الإدمان على الأجهزة الذكية… خطر يجتاح بيوتنا

الرئيسية » تحقيقات وحوارات خاصة » الإدمان على الأجهزة الذكية… خطر يجتاح بيوتنا
Getty_screen_time_children_ignoring_each_other_LARGE_JGI-Jamie-Grill-58124e615f9b58564cc66168

درداح الشاعر: إدمان استعمال أجهزة التكنولوجيا الحديثة بشكل لافت يساهم في احتمالية الإصابة بالاكتئاب النفسي والانطوائية، الأمر الذي يدفع إلى التوحد والعزلة وقلة التواصل والعلاقات مع الناس

يوسف عوض الله: يجب إشغال الأبناء بممارسة النشاطات المختلفة كالزيارات العائلية والأنشطة الرياضية كبدائل عن استخدام الأجهزة الإلكترونية والذكية

تجتاح وتغزو أجهزة التكنولوجيا الحديثة معظم بيوتنا، حتى إنها أصبحت من أساسيات الحياة وفي متناول أطفالنا بشكل لافت، خاصة في ظل الحجر الصحي الذي فرضته جائحة كورونا، الأمر الذي أثار حالة من الرعب والقلق لدى الكثير من العائلات على مستقبل أطفالها خاصة مما تعلقوا باستخدام تلك الأجهزة في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي ومشاهدة مقاطع الفيديو والأطفال وإدمانهم على الألعاب الإلكترونية.

هذه الحالة التي وصلت لها معظم العائلات والبيوت في الوطن العربي على وجه الخصوص دفعت بالعديد من الإخصائيين للتحذير من المخاطر النفسية والاجتماعية التي يمكن أن يسببها الإدمان الإلكتروني وانعكاساته على الأطفال.
فقد حذرت دراسة ألمانية سابقة من استخدام الأطفال للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، بشكل مفرط إذ قد تسبب ضرراً كبيراً على سلوكيات الطفل.

وأوضحت الدراسة التي نشرتها العديد من وسائل الإعلام المرئية والتي أجريت في جامعة لايبزغ الألمانية أن تلك الأجهزة تؤدي إلى حدوث فرط نشاط وشعور باللامبالاة وزيادة احتماليتهم إصابتهم بالكآبة والعزلة لدى الأطفال ممن تتراوح أعمارهم ما بين الثانية والسادسة عاماً.

وأكد باحثون أن الإفراط في استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة خاصة في مرحلة ما قبل المدرسة، يؤدي إلى حدوث اضطرابات في العلاقات الأسرية أيضاً.

عزلة وتوحد

الدكتور درداح الشاعر - أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى - أشار إلى أن إدمان الأطفال وحتى الشباب على استعمال أجهزة التكنولوجيا الحديثة بشكل لافت يساهم في احتمالية إصابتهم بالاكتئاب النفسي والانطوائية، الأمر الذي يدفع بهم إلى التوحد والعزلة وقلة التواصل والعلاقات مع الناس ومن حولهم.

د. درداح الشاعر: من الأسباب التي تدفع الأطفال للإدمان على الأجهزة الذكية انشغال الأهالي عن أطفالهم طوال الوقت، ومحاولة التخلص من إزعاجهم بإعطائهم هذه الأجهزة لفترات طويلة

وقال الشاعر في حديث مع بصائر: "إدمان الأطفال وحتى الشباب على الأجهزة الذكية الحديثة وتعلقهم بهذه العادة السيئة يسبب لهم العديد من الأضرار الاجتماعية والصحية والنفسية، ولعل من أبرزها اضطرابات النوم والفشل على صعيد الحياة الخاصة أو على صعيد الدراسة إضافة إلى الأنانية والعدوانية، والانعزال عن الآخرين، والعنف والتنمر، والاضطرابات النفسيّة المزمنة والعصبية المفرطة".

وأضاف: "لذلك عدم تدارك هذه المشكلة من قبل الإباء والأهالي في مراحل مبكرة خاصة في ظل جائحة كورونا والتباعد الاجتماعي والحجر الصحي قد يشكل خطورة على حياتهم في المدى البعيد دون سابق إنذار".

ولفت إلى أن الإدمان على الكمبيوتر والموبايل والألعاب الإلكترونية يعد حالة نفسية وسلوكية، ولا يمكن التخلي بكل سهولة كونهم اعتادوا عليها وأصبحت جزءاً أساسياً من حياتهم إلى درجة تدفعهم للتخلي عن واقعهم الحقيقي والعزلة التامة عن الأسرة والمجتمع.

وأوضح أن المدمن على التكنولوجيا لا يستطيع التحكم بغضبه عند طلب أحد والديه ترك الأجهزة الذكية أو أخذها منه، كما لا يعير أي اهتمام لتناول الطعام، أو الجلسات العائلية ووجود الأصدقاء، ويعاني من فقدان الوقت وعدم الاهتمام بالأنشطة التعليمية والرياضية.

أسباب الإدمان

وأشار إلى أن من الأسباب التي تدفع الأطفال للإدمان على الأجهزة الذكية انشغال الأهالي عن أطفالهم طوال الوقت، ومحاولة التخلص من إزعاجهم بإعطائهم هذه الأجهزة لفترات طويلة، إلى جانب عدم إدراك الوالدين لخطورة تلك الأجهزة على أبنائهم وحيواتهم، وتقليد أطفالهم لهم باستخدام تلك الأجهزة لفترات طويلة.

علاج وحلول

يوسف عوض الله: الإدمان على الألعاب الإلكترونية يهدد الأبناء بتغيير سلوكهم ويدفعهم للعصبية والأنانية والتنمر على أقرانهم والمجتمع

وحول كيفية علاج الإدمان على الأجهزة الذكية قال الطبيب النفسي في عيادة الصحة النفسية بغزة - يوسف عوض الله - إنه: يجب إشغال الأبناء بممارسة النشاطات المختلفة كالزيارات العائلية والأنشطة الرياضية كبدائل عن استخدام الأجهزة الإلكترونية والذكية.

وأشار إلى أهمية مَنع الأبناء من استخدام تلك الأجهزة الذكية أثناء الزيارات والرحلات الترفيهية المختلفة وفي غرف النوم وأثناء تناول وجبات الطعام.

ونصح عوض الله - في حديث لبصائر - الآباء؛ كونهم المثل الأعلى لأبنائهم الحد من استخدام الأجهزة الإلكترونية في حضور أطفالهم، مشيراً إلى الإدمان على الألعاب الإلكترونية يهدد الأبناء بتغيير سلوكهم ويدفعهم للعصبية والأنانية والتنمر على أقرانهم والمجتمع، والشعور بحالة من القلق والتوتر خلال النوم وعدم قدرتهم على التركيز والانتباه والميل للوحدة.

تطبيق ذكي في غزة

خطورة الإدمان على الأجهزة الإلكترونية وانعكاساتها السلبية على الأطفال والمجتمع دفع مجموعة من الاستشاريين والمرشدين النفسيين والتربويين في قطاع غزة لإطلاق تطبيق "أمان" الإلكتروني لمساعدة الآباء في متابعة ومراقبة سلوك أبنائهم خلال استخدامهم للأجهزة الذكية.

ويساعد التطبيق الأبناء في معرفة ساعات جلوس أبنائهم وتحديد توجهاتهم عبر التعرف على التطبيقات المستخدمة حسب الوقت ومدة الاستخدام لكل تطبيق، ويمكن تحميله من متجري الهواتف الذكية غوغل بلاي وآب ستور.

د. محمد غزال: إن القائمين على تطبيق أمان يهدفون إلى تعزيز قيمة وتقدير الوقت عند الطفل بعد أن كان يضيع منه الوقت خلال الاستخدام المفرط، ويستطيع الأب متابعة وإرشاد وتوجيه ابنه

وأشار الأكاديمي واستشاري أعمال منظومة أمان للإرشاد التربوي الدكتور محمد غزال وأحد القائمين على التطبيق -لبصائر- إلى أن: "التطبيق يتيح ربط جهاز الهاتف المحمول للأب بجهاز المحمول لابنه، ليتمكن من تحديد ساعات تشغيل الجهاز لثلاث ساعات أمام ابنه ثم يغلق الجهاز بعد تلك الساعات".

وأوضح أنه من خلال تطبيق أمان يستطيع وليّ الأمر معرفة التطبيقات المفتوحة على هاتف طفله، بالإضافة إلى معرفة عدد الساعات التي يقضيها الطفل على كل تطبيق منها، كمان يمكن لولي الأمر استخدام ميزة "القفل الأبوي" التي من خلالها يستطيع قفل شاشة هاتف طفله في حال أفرط في استخدامه.

ونبه إلى أن تطبيق "أمان" يوفر لولي الأمر سهولة الوصول إلى جهات الاتصال ومعرفة المكالمات الصادرة والواردة إلى هاتف طفله.

ولفت إلى أن القائمين على التطبيق يهدفون إلى تعزيز قيمة وتقدير الوقت عند الطفل بعد أن كان يضيع منه الوقت خلال الاستخدام المفرط، ويستطيع الأب متابعة وإرشاد وتوجيه ابنه.

صحفي فلسطيني مقيم في قطاع غزة، حاصل على درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من الجامعة الإسلامية بغزة عام 2000، عمل في العديد من الصحف والإذاعات والمواقع الإلكترونية العربية والدولية أبرزها: العودة اللندنية، العرب اللندنية، القدس الفلسطينية، موقع إخوان أون لاين. وله العديد من المقالات في مجالات متنوعة، يعمل حاليا مديرًا لموقع الرسالة نت الفلسطيني بغزة وكاتب في موقع " بصائر " الالكتروني.

شاهد أيضاً

طفلي بلغ السابعة.. كيف أبدأ بتعويده على أداء “الصلاة” ؟

مما ينعش قلب الأبوين أن يقف إلى جوارهما طفلهما الصغير في سنوات عمره الأولى وهو …