الإعلام: حرية في انهيار

الرئيسية » كتاب ومؤلف » الإعلام: حرية في انهيار
كتاب الإعلام.. حرية في انهيار - الغلاف الأمامي

يُعد الإعلام أحد أهم المجالات التي تختزل قضايا الاجتماع والسياسة في أي بلد، وعلى مستوى العالم بالكامل، وهو أحد أهم أدوات تحريك وتوجيه المجتمعات.

وبالتالي، فإن الإعلام في ظل التطور الكبير الذي طرأ على أدواته، ولا سيما الوسائط الإلكترونية العابرة للرقابة والعصية على السيطرة -هو أخطر ما يمكن من وظائف، وأكثرها تأثيراً، وهو أعمق أثراً من كل أقنية التلقين والتربية الأخرى.

ويرتبط الإعلام -كمهنة وكعملية شاملة- بعدد من الأمور والاشتراطات التي ينبغي توافرها لكي يؤدي واجباته على أكمل وجه، في تنوير الرأي العام، وتوجيهه إلى الوجهة السليمة، من أهمها المصداقية والحرية.

وقضية حرية الإعلام هي من أهم القضايا ذات الطابع السياسي التي ترتبط بوظيفة الإعلام، وهي محط صراع كبير ما بين أصحاب الرسالة وبين الحكومات والأنظمة، وليس على مستوى عالمنا العربي فحسب، وإنما على مستوى عالم الصوت والصورة في العالم بأسره.

وبين أيدينا كتاب بعنوان: "الإعلام: حرية في انهيار"، للدكتور صباح ياسين، يتناول في قصة حرية الإعلام عبر التاريخ، والقضايا السياسية والمجتمعية العديدة التي تتصل بها، وواقعها في عالم اليوم.

مع الكتاب

الكتاب جاء في 11 فصلاً تضمنتها ثلاثة أقسام، بالإضافة إلى مقدمة وخاتمة، تناول فيها المؤلف جميعاً مجموعة من القضايا ذات الطابع النظري والتطبيقي، منها ما يتعلق بالتأصيل التاريخي للظواهر المختلفة التي تناولها في كتابه.

المقدمة الأساسية، كانت عبارة عن خلاصة تنفيذية للكتاب الذي جاء في صيغة بحثية ذات منهجية أكاديمية، وفي هذه الخلاصة التنفيذية، يتضح لنا أن الهاجس أو الهَمَّ الأكبر للمؤلف ليس الإعلام كوظيفة في حد ذاتها، ولكن قضية الحرية بشكل عام، ومنها الحريات الإعلامية.

وفيها ينقل تطور الصراع التاريخي حول هذه القيمة (قيمة الحرية) بين الساعين لها، وبين الحاكم الراغب في الهيمنة على رعيته من خلال وضع قيود على حرياتهم، بل إنه يؤكد على مركزية هذه القضية، حتى إنها كانت خلف التحولات السياسية الأهم في تاريخ المجتمعات الإنسانية، بما في ذلك قضية الدستور كقواعد ناظمة متفق عليها بين منظومة الحكم والمحكومين في أية دولة.

كما أنه يربط ذلك في هذه الخلاصة بين السياق التاريخي الذي رصده، وركَّز فيه على تاريخ هذه القضية في الغرب، حيث وُلِدَت نظريات ومذاهب الحرية السياسية والاجتماعية الأساسية، وبالذات فرنسا، وبين الواقع العربي سواء قبل ثورات ما يُعرَف بالربيع العربي، أو ما بعدها، وكيف سعت قوى التغيير إلى فرض معادلة جديدة بين الشعوب وبين حاكميها في مواجهة القيود على الحريات، ومنها التوجيه والرقابة على وسائل الإعلام.

القسم الأول من الكتاب/ حمل عنوان: "حرية الإعلام"، وجاء في مقدمة وأربعة فصول، ركَّزت على هذا المحتوى الفكري والسياسي الأساسي الذي أراده المؤلف من كتابه هذا، والذي يتضح لنا من سياقات حديثه أنها القضايا الأهم التي يناقشها في مؤلفاته، ولديها مركزية كبرى عنده.

وفي هذا الفصل، تناول المؤلف طائفة واسعة من القضايا المرتبطة بحرية الإعلام، لعل أهمها وأكثرها مركزية، هي حرية الرأي والتعبير، وحرية تداول المعلومات، كما استطرد في نقطة الصراع بين دعاة حرية الإعلام وبين الحكومات التي ذكر الكثير عن آلياتها للسيطرة على الإعلام.

ومن بين المصطلحات المهمة التي استعملها في هذا الصدد، مصطلح "الرقابة الوقائية" خلال أحوال الطوارئ والأوقات الاستثنائية، كما تناول المنظومات الرقابية المختلفة على الإعلام، مثل الرقابة العسكرية، وعمليات تقنين الحكومات لإجراءاتها في السيطرة على الإعلام بشكل عام.

القسم الثاني/ كان بعنوان: "تأسيس العزلة والتباين"، وتضمن ثلاثة فصول، من الخامس وحتى السابع، وتناول فيه ياسين بشكل عام، قضية مهمة في مجال الإعلام في عالمنا العربي، وهي مساحة تورط بعض الإعلاميين والصحفيين في خطط الحكومات لتقييد الإعلام، والسيطرة عليه.

