أبرز المساجد التي حوَّلها الغرب إلى كنائس والدور المطلوب من الأمة (2-2)

الرئيسية » بأقلامكم » أبرز المساجد التي حوَّلها الغرب إلى كنائس والدور المطلوب من الأمة (2-2)
335442D3-57CF-4D20-9538-29E5ACCED797

تحدثنا في الجزء الأول عن أهم عشرة مساجد قام الغرب بتحويلها إلى كنائس في أوروبا، وفي هذا الجزء سنتحدث بفضل الله تعالى عن:-

ثانياً: نماذج لانتهاك الغرب لمساجد في الدول التي استعمروها

من المعروف أن الدول الاستعمارية بداية من الحملات الصليبية، ومروراً بالاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي، وانتهاء بالاحتلال الصهيوني، قاموا بانتهاكات لا حصر لها في البلاد العربية والإسلامية بهدف طمس الهوية الإسلامية.

من أبرز الانتهاكات التي قام بها كل هؤلاء هي الانتهاكات في حقق المساجد والمقدسات الإسلامية.

وسنعرِّج هنا على بعض المساجد التي تم انتهاك قدسيتها من قبل الغرب وقاموا بتحويلها إلى كنائس نكاية في المسلمين وإمعاناً في إذلالهم.

1- جامع عمرو بن العاص التابع لمحافظة دمياط بمصر

جامع عمرو بن العاص بدمياط هو ثاني مسجد بُني في مصر ويُعد من أشهر مساجد دمياط وأقدمها، أنشأه المسلمون بعد فتح المدينة عام 21 هجرية.

تم بناء الجامع عام 642م علي طراز جامع عمرو بن العاص بالفسطاط بمصر القديمة، حيث قام بإنشائه الصحابي الجليل المقداد بن الأسود في عهد عمرو بن العاص رضي الله عنهما.

من عجائب جامع عمرو بن العاص بدمياط أنه تم تحويله من مسجدٍ إلى كنيسة ومن كنيسة إلى مسجد عدة مرات.

حينما استولى الصليبيون بقيادة زعيمهم الفرنسي "جان دى برين" على مدينة دمياط عام 1219م تم تحويل الجامع إلى كنيسةً، واستولوا على منبره، وكان من الأبنوس فقطعوه إلى قطع صغيرة، واحتفظ بعضهم بأجزاء منه وأرسلوا بقية أجزائه الأخرى مع المصاحف التي كانت بالجامع إلى البابا وملوك أوروبا كدليلٍ على سقوط المدينة في قبضتهم.

ولما خرج الصليبيون من دمياط عام 1221م تم إعادته إلى مسجد كسابق عهده.

وأثناء حملة لويس التاسع على دمياط عام 1249م، قام بتحويل الجامع إلى كاتدرائية وكرَّسها لمريم العذراء.

وبعد هزيمة لويس التاسع وخروج الصليبيين من دمياط عاد المسجد إلى سابق عهده مرة أخرى.

2- مسجد كشتاوه في الجزائر

تم بناء مسجد كشتاوه في العهد العثماني عام 1612م وتمت توسعته عام 1792م ليكون أحد أكبر مساجد الجزائر.

بعد الاحتلال الفرنسي للجزائر عام 1830م قام الدوق الفرنسي "دي روفيغو" بتحويل مسجد كشتاوه إلى كنيسة كاثوليكية باسم (سانت فيليب) حيث أخرج ما في المسجد من مصاحف وقام بوضعها في حظيرة للأغنام ثم أمر بحرق المصاحف في مشهد مهيب ومرعب.

وبعد الاستقلال وزوال الاحتلال الفرنسي عن الجزائر عام 1962م، أعاد الجزائريون مسجد كشتاوه إلى سابق عهده، وأقيمت فيه أول صلاة جمعة بعد 130 عاما، حيث تم تجديده بتمويل تركي.

3- انتهاكات الاحتلال الصهيوني للمساجد في فلسطين

بالنسبة لانتهاكات الاحتلال الصهيوني للمساجد في فلسطين فحدث ولا حرج، إن عشرات المساجد التاريخية الفلسطينية قد طالها عبث الكيان الصهيوني، فمنها ما تم تحويله إلى ملاهي ليلية وحانات، ومنها ما تحول إلى مخازن، ومنها ما تحول إلى حظائر للحيوانات، كل ذلك نكاية في الإسلام وإذلالاً للمسلمين.

