حملات الإغاثة ولمحات إنسانية في تقديم المساعدة للمحتاجين!

الرئيسية » بصائر تربوية » حملات الإغاثة ولمحات إنسانية في تقديم المساعدة للمحتاجين!
charity29

ما أكثر من يحتاجون للعون والمساعدة، وما أكثر من يرغب في تقديم العون والمساعدة ولكنه يقف عاجزاً أمام قلة ما يملك، وآخرون يملكون ولكن لا يعرفون أن يتجهون بمالهم ذاك، وإذا عرفوا الوجهة، فما أسهل السؤال عن ذوي الحاجة، قد يمنعهم عدم رغبتهم في إحراج المحتاج من التواصل معه مباشرة وتلبية حاجته، بيد أننا نجد في الكثير من حملات الإغاثة التلفزيونية أو التي تُعرض في البرامج الوثائقية إجابات عن كثير من التساؤلات التي تتعلق بإعطاء الصدقات والإنفاق على ذوي الحاجة، وكذا بعض اللمحات الإنسانية فسنذكر بعضاً منها:

1- وسيط للتقرب من المحتاج والتعرف على حالته:

كثير من الناس حين يقدم الصدقة قد لا يراعي الفرق في التعامل بين الرجل والمرأة، بينما تعرض تلك البرامج للأساليب الصحيحة لتقديم الصدقة إذا ما تعلق الأمر بالنساء، ففي إحدى البرامج والتي يقدمها عادة رجل، استثنى فريق التصوير بعض الأشياء حين تبين أن الطرف المحتاج هو من النساء، فتكون هناك امرأة من فريق العمل هي التي تتحرى عن حالتها وتكون معها أثناء حضور مقدم البرنامج ليقدم المساعدة، وهذا التصرف قطعاً يرفع الكثير من الحرج عن صاحب الحاجة، ومن تعليقات المشاهدين اللطيفة على هذا التصرف هو أن الكثير من الناس يظنون أن المحتاج يسعد حين تُقدم إليه المساعدة، ولكن الحقيقة أن مشاعر السعادة تلك يكتنفها الكثير من الحرج والألم لاضطراره لقبول مساعدة الآخرين، وعدم وجود بدائل أخرى.

الكثير من الناس يظنون أن المحتاج يسعد حين تُقدم إليه المساعدة، ولكن الحقيقة أن مشاعر السعادة تلك يكتنفها الكثير من الحرج والألم لاضطراره لقبول مساعدة الآخرين

2- التعرف على المحتاج بصورة غير مباشرة:

وفي فيلم وثائقي يعرض لمسألة إعطاء الصدقات ومساعدة المحتاجين، يحرص مقدم البرنامج والمساعدة في نفس الوقت على تقديم نفسه للمحتاج بصورة غير مباشرة في البداية لرفع الحرج، والتقصي أكثر عن حاله، فتراه مرة يظهر كبائع للورد يبيع لمن يسير في الطريق، ومرة على أنه مشترٍ أو مؤجرٍ أو صاحب مسألة... إلخ، وما إن يجيب المحتاج على كافة أسئلته حتى يبادر في الكشف عن نفسه بكونه يعمل تبع شركة، أو جهة ترغب في مساعدته، ويقدم المبلغ اللازم، ففي هذا التصرف لفتة جميلة في الحفاظ على كرامة الإنسان المحتاج.

3- السؤال عن الحالة الاجتماعية، والتأكد من كونه من ذوي الحاجة:

وفي برنامج آخر يشرح لنا مانح المساعدة نوعية الأسئلة التي يلزم طرحها على المحتاج ليبين استحقاقه للمبلغ المُعطى له، والسبب في فعل ذلك حتى بعد معرفته وسؤاله السابقين عن حالة المحتاج، واستخدامه لوسيط للتقرب منه، ومعرفة حاله أكثر، ربما يكون لمساعدة المشاهد على تعلم كيفية التمييز بين من هو محتاج حقيقة من غيره، فكل من قدم لهم المساعدة المالية هم في الحقيقة ممن تجب عليهم الزكاة شرعاً، فمعظمهم من اللاجئين، أو من يُعيلون يتامى، أو أرامل، أو مدينون، أو كبار في السن ضاقت بهم السبل، ولا يوجد من يقوم على شؤونهم.

وكلهم من المتعففين عن السؤال برغم حاجتهم، وهذه رسالة لمن يتصدقون ويدفعون زكاة أموالهم بدون حرص على تحري صاحب الحاجة فعلاً، فليس الغرض هو إخراج المال فحسب، ولكن من المهم كذلك أن يصل للشخص الصحيح صاحب الحاجة.

ليس الغرض هو إخراج المال فحسب، ولكن من المهم كذلك أن يصل للشخص الصحيح صاحب الحاجة

4- تَبنِّي قضية بأكملها:

علَّق أحد القائمين على تلك المشاريع أثناء استضافته في واحدة من تلك البرامج أن معظم الناس يتصدقون بشكل عشوائي، فيعطون الصدقات لأي أحد وكل أحد ، فبضع قطع نقدية لتلك المرأة الفقيرة، ومثلها لذلك الرجل الهَرِم، ثم يمضي المنفِق، والمرأة لم يسد جوعها المال، والعجوز ما يزال يسأل الناس، بينما يحرص هو في مشروعه على معالجة القضية من جذرها، فمثلاً، من هو مدين يعطونه المبلغ كله، ومن تَكفُل أيتاماً يحددون لها مبلغاً شهرياً، والعجائز المحتاجون يَصرفون لهم معاشات شهرية، وكل هذا يوثق بأوراق واتفاقات تستمر لعدة سنوات، قابلة للتجديد في كثير من الأحيان حسب الحاجة، بالذات إذا تعلق الأمر بالإعالة والكفالة والمعاشات الشهرية.

وهنا قد يتساءل أحدهم قائلاً إنه لا يملك المال الكافي لكل هؤلاء الناس، أو حتى واحداً لعدة سنوات! ومرة أخرى نجد أنفسنا واقفين أمام حائط الأحلام الضخمة التي إن لم نحققها نتوقف عن فعل الخير بالكلية، ففي واقع الأمر، يمكن لكل إنسان من ذوي الاستطاعة وحسب قدرته المالية أن يكفل إنساناً سواء مادياً، أو مالياً، أو غيرهما، وإن كان لفترة قصيرة محددة، فالغرض من تحديد شخص واحد، وقضية إنسانية بعينها ليس حجر المساعدة على أشخاص دون غيرهم، ولكنه كما بين صاحب المشروع، فإنه يُسهم في حل مشكلة الشخص من جذورها، وبالتالي يقلل عدد المحتاجين واحداً واحداً حتى يصير العثور عليهم كمحاولة إيجاد إبرة في كومة قش! وهذا هو الغرض الأساسي من تقديم المساعدة وهو التقليل من عدد المحتاجين والإكثار من المكتفين .

أما مسألة أن نسقي كل بستان قطرة ماء ونزرع ثمرة واحدة، فسينتهي الأمر بأن يظل عدد البساتين المحتاجة للري كبيرة، لا يقل عددها أبداً، وستبقى خالية من الثمار إلا قليلها، فلا بستان منها أينع كله، ولا قل عدد البساتين المحتاجة للري واحداً!

ومثلها هؤلاء المحتاجون، فلا هم استغنوا بتلك القطع النقدية التي تُعطى لهم بين الفينة والأخرى، ولا قل عددهم واحداً، وهكذا يستمرون في العيش بَيْن بَيْن لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء!

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومترجمة من مصر، مهتمة بقضايا التعليم والأسرة والتطوير الذاتي

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …