الحركة الإسلامية وحاجتها للمجدد!

الرئيسية » خواطر تربوية » الحركة الإسلامية وحاجتها للمجدد!
muslims brotherhood7

لاشك أن الحركة الإسلامية اليوم تعيش مرحلة شديدة القسوة من عمرها ومحنة عظيمة، آثارها السلبية عليها كبيرة ولامجال للنكران أو التجمل فالاعتراف بالحق فضيلة، وأول مراحل الدواء لأي داء هو الإقرار بوجوده وتبعاته، ومن أعظم مراحل العلاج وضع اليد على الأوجاع ثم الشروع في وصف مايناسب كل وجع على حدة، بشكل يصل بالنهاية للشفاء أو حتى الالتئام الذي يساعد على القيام والتحرك بأريحية، أو إن شئت فقل بلا قيود.

ولما كانت الحركة الإسلامية هي رونق الحياة، ولاقيمة لفرد بلا فكر، وما أعظم أن يحيا الإنسان رافعا للحق راية يجاهد في سبيلها حتى يلقى ربه.

فإننا اليوم وبوضوح شديد وبألم أشد يعتصر العقول والقلوب والأرواح سنتكلم عن حتمية خروج مجدد لهذه الحركة ينتشلها من أوجاعها، ويداوي جراحها.

وحتى نكون منصفين فإننا سنشرح الواقع كبداية للبدء.

«واقع الحركة»

إن كل مخلص غيور على دعوته وفكرته يدرك حجم الوجع الذي أصاب الحركة الإسلامية وأفرادها جميعا بلا استثناء، فالألم طال الجميع ولم تعد هناك خطوط حمراء عند الظالمين ومعسكرهم، فالظلم بلغ مداه بشموله، فما بين التصفيات والقتل والإعدامات والأحكام والاعتقالات ومصادرة الأموال والفصل من الوظائف والكثير والكثير يحيا -إن كانت هذه حياة- الآلاف من أبناء الحركة الإسلامية خصوصا في مصر.

إن الحاجة اليوم لمجدد يعيد الحركة الإسلامية للحياة بشكل طبيعي، أصبح حلما يتمناه الكثير من أبنائها، والمجدد المنتظر هو ذلك الضياء الذي يزيل آثار الظلام في عقول الكثير من الشباب الذين كانوا يوما من أبناء الحركة الإسلامية وبفعل الظلم والمظالم ألحد منهم الكثير وأنا أعي جيدا ما أكتب، وتخلى الأكثر عن أفكاره غير أن الاثنين مازالا فى مرمى الظالمين، فهم لن يتركونا طالما أن هناك ضوءا يأتي إلينا من السماء!

إن "المجدد" المنتظر هو ذلك الشاب الفكرة، بغض النظر عن عمره فالرجال يقاسون في عالم الأفكار بمدى نشاط آرائهم، وهمة أطروحاتهم، وبصيرة قلوبهم وتأثيرهم في مجريات التاريخ والأحداث.

وما كان "حسن البنا" -رحمه الله- إلا رجلاً فَطِن حقيقة الدين، وعظمة المسار وصاحب ذلك همة عالية فانطلق يبلغ رسالة الإسلام بمفهومها الشمولي الذي نزعم أنه صواب واجتهاد صحيح، والرجل في كل الأمور له وعليه، والوقوف كثير عند مناقبه أو مآخذه ليس صوابا، لكن الأهم مدارسة الماضي والعمل على تحقيق المستقبل بخبرات الواقع، أو إن شئت فقل بما تعلمناه من أوجاع الحاضر حتى لا نقع فيه مستقبلا.

إن التجديد في حياة الدعوات وعالم الأفكار فرض لامناص منه، والروتين والتقليد والميل لهذه الحياة عطل وتنطع سلبياته أعظم آثارا، وعليه فإن الجميع مطالب أن يكون في ذاته وحياته وتطويره لنفسه "بنا" جديداً فإن فشلنا بفعل الظلم في إبراز نماذج كالإمام المؤسس فإننا أيضاً أفشلنا أنفسنا كثيراً بفعل الروتين والتقليد واللوائح التي عطلت خروج نماذج في فترات الرخاء أو السعة.

إن المجدد المنتظر لهذه الدعوة المباركة لابد أن يدرك حجم الرسالة الدعوية التى يسعى في إبرازها، بحيث تكون كطوق نجاة لهذه البشرية التي حادت عن مسار الصلاح والإصلاح في ظل تصاعد الدعوات الملحدة والتي تشكك المؤمن في دينه، وللأسف ينبري لها رجال لهم بريق في اللسان وعلم، ويتحدثون بالقرآن والسنة، يكفرون البعض ويشيطنونهم خدمة وتزلفا للظالمين، وأيضا في ظل حالة الجمود الفكري عند قادة الحركات والكيانات الإسلامية.

إن المجدد المنتظر سيخرج حتما من هذه المحنة لكنه سيكون أشد وعيا وفهما لرسالته، وأعظم تقديرا لرجالات الدعوة الذين ضحوا ومازلوا يضحون بالغالي والنفيس بكل فخر وثبات، يسعى لجمع الشتات والقلوب والعقول مستعينا بإخلاصه لربه وحسن اتباعه لنبيه، وعظمه فهمه لدينه الذي يُجمع ولا يُفرق، ويبنى ولايهدم.

إن المجدد المنتظر يحتاج رجالاً لديهم وعي وإلمام كامل بالمسار وحسن فهم للمسير الصحيح الذي يعود بالبناء للبناء الذي يوافق الفهم السليم المتوافق مع الواقع الذي لا يقدس نصوصاً غير القرآن والسنة، وعليه فعلى كل صاحب فكر مستنير أن يزداد من تطوير ذاته وتأهيل نفسه قراءة وعلما وتدريبا واطلاعا ومناظرة وقبل كل هذا إخلاصا وتعبدا لله رب العالمين.

إن أكبر معوق اليوم يواجه الحركة الإسلامية في ظهور بناء جديد يضيء لها الطريق هو الخلاف والتشرذم ولامجال للإنكار ولو بذرة من أنه لايوجد خلاف أو تشرذم فضلا على أنه من المرفوض التخوين وإطلاق الطعنات والنعرات في كل من يرفع رأيا أو يدعو لمراجعة أو تقييما للأمور أو حتى من يرى حتمية العودة خطوة للخلف، فنحن لسنا رسلاً يأتينا الوحي أو صحابة فينا نبي يأتيه الوحي ليحدد له الطريق بل هى اجتهادات نصيب فيها ونخطئ. بل هناك اجتهادات تعصف بالصف وتجلب له البلاء وأحيانا التيه والانشقاق.

إن الحب في الله أعظم شيء في الكون بعد طاعة الإله، وهذا الحب يجعلنا أكثر وفاء لفكرتنا وعليه يجعلنا أكثر حرصا ونصحا ولا نمل من الحرص ولا النصح من أجل أن تقف دموع الأمهات والأخوات وتعود إليهن البسمة بلقاء من أحببن.

إن الأوجاع العظيمة والتضحيات الأعظم تجعل حتمية وجود مجدد لهذه الدعوة أمراً لامفر منه، فقد نظل سنين في محنة نحسبها ابتلاء لكنها بفعل السياسات وعدم انتهاز الفرص قد تكون بلاء وتيها والألم يعتصرنا جميعا، لذلك فإنني أدعو الجميع للقيام بما يجب في إبراز مجدد جديد لهذه الدعوة بما يتناسب مع المرحلة، وعالم الثورات الفكرية والمعلوماتية وأيضا مع حجم المؤامرات الضخمة التي تستهدف المشروع الإسلامى في العالم وحجم المكر المركب وسحرة فرعون وما أكثرهم، لكنهم اليوم بلغات مختلفة وأفكار براقة، وأيضا حجم التحولات التقنية التي يشهدها العالم ونحن لازالنا محلك سر لم نعد مؤثرين.

ياقومنا: إن التعويل على الثبات فقط دون عمل هو انتحار وأمر غير كافٍ. فالثبات درجات وقد يصرخ المرء بداخله لكنه يبتسم أمام الكاميرات حتى يثبتنا أو على الأقل يقول بصمت خفي: توحدوا يرحمكم الله.

وأيضا هناك الآلاف من الأوجاع لم يعد الصبر لها دواء، فزهرة أعمار الكثير تضيع بين القضبان إما زائرا أو مزورا وكلاهما أوجاعه عظيمة.
إنني لن أفرد مساحات للوجع بقدر ما أتحدث عن أهمية الأمل والعمل على إبراز مجدد جديد يتجمع حوله الشباب ليعيد لنا الأمل بشكل يعزز في النفوس ثقتها بربها وبالمسار الذي سرنا فيه جميعا حبا وسعيا لرضا الإله وتحرير البلاد من أي احتلال خارجي بمختلف أنواعه، وتأسيس لمجتمع صالح يصون العرض والنفس.

فهل وصلت الرسالة أم أننا سنظل في سباتنا العميق؟!

فهل وصلت الرسالة أم أن اللوائح ستعيق البناء؟!

فهل وصلت الرسالة أم أن الأهواء وحب الزعامة للبعض سيعطلان ظهور مجدد جديد؟!

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب وباحث مصري الجنسية، مؤلف عدة كتب فى التربية والتنمية "خرابيش - تربويات غائبة- تنمويات". مهتم بقضية الوعي ونهضة الأمة من خلال التربية.

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …