يتمتع الإنسان العادي بفترة انتباهٍ تبلغ ثماني ثوانٍ، وفقاً لدراسة أجرتها شركة مايكروسوفت عام 2015، تقلص هذا الرقم على مر السنين بسبب اتصالنا اليومي بالأجهزة الرقمية، مع حقيقة أن الدماغ يبحث دائماً عما هو جديد وما هو سريع.
إذن ما الذي ينبغي عليك فعله لكي تركّز فيما ترغب في التركيز به وليس فيما حولك؟
بالنسبة لمعظم الناس فإن الخطوة الأولى والأكثر أهمية لزيادة التركيز هي تغيير الطريقة التي تنظر بها لعملية التركيز، كما يقول إيلي فينيسكي، مؤلف كتاب Hack Your Brain: "التركيز هو عضلة، ويمكنك بناءه، يعمل الكثير من الناس تحت فكرة أنهم غير قادرين على التركيز، ويصبح ذلك واقعاً بالنسبة لهم، ولكن بمجرد التخلي عن هذا الاعتقاد الخاطئ يمكنك اتخاذ الكثير من الأساليب الواقعية لبناء تركيزك".
من خلال الجمع بين تغيير طريقة تفكيرنا حول التركيز، والأدوات اللازمة من الممكن إعداد بيئة تعزز التركيز، فيما يلي تسع نصائح للتخلص من التشتت والتركيز على ما تحتاج إلى فعله:
1. جهّز دماغك
يقول إيلي فينيسكي: قبل بدء أية مَهَمّة، اعمل على تهدئة عقلك، اجلس لمدة دقيقة أو دقيقتين في وضع مريح وتنفس بعمق، دع جسمك يهدأ ويسترخي قبل أن تبدأ ما تنوي التركيز عليه، ستجد أن هذا التمرين يساعدك حقاً على التركيز".
2. افهم أين يجب أن يكون تركيزك
يقول رون ويب -المدير التنفيذي في مركز الإنتاجية والجودة الأمريكية، وهي منظمة بحثية غير ربحية- "إن التركيز ينطوي أيضاً على فهم إن كانت الأشياء التي تُلهيك تستحق تفكيرك، ووقتك حقّاً!" ويُضيف: "إن النجاح يقوم على تضمين التركيز في طريقة عملك؛ لأنه يستحق تركيزك". ويقترح رون ويب تخصيص بعض الوقت لتحديد ما يستحق تركيزك للسنة والشهر والأسبوع واليوم.
3. استراحة لمدة 30 دقيقة
إذا كنت بحاجة إلى التركيز، سجل الخروج من البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي. يقول المؤلف جان بروس: "وإن كان البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي هي مصدر رزقك، اصنع لنفسك معروفاً وسجل الدخول لمدة 30 دقيقة، إما في بداية اليوم أو لفترة ما بعد الظهر، واكتشف مدى ما يمكنك فعله عندما لا تقاطع عملك لكي تتفقد بريدك الإلكتروني أو حساباتك على شبكات التواصل".
4. ارتشف بعض القهوة
لا تساعدك قهوة الصباح على الاستيقاظ فقط، بل تساعدك على التركيز في اليوم أيضاً، إذا كنت بحاجة إلى معزز الانتباه في فترة ما بعد الظهر، يمكن لفنجان القهوة أن يؤدي المَهَمَّة، في دراسة نُشرت في مجلة مرض الزهايمر، حددت عالمة الفيزيولوجيا الفرنسية "أستريد نيهليغ" وجود صلة بين الكافيين والإدراك، في حين من الممكن أن الكافيين لا يحسّن التعلّم، أو أداء الذاكرة، فقد وجدت نيهليغ أنه يزيد من الإثارة الفسيولوجية، مما يجعلك أقل عرضة للتشتت وأكثر مقدرةً على الانتباه أثناء مهمة شاقة.
5. تحقق من درجة الحرارة
إذا كان الجو حاراً جداً، أو بارداً جداً في بيئة عملك أو أثناء الدراسة للامتحان مثلاً، فقد يؤثر ذلك على تركيزك، وجدت دراسة من جامعة كورنيل أن العمال الأكثر إنتاجية يرتكبون أخطاءً أقل في بيئة تتراوح ما بين 20 و25 درجة، تقول دراسة أخرى من جامعة هلسنكي للتكنولوجيا في فنلندا إن درجة الحرارة الملائمة هي 22 درجة، من الواضح أننا لا يمكننا التحكم في درجة الحرارة ولكن ما نرتديه أو الأجهزة المستخدمة للتبريد أو التدفئة قد تحلّ المشكل.
6. قلل مصادر الإلهاء
على الرغم من أن الأمر قد يبدو واضحاً، إلا أن الناس غالباً ما يستهينون بعدد مصادر الإلهاء التي تمنعهم من التركيز على المهمة التي يؤدونها، قد تأتي المصادر على شكل رنّة هاتف، أو ربما زميل يزور مكتبك باستمرار من أجل للدردشة.
