد وتعود عادات جيدة وممارسة أنشطة واكتساب مهارات إلّا أن اللامبالاة عند الأطفال برغم أنها محدودة (ليست ظاهرة شائعة) وتحصل في ظروف معينة فقط، ولذلك إذا كان الطفل غير مبالٍ يكون الأمر ملفتاً للانتباه، كذلك الأمر بالنسبة للمراهقين. ولحسن الحظ فإن الأمر يمكن تصحيحه؛ كي لا يزداد سوءاً مع مرور الزمن.

أما الطفل اللامبالي فيكون أكثر صعوبة في المساعدة؛ لأنه يفتقد العاطفة والروح القتالية وليس لديه إرادة لفعل شيء!  

اقرأ أيضاً: الإرشادات التربوية للتعامل مع الطفل الغاضب

إذا كان الطفل غير مبالٍ يكون الأمر ملفتاً للانتباه، كذلك الأمر بالنسبة للمراهقين. ولحسن الحظ فإن الأمر يمكن تصحيحه؛ كي لا يزداد سوءاً مع مرور الزمن

حين توجه لابنك كلاماً أو نصائح أو أسئلة، إذا لاحظت أن طفلك يجيب على كل شيء -أو يجيب في الغالب- بــــ: "أنا لا أهتم" أو "هذا غير مُهم" سواء كان الرد بكلماته أو أفعاله، كأن يتجاهل نصائحك، أو يتجاوز الحديث معك لأحاديث أخرى تثير شغفه، فاعلم مباشرة بأن ذلك أحد أعراض عدم المبالاة، يحاول الأطفال -عادةً- استخدام دهائهم درعاً لصد المربي بردودهم؛ فجملة "لستُ مهتماً" أو ليس ذلك أمراً مهماً" هي عصا الأطفال السحرية التي تزيل ضغط الوالد أو المربي عنهم، وتمنحهم شعوراً بالسيطرة ، بالرغم من أن تلك الردود قد تعبر عن شعور الابن بالقلق، وصعوبة الأمر عليه، أو بالخوف من الفشل.

إذا شككت بوجود شيء من اللامبالاة لدى طفلك فإن أول شيء تفعله هو تحديد موعد مع الطبيب لاكتشاف إذا ما كان يعاني من مشكلة صحيّة جسدية، فالابن في مرحلة المراهقة يتأثر ويختل توازنه العاطفيُّ؛ بسبب التغيرات الهرمونية المصاحبة للبلوغ، وقد يظهر سلوك عدواني على الطفل، أو غضب طوال الوقت، أو خمول غير مفهوم، أو تغير في كمية ونوع الأكل، أو نوم أكثر أو أقل من اللازم... الوالدان يجب أن ينتبها للتغيرات وكيف يتعامل الابن معها.

تكمن مشكلة الوالدين مع ابنهما اللامبالي في فكرة المقولة الشهيرة التالية: "يمكنك إحضار حصان إلى الماء، ولكن لا يمكنك أن تجعله يشرب" والخبر المفرح أن في المقولة ذاتها مفتاح الحلّ، وهو إعطاش الحصان لكي يشرب بمجرد رؤية الماء، وهذا هو إياه مفتاح إدارة الطفل غير المبالي.

في المقالات القادمة سوف نتحدث عن طرق تحفيز الطفل/ أو المراهق الذي لا يبالي بشيء، واكتساب الحماس تجاه الحياة والأشياء، ونسرد أيضاً محظورات التعامل مع الطفل والمراهق اللامبالي.

معلومات الموضوع

مراجع ومصادر

  • https://www.additudemag.com/how-to-motivate-a-lazy-teenager-adhd-parenting-strategies
  • https://www.empoweringparents.com/article/motivating-underachievers-part-i-when-your-child-says-i-dont-care
  • https://www.payh.org/i-have-a-child-who-is-apathetic
  • https://www.charismamag.com/life/men/31899-7-creative-ways-to-motivate-your-apathetic-child
  • https://www.psychologytoday.com/us/blog/surviving-your-childs-adolescence/201205/adolescent-apathy-and-what-loss-caring-can-mean
  • https://youaremom.com/parenting/motivating-apathetic-children
اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة فلسطينية من قطاع غزة، تحمل شهادة البكالوريوس في علوم المكتبات والمعلومات، وعدة شهادات معتمدة في اللغات والإعلام والتكنولوجيا. عملت مع عدة قنوات فضائية: الأقصى، القدس، الأونروا، الكتاب. وتعمل حالياً في مقابلة وتحرير المخطوطات، كتابة القصص والسيناريو، و التدريب على فنون الكتابة الإبداعية. كاتبة بشكل دائم لمجلة الشباب - قُطاع غزة، وموقع بصائر الإلكتروني. وعضو هيئة تحرير المجلة الرسمية لوزارة الثقافة بغزة - مجلة مدارات، وعضو المجلس الشوري الشبابي في الوزارة. صدر لها كتابان أدبيان: (وطن تدفأ بالقصيد - شعر) و (في ثنية ضفيرة - حكائيات ورسائل).

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …