حين تلتقي بشخصٍ لأولِ مرةٍ، ويخبرك قبل انتهاء اللقاء عن سلبياتك وإيجابياتك، فماذا عساك أن تفعل؟
أظنك ستكون أمام خيارات:
إما ستتسع حدقتا عينيك وترفع حاجبيك وتبتسم خفيفاً وتعترف" اه والله كلامك صح"، وإما ستبتسم ابتسامةً ساخرةً وتهز برأسك يمنةً ويساراً، وتبدأ هجوماً مضاداً لتؤكد أن التقييم " فش منو" وإما أن تقول له " أصبتَ هنا وأخطأتَ هُناك".
عزيزي القارئ، عزيزتي القارئة:
يحدث أن نجد من يعرف ما بداخلنا ويخبرنا بما لذ وساء من صفاتنا، ويصدق إلى حد كبير من خلال "الفراسة، وأعترف بأني ولحدٍ قريبٍ كنتُ ممن يجهلون تفاصيل علم الفراسة ومعلوماتي ضئيلة جداً، لكن بعد التحاقي بدورة علم الفراسة في جمعية عطاء بلا حدود برفح تعرفت على الكثير من أسرار الفراسة وعلم الوجوه على يد المدربة تهاني جبر.
فالفراسة باعتبارها الاستدلال بهيئات الإنسان وأشكاله وألوانه وأقواله على أخلاقه وفضائله ورذائله، ليست حديثة، فقد كتب عنها الإمام " إبن القيم الجوزية" كتابا " الفراسة"، والإمام فخر الدين الرازي كتاب" الفراسة دليلك لمعرفة أخلاق الناس وطبائعهم "، و"علم الفراسة الحديث" جورجي زيدان، وكتاب " الفراسة وقوة الحدس" لفيلكيس ايشياخر.
لقد أكد القرآن من خلال" سيماهم في وجوههم " أن الوجه مكمن أسرار الإنسان ومفتاح مهم جداً لقراءة دواخله بحيث أن كل عضو في الوجه له دلالة، حتى حالات العضو الواحد لها دلالة وايحاء تسهل على المتفرس الجيد قراءة الانسان وعملية التعامل معه.
ومن هذا المنطلق ونظراً لازدياد إيماني بهذا العلم وبضرورة تعميمه، فإني أطرحُ أفكاراً للإستفادة منه في كافة المجالات من خلال تنظيم دورات:
_لرجال الأمن لمساعدتهم في فهم الآخرين، وخاصة المجرمين المتمرسين.
_لرجال السياسة والتفاوض لأن قراءة وجه الطرف الآخر تتيح معرفة نقاط ضعفه وتسهل فرصة التأثير عليه والحصول منه على مكاسب.
_للمقبلين على الزواج وهذا مهمٌ جداً لأن معرفة الشريك لصفات شريكه قبل الخطبة أو قبل الزواج توفر الوقت والجهد الذي سينفقه في التعرف على شريكه بعد الزواج وبالتالي عدم الوقوع في مشاكل أُسرية.
_للمعملين والمعلمات فالفراسة توضح لهم طبيعة الطلبة من حيث الطيبة واللؤم والجد والكسل والكذب والصدق واكتشاف ميولاتهم.
_للصحفيين حيث يُجري كثير من الصحفيين اللقاءات مع الشخصيات وخاصة الرسيمة وهم يجهلون طبيعتهم ونفسيتهم، فبعض الشخصيات العامة لا تحب الاسئلة عن الحياة الشخصية أو الحديث عن الماضي، فمعرفة خصائصهم يمنع الحرج عن الصحفيين.
_للموظفين في المؤسسات العامة والخاصة لاسيما الذين لديهم تعامل وتفاعل مستمر مع الجمهور، حتى يعرف الموظف خصائص المواطن هل هو عصبي أُم صبور أم مُتفهم أم مُنظم أو فوضوي؟
_للعاملين في لجان اختيار الموظفين "ديوان الموظفين " لمساعدتهم في اختيار ووضع "الإنسان المناسب في المكان المناسب" فالفراسة تعطي المدير فرصة لاختيار الموظف المناسب لطبيعة العمل من خلال معرفة مدى نشاطه وذكائه ورغبته وقدرته على إنجاح المهام الموكلة إليه.
_القضاة لأن تمتعهم بهذا العلم يساعدهم على إصدار الحكم المناسب.
هذا كان حديث الفراسة وأتمنى أن نأخذها على محمل الجد حتى لا نقع ضحية سوء الإختيار أو سوء التأويل.