أ) المسجد الأقصى

عندما احتل الصليبيون القدس غيروا معالم المسجد الأقصى، فاتخذوا جزءاً منه كنيسة، وجانباً آخر مقراً لفرسان الاستبارية؛ وأضافوا إليه من الناحية الغربية مستودعاً لذخائرهم.

وعندما حرر صلاح الدين القدس أعاد المسجد إلى ما كان عليه قبل الاحتلال الصليبي، وجدد محراب المسجد وقام بتغطيته بالفسيفساء وأتي بالمنبر -الذي أمر نور الدين محمود زنكي بصنعه في حلب- ووضعه في المسجد.

ب) المسجد الإبراهيمي

في سنة 492هـ هدم الإفرنج مسجد إبراهيم، وأقاموا على أنقاضه حصناً لفرسانهم، وكنيسة صغيرة على الطراز القوطي.

ولما استرد صلاح الدين مدينة الخليل، أمر بإعادة بناء المسجد، وبنقل المنبر الذي صنعه الفاطميون لمسجد عسقلان إليه. وأجرى الظاهر بيبرس في زمن المماليك أعمال صيانة كبيرة في المسجد، ما جعله واحداً من أعظم مساجد الإسلام.

ج) المسجد الأحمر في بلدة صفد الفلسطينية

قام الظاهر بيبرس رابع سلاطين الدولة المملوكية التي حكمت مصر والشام بتأسيس المسجد الأحمر عام 1276م ويقع المسجد في بقعة طبيعية خلابة على جبال صفد بارتفاع يقترب من نصف كيلو متر.

اعتبر المسجد الأحمر مدرسة هامة للفقه والحديث والعلوم في العصر المملوكي، واكتسب اسمه من شكل حجارته الحمراء المصفوفة.
فور احتلال فلسطين عام 1948م قام الاحتلال بتحويل المسجد إلى مدرسة يهودية.

بعد ذلك قام الاحتلال بتحويل هذه المدرسة إلى مُلتقى للفنانين، ثم مرقصاً ليلياً وصالة للحفلات الماجنة.

وبعد سيل من الاعتراضات الحقوقية على ذلك تم استغلال المسجد كمخزن ملابس لإحدى الشركات الاستثمارية، ثم انتهى به الحال الآن ليكون ملهى ليلي وقاعة أفراح، وتم تغيير اسم المسجد من المسجد الأحمر إلى الخان الأحمر.

د) المسجد اليونسي

بُني المسجد اليونسي سنة 1901م وذلك على أنقاض "جامع الشيخ نعمة" الذي بني سنة 1576م.

تم بناء الجامع اليونسي في عهد السلطان عبد الحميد الثاني الذي ساهم في بنائه, وفي فترة الانتداب أصبح منبراً للحركة القومية العربية.

لا يختلف حال المسجد اليونسي كثيراً عن حال بقية مساجد صفد في ظل الاحتلال الصهيوني، فالمسجد اليونسي قد تم حظر الصلاة فيه، وقامت بلدية صفد بتحويله إلى معرض للفنون.

هـ) جامع الغار

أما جامع الغار نسبة إلى غار سيدنا يعقوب المجاور (غار الأحزان)، فهو الآخر قد تم تحويله إلى كنيسة لليهود.

و) مسجد عين الزيتون

بعدما كان مسجد عين الزيتون واحداً من أجمل مساجد صفد ويمتاز بوجود ينبوع داخله تستخدم مياهه للوضوء، وما زالت تتدفق حتى اليوم، تحوّل طابقه الأرضي إلى حظيرة حيوانات، بينما أصبح طابقه العلوي مخزناً، وتحولت مقبرة صفد "البرانية" الملاصقة له إلى مرتع للخيول والأبقار.