تقليل مصادر الإلهاء ليست دائماً أمراً سهلاً -كما يبدو- على الرغم من أن الأمر قد يكون بسيطاً مثل إيقاف تشغيل التلفزيون أو الراديو، إلا أنك قد تجد صعوبة أكبر في التعامل مع زميلٍ يقاطع مهمتك، أو زوجة أو طفل أو ضيف.
إحدى الطرق للتعامل مع هذا الأمر هي تخصيص وقت ومكان محددين وتنبيه الآخرين أنك ترغب في أن تعمل بهدوء خلال تلك الفترة الزمنية، هناك بديل آخر وهو البحث عن مكان هادئ تعلم أنك ستتمكن فيه من العمل بدون عوائق، مثل مساحات العمل الجماعي، أو المكتبة، أو غرفة خاصة في منزلك أو مقهى هادئ في الجوار.
7. استخدم الرسم أو الخربشة
إذا كنت تجلس في اجتماع أو مؤتمر طويل، فاعمل على تحسين تركيزك ومهاراتك الفنية من خلال الخربشة أو الرسم العشوائي، وفقاً لدراسة من جامعة بليموث في إنجلترا، يساعد الرسم العشوائي في الأداء المعرفي والتذكر.
يكتب الباحث القيادي جاكي أندرادي: "يساعد الرسم العشوائي ببساطة على تثبيت اليقظة عند المستوى الأمثل، وإبقاء الناس مستيقظين أو تقليل المستويات العالية من اليقظة الذاتية المرتبطة غالباً بالملل".
8. عش حاضرك
من الصعب أن تظل مركّزاً ذهنياً عندما تكون عالقاً في الماضي، أو قلقاً بشأن المستقبل، أو أن تفقد التركيز على الحاضر لسبب آخر.
ربما سمعت أن الناس يتحدثون عن أهمية "عيش اللحظة"، الأمر كله يتعلق بالتخلص من عوامل التشتيت، سواء كانت جسدية (مثل الانشغال بهاتفك المحمول) أو نفسية (كمخاوفك) وبدل ذلك أن تحرص على الانخراط عقلياً بالكامل في اللحظة الحالية.
فكرة الوجود هذه ضرورية أيضاً لاستعادة تركيزك العقلي، أن تبقى منهمكا في الحاضر يحافظ على مدى انتباهك، وعلى عقلك مشحونا بالتفاصيل، التي تهم.
قد يستغرق الأمر بعض الوقت ولكن تعلم أن تعيش الحاضر، لا يمكنك تغيير الماضي والمستقبل لم يحدث بعد، ولكن ما تفعله اليوم يمكن أن يساعدك على تجنب تكرار أخطاء الماضي وتمهيد الطريق لمستقبل أكثر نجاحاً.
9. تدرب على اليقظة الذهنية
اليقظة الذهنية هي موضوع الساعة الآن، ولسبب وجيه؛ على الرغم من حقيقة أن الناس مارسوا أشكالاً من التأمل الذهني لآلاف السنين، إلا أن فوائده الصحية العديدة بدأ الناس في فهمها مؤخراً.
في إحدى الدراسات، كان لدى الباحثين مجموعة من المتخصصين في الموارد البشرية يشاركون في محاكاة نوع المهام المعقدة المتعددة التي ينخرطون فيها كل يوم في العمل.
كان لا بد من إكمال هذه المهام في غضون 20 دقيقة، وتضمنت الرد على الهواتف، وجدولة الاجتماعات، وكتابة المذكرات مع مصادر المعلومات التي تتدفق من مصادر متعددة بما في ذلك المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية.
شارك بعض المشاركين في 8 أسابيع من التدريب على استخدام التأمل الذهني، ووجدت النتائج أن أولئك الذين تلقوا هذا التدريب فقط أظهروا تحسناً في التركيز، كان أعضاء مجموعة التأمل قادرين على البقاء في المهمة لفترة أطول، والتبديل بين المهام بسهولة، وأداء العمل بكفاءة أكبر من المجموعات الأخرى من المشاركين.
يمكن أن تنطوي ممارسة اليقظة الذهنية على تعلم كيفية التأمل، ولكنها يمكن أن تكون بسيطة مثل تجربة التنفس العميق السريع والسهل.
هناك الكثير من الطرق الأخرى لتحسن تركيزك، في العمل أو الدراسة، أو كل الأشياء في الحياة والتي تجلب لك النجاح والرضا، منها أخذ فترات استراحة عندما تشعر بالإعياء والتشتت، التقليل من تعدد المهام والتركيز على مهمة واحدة في وقت واحد، والأهم الاستمرار في القيام بتلك الممارسات لأن بناء تركيزك العقلي ليس شيئاً سيحدث بين عشية وضحاها.