في الجزء الأول من هذا الموضوع تحدثنا بفضل الله تعالى عن:-
بعض إنجازات أردوغان التي تستحق الإشادة والتقدير.
وفي هذا الجزء سنتحدث بفضل الله تعالى عن:-
ثانياً: مواقف لا تنسى من حياة أردوغان
إن حياة الرئيس أردوغان حافلة بالمواقف القوية، هذه المواقف هي التي أطلقت شرارة شعبيته الجارفة لدي ملايين من المسلمين والعرب في كافة بقاع الأرض، ومن بين هذه المواقف:-
1- وقف أردوغان في مؤتمر جماهيري حاشد في قلب ميدان ولاية "سيرت" التركية عام 1998م مُعلنا عن مبادئه وملامح شخصيته بأبيات للشاعر التركي "ضياء غوك ألب" حيث تقول هذه الأبيات:
مساجدنا ثكناتنا ... قبابنا خوذاتنا ... مآذننا حرابنا ... والمصلون جنودنا ... هذا الجيش المقدس يحرس ديننا.
وبسبب هذه الأبيات تم اتهام أردوغان بالتحريض على الكراهية الدينية تسببت في سجنه ومنعهِ من العمل في الوظائف الحكومية ومنها الترشيح للانتخابات العامة.
2- انسحاب أردوغان الشجاع من إحدى جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" بسويسرا، في يناير 2009م.
كان الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز مشاركاً في المنتدى، وجاء انسحاب أردوغان اعتراضاً على أسلوب إدارة الجلسة، حيث تم منح الرئيس الإسرائيلي ضعف الوقت المخصص لكل متحدث لكي يبرر شيمون بيريز الحرب التي تشنها القوات الصهيونية علي غزة.
ومما قاله أردوغان قبل انسحابه: " سيد بيريز ... إنك أكبر مني سناً ولكن لا يحق لك أن تتحدث بهذه اللهجة، والصوت العالي يثبت أنك مذنب". وتابع أردوغان قائلاً: "إن الجيش الإسرائيلي يقتل الأطفال في شواطئ غزة، ورؤساء وزرائكم قالوا لي إنهم يكونون سعداء جداً عندما يدخلون غزة على متن دباباتهم".
وفور عودة أردوغان لتركيا احتشد لاستقباله آلاف الأتراك حاملين الأعلام التركية والفلسطينية.
3- في عام 2010م قامت إسرائيل بالاعتداء على أسطول الحرية التركي الذي كان يحمل المئات من ناشطي السلام وقادة المنظمات والجهات الدولية التي تعمل على إغاثة شعب غزة المحاصر، وأسفر عن هذا الاعتداء مقتل 19 ناشط، بالإضافة إلي عشرات الجرحى، وكان أغلبهم من الأتراك.
كان رد فعل أردوغان عنيفاً وقاسياً حيث قال: "إن إسرائيل دولة إرهابية، دولة عصابات، دولة عدوانية، دولة بلا جذور"، وأضاف قائلاً: "مصير القدس مرتبط بمصير إسطنبول، ومصير غزة مرتبط بمصير أنقرة"، متعهداً "عدم تخلي تركيا عن الفلسطينيين وحقوقهم، حتى ولو تخلى العالم عنهم".
وقال موجهاً حديثة لقادة إسرائيل: "إذا أردتم تركيا عدوة فإنها ستكون عنيفة وقاسية".
أصر أردوغان على تدويل الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي إلا أن المحكمة قامت في 2017م بإصدار قرار يقضي بإسقاط الدعوى ضد إسرائيل وعدم محاكمتها على أحداث سفينة "مرمرة" (أسطول الحرية).
4- ومن المواقف الشجاعة التي تحسب للرئيس أردوغان أنه هدد بسحب السفير التركي لدى إسرائيل إثر موقف مهين قام بها نائب وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي "دانى أيالون" تجاه السفير التركي بعدما استدعاه بطريقة مهينة وتركه ينتظر بالساعات احتجاجاً على المسلسل التركي "وادي الذئاب" الذي صوَّر الدبلوماسيين الإسرائيليين كمجرمين.