ثالثاً: مظاهر الهجوم على الإسلام في العصر الحديث

من المعروف أنه لم يحظَ دينٌ قط بكثرة وشراسة أعدائه مِثل ما حظيَ بهِ الدين الإسلامي ، وصور هذه العداء ضد الإسلام تتغير بتغير الزمان، وأعداء الإسلام يتلونون تلون الحرباء فما كانوا يمارسونه من عداء بالأمس لم يعد صالحاً اليوم، وبالبديهي ما يمارسونه اليوم سيمارسون غيره مُستقبلاً.

لقد تغير أسلوب الصراع ضد الإسلام من المواجهة المباشرة والفجر الصريح بالأمس، إلى ما هو أشد وأنكى، ولكن بأسلوب بارد وأكثر نعومة من نعومة الحية الرقطاء.

لقد تغير أسلوب الصراع ضد الإسلام من المواجهة المباشرة والفجر الصريح بالأمس، إلى ما هو أشد وأنكى، ولكن بأسلوب بارد وأكثر نعومة من نعومة الحية الرقطاء

ومن مظاهر الهجوم على الإسلام في العصر الحديث، ما يلي:-

1- العبث بمحتويات المناهج الدراسية في العالم العربي والإسلامي وذلك بالحذف والإضافة والتشويه بما يضمن تشويه مفاهيم الأجيال.

2- الوصول إلى المنصات الإعلامية من خلال مشايخ ووعاظ حديثهم ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبلهم السم الزعاف.

3- الترويج لفكرة أن هناك حاجة ماسة إلى إعادة فهم تعاليم الإسلام في ضوء متغيرات العصر، وذلك بغرض تفريغ الإسلام من روحه ورسالته السامية والإبقاء عليه في شكل طقوس وشعائر لا تحيي مَوات قلب، ولا تلهب مشاعر مُتبلدة، ولا تؤرق نوم مُذنب.

4- الترويج لفكرة وحدة الأديان وحرية العبادة ونشر شعارات التعايش والتسامح، كل ذلك بهدف خلق كائن لا ديني يرى المنكر فلا ينكره ويرى المعروف فلا يأبه به .

5- العمل على نشر مصطلحات يرهبون بها المسلمين مثل التطرف الإسلامي، الإرهاب الإسلامي، مُعاداة السامية، مُخالفة القيم العالمية، وغير ذلك من المصطلحات التي يجعلون منها سيوفاً يسلطونها على رقاب كل من يحاول إحياء الإسلام في ضمير الأمة.

6- الضغط على الحكومات من أجل تحجيم دور المساجد، وإتاحة مساحات لأصحاب الفكر الشاذ في المنصات الإعلامية من أجل التعبير عن رؤيتهم للدين الإسلامي.

7- التحريض على مناهضة جهود المجتمع المدني والمؤسسات الخيرية ذات التوجه الإسلامي، واستبدالها بأخرى مُستأنسة تابعة للأنظمة، تدور في فلكها وتعمل وفق خطتها.

8- استحداث ما يسمونه بدعاة التنوير الذين يطالبون بحقوق الشواذ والحرية الجسدية وحماية المرتدين وغير ذلك من القضايا التي تتعارض مع الشرع وما أنزل الله بها من سلطان.

9- الهجوم السافر والمستمر على أي مظهر من مظاهر التدين كاللحية والحجاب والنقاب ووصم كل ذلك بالتخلف والرجعية التي لا تتفق مع العصر الحديث.

10- القضاء على الأسرة المسلمة والعمل على قطع الأواصر التي تربط الأسرة الواحدة وبالتالي يكون المجتمع كله متفرق ومتشرذم ومتحزب وتتربص كل فئة فيه بغيرها. فالمجتمع الذكوري يتناحر مع المجتمع النسائي، وجيل الأبناء يرفض الامتثال لجيل الأجداد والجميع يدورون في حلقة مُفرغة.

تلك عشرة كاملة ومن المؤكد أن هناك من المظاهر والوسائل الخفية التي تحاك بالأمة ليلاً ونهاراً لكي تصيب الإسلام والمسلمين في مقتل.

رابعاً: دورنا تجاه الهجمة على الإسلام في العصر الحديث

شاءت إرادة الله تعالى أن يكون لكل داء دواء ولكل سم ترياق، و الموفق هو من يوفقه الله تعالى إلى الوصول إلى الدواء قبل أن يتمكن الداء من الجسد والوصول إلى والترياق قبل أن ينتشر السم في كل الأعضاء.

ويمكننا تلخيص دورنا في نقاط، وهي:-

1- اليقظة لمخططات أعداء الإسلام ورصدها وتفنيدها بل وفضحها حتى لا تؤثر على المجتمع المسلم.

2- تعريف العامة بالقضية وتبسيط الدور المطلوب من كل فئة ومن كل فرد دون تهويل ولا تهوين.

3- اليقين بأن الإسلام يحمل بداخله عوامل ثباته وانتصاره وعُلوه ، وأن الله تعالى ما أنزل الإسلام إلا لينصره، وأنه سبحانه يغرس للدين بكلتا يديه، وأنه سبحانه "يبعثُ لهذهِ الأمةِ على رأسِ كلِّ مائةِ سنةٍ من يُجدِّدُ أمرَ دينِها" وذلك بإزالة كل ما طاله من غبش وما شابه من شبهات وأباطيل.

4- اليقين بأن دين الله تعالى لا ينصره كسالى، ولا يحمل لواءه من يتدينون تديناً شكلياً، ولا يجدد شبابه إلا من يأخذون بالعزائم.

دين الله تعالى لا ينصره كسالى، ولا يحمل لواءه من يتدينون تديناً شكلياً، ولا يجدد شبابه إلا من يأخذون بالعزائم

5- إحياء روح الجهاد في الأمة بمفهومه الشامل (جهاد الكلمة - جهاد القلم - الجهاد المادي بكل جهد مهما كان يسيراً - الجهاد المعنوي بالتبني والمؤازرة)، ولنعلم أن دور "السَّاقة" في ميدان المواجهة لا يقل أهمية عن دور من هم في "المقدمة".

6- الحرص كل الحرص على نبذ الخلاف، وإزكاء روح الوحدة والأخوة، فالإسلام يحمل في ثناياه كل أواصر الوحدة وكل عوامل القوة .

7- العمل على الاكتفاء الذاتي وخاصة في الضروريات والأساسيات التي يُمكن للعدو أن يتخذ منها ذريعة لتصرفاته وتجاوزاته المشينة في حق الأمة، ويعتبرها ورقة ضغط لتحقيق أهدافه.

8- عدم الاكتفاء بدور المدافع المغلوب على أمره، ولا بدور المفعول به، فالإسلام دين العزة والكرامة، ورضي الله عن الفاروق عمر حين قال: " نحن قوم أعزَّنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزَّة في غيره أذلَّنا الله"، فالتاريخ لا يكتبه إلا المنتصر، والعالم لا يسمع إلا للقوي.

هذه رؤوس أقلام وغيض من فيض الدور المطلوب منا، ولكن يمكن البناء على ما ذكر من نقاط للحد من الهجمة على الإسلام والمسلمين.

وأخيراً أقول

إن كل ما يحدث على الساحة العالمية الآن ما هي إلا إرهاصات لبزوغ فجر الإسلام من جديد ، فالمجتمع الغربي يحمل بين أحشائه جنيناً مُسلماً خالصاً، والمجتمع الغربي يفهم ذلك جيداً، وكل محاولاته ومؤامراته التي نراها ما هي إلا محاولة لتأخير لحظة الحسم، القادمة لا محالة.

ندعو الله تعالى أن يستعملنا ولا يستبدلنا، كما ندعوه سبحانه أن تأتي هذه اللحظة ونحن أشد إيماناً، وأكثر ثباتاً، وأمضى عزيمة، وأقوى شكيمة، إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
خبير تربوي وكاتب في بعض المواقع المصرية والعربية المهتمة بالشأن التربوي والسياسي، قام بتأليف مجموعة من الكتب من بينها (منظومة التكافل في الإسلام– أخلاق الجاهلية كما صورها القرآن الكريم– خير أمة).

شاهد أيضاً

بين عقيدة الإسلام و”عقيدة الواقعية

للإسلام تفسيرٌ للواقع وتعاملٌ معه بناءً على علم الله به ومشيئته فيه، كما يثبتهما الوحي. …