ويُقارِن هنا بين موقف مبدئي مهم، وهو أن الصحفيين والإعلاميين مُكَلَّفون بالدفاع عن الحرية، وبين ما وصفه بالقطيع الذي يعمل في منصات إعلامية تهيمن عليها الحكومات، وخصوصاً في المجال الإلكتروني.

وكعادته، اصطكَّ المؤلف مجموعة من المصطلحات للتعبير عن الأفكار التي أراد التعبير عنها، منها، "مصادرة الحرية" و"اغتصاب الحقيقة" و"خيانة المهنية".

ويقول المؤلف: "إن مظاهر انهيار حرية الإعلام لا تخص العالم العربي فحسب، سواء على مستوى التشريع أو الممارسة، ويقارن في هذا الإطار بين المنظومات الإجرائية والتشريعية في العالم العربي، وبين الولايات المتحدة التي تملك أهم أدوات الرقابة والسيطرة على الإنترنت".

ويقول: "إن معركة تحرير الإنترنت من الهيمنة الأمريكية، هي من أهم معارك حرية الإعلام في العصر الحديث" إلا أنه لا يرى الصورة بشكل سوداوي بالمطلق، فيرى أن هناك تطورات كبيرة حاصلة على المستوى المهني ساندت مساعي الصحفيين والإعلاميين للعمل في مناخ أكثر حرية وقدرة على الرصد، مثل "الإعلام الاستقصائي"، الذي يراه المؤلف من أهم التطورات التي طرأت على المهنة في السنوات الأخيرة.

وقال: "إن ذلك التطور عضد من قدرة الإعلام على المساءلة السياسية، فساند دور الإعلام في مجال نقل المعلومات والأخبار للرأي العام بشكل أفضل وأوسع، وبالتالي، تحسين قدرة الرأي العام على فهم الأوضاع السياسية ومحاسبة الحكومات والأنظمة، استجابة لتجربة الربيع العربي".

القسم الثالث/ وحمل عنوان: "إعلام الإقصاء"، وتضمن الفصول الأربع من الثامن وحتى الحادي عشر، توسع فيه المؤلف في تناول واقع انهيار الحريات، ومنها الحريات الإعلامية على مستوى العالم، وتناول كيفية قيام الشركات الإعلامية الكبرى والقوى العظمى في عالم اليوم بممارسة خداع الرأي العام على أوسع نطاق.

وبالرغم من أنه يرى أن الأحوال الراهنة لا تلقي بظلالٍ إيجابية على مستقبل حرية الإعلام، إلا أنه، وفي الفصل الحادي عشر والخاتمة يرى أن هناك مقاومة حقيقية تقوم بها بعض الوسائط والأطراف لمواجهة هيمنة الحكومات وتوجيهها للإعلام.

وهو هنا يجد أهمية ورابطاً ما بين الصراع لأجل حقوق الإنسان وتعزيزها وتقنينها، وبين الصراع لأجل الحفاظ على حرية الإعلام، والتي هي من أهم أركان الرقابة الذاتية من جانب المجتمعات.

ومن بين العبارات المهمة التي استعملها في التعبير عن ذلك: "إن الحرب من أجل الحرية لن تتوقف، وسيكون هنالك المزيد من الضحايا، ولكنها حرب ستقود إلى نتائج لصالح المستقبل حتماً".

مع المؤلف

المؤلف هو أكاديمي عراقي يقيم في الأردن حالياً، وياسين من مواليد العام 1946م، حاصل على الدكتوراه في مجال الإعلام، وشغل عدة مناصب حكومية في بلاده، منها مدير عام الإذاعة والتليفزيون، ويعمل حالياً في جامعة الشرق الأوسط الأردنية، وعمل كباحث إعلاميّ في أكثر من مؤسسة متخصصة.

بيانات الكتاب:

اسم المؤلف: د. صباح ياسين.
اسم الكتاب: الإعلام: حرية في انهيار
مكان النشر: بيروت
الناشر: الشبكة العربية للأبحاث والنشر
تاريخ النشر: 2010م
الطبعة: الطبعة الأولى
عدد الصفحات: 159 صفحة

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
"باحث مصري في شئون التنمية السياسية والاجتماعية، حاصل على بكالوريوس في العلوم السياسية والإدارة العامة من جامعة القاهرة عام 1997م، كاتب في موقع "بصائر"، عمل سكرتيرًا لتحرير مجلة "القدس" الشهرية، التي كانت تصدر عن "مركز الإعلام العربي" بالقاهرة، وعضو هيئة تحرير دورية "حصاد الفكر" المُحَكَّمة، له العديد من الإصدارات، من بينها كتب: "أمتنا بين مرحلتين"، و"دولة على المنحدر"، و"الدولة في العمران في الإسلام"، وإيران وصراع الأصوليات في الشرق الأوسط"، وأخيرًا صدر له كتاب "أسس الحضارة والعمران في القرآن الكريم"، وله تحت الطبع كتاب بعنوان "الدولة في العالم العربي.. أزمات الداخل وعواصف الخارج".

شاهد أيضاً

تراث القدس.. سلوة النفس

يعد هذا الكتاب القيّم تراثًا مقدسيًّا فلسطينيًّا مبسّطًا - إلى حد ما - ومجمّعًا بطريقة …