وفور أن هدد أردوغان بسحب السفير التركي لم يكن أمام إسرائيل إلا أن تجعل نائب وزير خارجيتها يعتذر عما بدر منه تجاه السفير التركي.
ثالثاً: من أقوال أردوغان
إن أقوال الرئيس أردوغان شملت كل القضايا والمواقف، كما شملت مختلف الدول، وسوف نذكر بعض أقواله فيما يخص بعض القضايا والمواقف، وبعض الدول.
أ) بعض أقوال أردوغان فيما يخص الشأن التركي.
1- باسمي كمرشح للجمهورية أقول إنها المرة الأولى التي ذهب فيها أبناء الشعب التركي لاختيار رئيسهم، لقد كانت فترة صعبة، لكنها مرت وفق القوانين المتاحة وأثبتنا أننا ديمقراطيون.
2- إذا تورط أحد أبنائي في حالة فساد واحدة، فلا أبقيه بجانبي ثانية واحدة، وأتبرأ من فعله.
3- إن تركيا لن تقف على أعتاب الاتحاد الأوروبي متوسلة العضوية تركيا اليوم دولة قوية وتعرف كيف تنهض بذاتها، إذا كنتم ضدها عليكم قبول تركيا في الاتحاد، كان هناك طرح من الماضي وحتى اليوم بأن الاتحاد الأوروبي اتحاد مسيحي، وفي حال ضمهم لتركيا سينحى هذا الطرح جانباً.
4- لا أذكر أنني نمت ليلة واحدة وعلى مكتبي ورقة تحتاج إلى توقيع، لأنني أدرك أن التوقيع الذي لا يستغرق مني سوى ثانية قد يعطل -إن تأخر- مصالح الناس عدة أيام. * هذه المقولة قالها أردوغان للدكتور غازي القصيبي، وذكرها في كتابه "حياة في الادارة".
5- لا نحاول أن نتسيَّد على المواطنين، المواطن هو السيد في هذا البلد، نحن نستمع إلى إرادة الشعب ونحترمها وهذه هي التي تقودنا إلى النجاح.
6- لا يمكن تعريف الديمقراطية بوجود البرلمانات والانتخابات وحدها.
7- اعتقادي الدائم أنه إذا اختبأ الزعيم خلف الحجر فإن الشعب سيختبئ وراء الجبل.
ب) بعض أقوال أردوغان فيما يخص الأمة والدولة العثمانية.
1- لو نسيت أمة من الأمم دينها، فإنها تصير محكومة من أمم أخرى تتحكم فيها، وإذا نسيت الحضارة التي كانت سببا في نشأتها، فإنها تصبح أسيرة حضارات أخرى.
2- إننا أحفاد كل المجاهدين والمناضلين والسلاطين الذين حافظوا على أراضي العراق ومصر وسوريا، إننا أحفاد أجدادنا الذين حموا هذه الأراضي وهم من ضحوا بأنفسهم من أجل حماية الأراضي المقدسة، وخلال 13 عاماً يسير الحزب وأعضاؤه على نفس الخطى، وعلى نفس المبادئ؛ لأنها قائمة ومبنية على أساس الحفاظ على حق المظلومين.
3- نحن أمَّة ومَنْ لا يناسبه هذا يستطيع الذهاب.
4- نحن في تركيا نذهب إلى كل بقعة وصل السلطان إليها على ظهر الخيول، ونهتم بتلك المناطق، ونقدر أجدادنا وما فعلوه من أجلنا، لا إهانتهم وتشويه صورتهم.
ج) بعض أقوال أردوغان فيما يخص القضية الفلسطينية.
1- إن رفع الحصار عن غزة أحد الشروط الثلاثة لتسوية العلاقة مع "اسرائيل".
2- إن حركة حماس حركة انتخبها الشعب الفلسطيني ويجب احترام إرادة الشعب الفلسطيني.
3- موقف القادة المسلمين من معاناة قطاع غزة يدعو إلى الرثاء.
4- القضية الفلسطينية تتعلق بنا جميعاً وتؤذي ضميرنا، القضية الفلسطينية قضية الجميع ولا تتعلق بالفلسطينيين فقط.
5- القدس وغزة وحيفا والجليل لا تقل قدراً عن أنقرة، القدس هي قرّة عين العالم الإسلامي ومعاً سنكتب مستقبل هذه المنطقة بإذن الله.
6- صدقوني لم يحصل الفلسطينيون على نفس الاهتمام الإعلامي لأسماك الفقمة (حيوان ثديي يعيش في القطب الشمالي) في معظم وسائل الإعلام الدولية، وليس للأطفال الذين يقتلون الآن بكل خسة في غزة.؛ أية قيمة في تلك الوسائل.
7- تحولت قضية القدس إلى امتحان للمسلمين والمظلومين في سائر بلدان العالم، وكذلك للدولة التركية والمنطقة برمتها.
د) بعض أقوال أردوغان فيما يخص الشأن المصري.
1- كل انقلاب أمر غير مشروع ونحن ضد الانقلابات في أي دولة ولأي سبب، لن يتذكر أحد الانقلابيين في مصر بعد 4 أو 5 سنوات، ولكن العالم سيذكر الذين وقفوا ضد الانقلاب.
2- لابد أن أقول بأن الغالبية العظمى من الشعب المصري أخوتنا، ولكننا بوصفنا حكومة حزب العدالة والتنمية لا يمكن أن نقبل بنظام وصل إلى الحكم بانقلاب عسكري.
3- إذا كنا نؤمن بالديمقراطية فذلك يعني أنه لا يحق لأي شخص الإطاحة بمرسي الذي وصل إلى الحكم بالوسائل الديمقراطية وحصل على 52% من الأصوات.
4- من المستحيل الحفاظ على صداقة بلدي مع من يزعمون أنهم قادة ثم يهاجمون شعبهم، يطقون النار عليهم باستخدام الدبابات وأشكال أخرى من الأسلحة الثقيلة.
5- أوعز أردوغان إلى أن: "أي طالب مصري يُفصل من الجامعة من قبل سلطات الانقلاب له الحق في أن يكمل دراسته في تركيا".
هـ) بعض أقوال أردوغان فيما يخص الشأن السوري.
1- إن تركيا تشجع على قيام نظام دستوري وبرلماني يشمل كل المواطنين في سوريا.
2- إنه لا يوجد حل في سوريا مع الرئيس السوري بشار الأسد، وخاصة بعد كل هذا الدم الذي أريق، وتهجير مليونين ونصف المليون من ديارهم، كيف يمكن لزعيم أن يقف ويقول إنه سيواصل قيادة البلد؟ هذا لا يمكن قبوله.
وختاماً أقول
إن الرئيس أردوغان يتعامل ببراعة فائقة وسط تيارات وسياسات مختلفة ومتعارضة...
فما يعجب موسكو، بالتأكيد لن يعجب واشنطن.
وما يصب في صالح العرب والمسلمين، من البديهي أنه يتعارض مع مصالح أوروبا.
وما يرضي المصلحين داخل تركيا، يقف له التيار العلماني في الداخل والخارج بالمرصاد.
ورغم كل ذلك نجد الرجل يعزف على اوتار الناتو بحرفية ، ويتعامل مع الاتحاد الاوروبي بثقة، رغم العلاقة المحمومة بين تركيا وبين الاتحاد الأوروبي.
إن كل ما ذكر يصب في صالح الشأن التركي الوطني والعالمي، ويعيد أمجاد دولة قادرة على منافسة الدول الكبرى في العالم.
ويبقى السؤال هنا:
أين باقي الدول العربية والإسلامية من مؤازرة المارد التركي الذي أوشك أن يخرج من القمقم، وحينها سيلهث الجميع نحو قِبلته، يلتمسون منه الرضا كما يتم الآن مع واشنطن وموسكو وغيرهما!!!