التعلق القلبي (2): تجاه الجنس الآخر

الرئيسية » بصائر تربوية » التعلق القلبي (2): تجاه الجنس الآخر
global-love-day

التعلق القلبي وعلائق القلب من أكبر مداخل تكدير نفس صاحبها وبعث الفوضى في أنحائه، والكلام فيها يطول ويتشعّب، ويختلف باختلاف جنس المُخاطب وعمره وطبيعة عَلَقته، لكن أود فيما يلي أن أشارك خلاصات موجزة اتضحت لي نظراً وثبتت تجربة، وأخصّ البنات بالخطاب في غالب البنود لكونهن غالب المتواصلات معي في هذا الشأن، لكن هذا لا يمنع الانتفاع العام، وقد بدأنا هذه السلسلة بالجزء الأول، وفيه خلاصات عامة، وفي الجزء الثاني نتكلم عن التعلق تجاه الجنس الآخر.

إذا كنتِ متعلقة برجل أو شاب:

1) ترتضينه زوجاً "محتملاً" وِفق ما تعلمين من ظروفه وحاله: لا حلّ حقيقي وواقعي لمعضلة التعلق عندها سوى بمقاربة الطرف المُتَعلَّق به، وتتمثل هذه المقاربة في وسيط مؤتمن ثقة ذي حكمة وكياسة -أي دبلوماسي الأسلوب- ويُفَضّل أن يكون على صلة شخصية بالطرفين (ويمكن ألا يكون)، يسأل المرغوبَ عن رأيه في الزواج عامة ومدى استعداده له، ثم يسأله عن وجود واحدة معيّنة في باله، فإذا وُجِدَت كان بها، وإن لم يوجد يرشح له الاسم المختار بوصفه اقتراحاً ليس إلا، ولا يبين له رغبة الشابة فيه أبداً ولو أظهر قبولاً، وهذه المقاربة المطروحة هي الشكل النهائي لعدد من التجارب التي لا يسع المقام بيانها ولا تبرير شكلها، فمن شاء أخذ بها أو غيرها، واعلمي أن هدف تلك المقاربة ليس تحصيل الموافقة من الطرف المرغوب، بل ببساطة التخلص من علائق الوهم وتلاعب التعلق، لذلك ينبغي الوضع في الحسبان أن كلا الردين محتملان (القبول أو عدمه).

2) لا تطمعي في تيسّر زواجك به لسبب منه أو منك: مبدأ الخلاص من علقته قطع التواصل المباشر وغير المباشر فوراً دون أي تحجج بكونه قريباً أو معلّماً أو طيّباً أو "مفيداً" لك من أي وجه، ويدخل في ذلك متابعة حساباته وتدويناته وأخباره وبرامجه... إلخ، ثمّ راجعي ما سبق من الخلاصات العامة في الجزء الأول، والتفتي لسبل إشغال نفسك بما يصلحها وتصلح له.

3) ورأس كل أمر دوام دعاء الله تعالى واستخارته، فلعلّه يهيئ لك الأسباب من حيث لم تكوني تحتسبين، أو يصرف قلبك عمّن كنت تظنين أنك لا تنفكّين عنه!

رأس كل أمر دوام دعاء الله تعالى واستخارته، فلعلّه يهيئ لك الأسباب من حيث لم تكوني تحتسبين، أو يصرف قلبك عمّن كنت تظنين أنك لا تنفكّين عنه

إذا كنتِ أنتِ مادّة تعلق من الجنس الآخر:

1) تيقني أن صادق النية شريف الطَّوِيّة لن يروم وصالك إلا من باب واحد لا ثاني له ، ومهما يكن من موانع في مفاتحته لك، فله من سبيل التورية والوساطة ما يغنيه عن قلقلة قلبك عليك (والحريص عليك أبعد الناس عن ذلك)، وللرجل -عامة- في المبادرة بالإفصاح سَعَة أكثر واحترازات أقل مما للمرأة، وهو أحرى بالجسارة والإقدام، فليس عليك ولا لك أن تتبرعي له بالحجج والأعذار.

2) إذا كنتِ ترتضين شخص ذلك المتعلق زوجاً "محتملاً"، فأخبريه صراحة أنه لا سبيل له إليك حتى يكلم وليّك أو من ينوب عنه، فإن اعتذر بأي عذر، فبيّني له أنك ممتنعة منه وعليه حتى يكون جاهزاً للتواصل كالرجال مع الرجال، وأنتِ وشأنك بعد ذلك: فإما أن تصدّقيه وتصبري بانتظاره، أو تجعلي نفسك في حِلٍّ للنظر في غيره.

3) إذا لم تكوني ترتضينه، فاقطعي كافة الصلات وأسبابها فوراً، بعد إخطاره أو بدون إخطار، بحسب مدى مساهمتك في تعليقه معك، فإذا أخطرته فعلى سبيل الإبلاغ لا الاستئذان منه!

4) وأَذهِبي عن ذهنك تماماً -وأعني تماماً- ممارسة أدوار الأمومة والأخوة والصداقة لغير محارمك، واحتفظي بدوافعك الخيرية لمستحقيها على وجهها المشروع، وإننا في زمن لا تكاد تسلم فيه العلاقات طبيعية مع المحارم من الرجال، فكيف بغيرهم !

5) واعلمي أنّ لنفسك حظّاً في سَعَة استقبالها لمُتعلّق، بل وإذكاء تلك العَلَقة في نفسه بمجاراته ومسايرته، فهذا مما يَروي غرور الأنثى الطبيعي (وربما حاجات أخرى)، لكن في سياق غير مشروع، فأنتِ بذلك مشاركة له في المسؤولية الدنيوية والأخروية.

6) واعلمي كذلك أنه لا خير يُرتجى من العلاقات القريبة/ البعيدة مع الجنس الآخر، وإن جاءت بخير ما يكون مخلوطاً بأضعاف مضاعفة من الشرور والأضرار على المدى، للطرفين.

لا خير يُرتجى من العلاقات القريبة/ البعيدة مع الجنس الآخر، وإن جاءت بخير ما يكون مخلوطاً بأضعاف مضاعفة من الشرور والأضرار على المدى، للطرفين

وختاماً/ رسالة للرجال

• اتقوا الله في قلوب العَذَارى، فإنّ العذارى قلوبهن هواء!

• وادّخروا كثرة الكلام الطيب والثناء العَطِر والنظرات المعجبة لمحارمكم من النساء، ولا داعي لأن تتفضلوا بها على من لا ترغبون في وصلها وصلاً جادّاً.

• وثمة شعرة دقيقة تفصل بين معاملة الأخت في الله على ما ساد حالياً ومعاملة الله في الأخت على ما تقرر شرعاً، فمن كان لا يحسن الفصل ولا يعرف الحدود فليدع الشعرة ولا يقربها خير له ولها!

• ومن يزرع ورداً حيث لا ينوي قطافه، يوشك أن يجني شوكاً حيث رام القطاف !

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومحاضِرة في الأدب والفكر وعُمران الذات. محرّرة لغوية ومترجِمة. مصممة مناهج تعليمية، ومقدّمة دورات تربوية، وورش تدريب للمهارات اللغوية. حاصلة على ليسانس ألسن بامتياز، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها.

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …