في عام 1930م أقامت فرنسا احتفالاً كبيراً، بمناسبة مرور 100 عام على احتلال الجزائر، وقالت للعالم أجمع أن هذا الحفل سيكون بمثابة (جنازة الإسلام) في الجزائر.
أرادت فرنسا أن تقول للعالم من خلال هذه الاحتفالية أنها قد صبغت الشعب الجزائري بالصبغة الفرنسية وطمست هويته العربية والإسلامية، وأن الجزائريين صاروا قابلين للاندماج في المجتمع الفرنسي أكثر من قابليتهم للاندماج في المجتمع العربي والإسلامي.
قام الاحتلال الفرنسي باختيار رجل دين مسيحي يُدعى "لاكوست" وأسندت إليه مهمة تعهد 10 فتيات مسلمات جزائريات ليكنَّ مثالاً ودليلاً على صدق فرنسا في ادعائها، وبالفعل تم إلحاق الفتيات العشر بالمدارس الفرنسية وتم تعليمهن اللغة الفرنسية، الثقافة الفرنسية، ولبسن الزي الفرنسي، واستمرت هذه المهمة لمدة 11 سنة.
وبعد 11 سنة من الجهد مع الفتيات الجزائريات، أعدت فرنسا لهن حفل تخرج وقامت بتوجيه الدعوة لحضور هذه الاحتفالية لبعض ممثلي الاستعمار الأوروبي في البلدان العربية، ليشاهدوا النسخة الجزائرية من فرنسا ليطبقوها في البلدان العربية الأخرى.
حين بدأ الحفل فوجئ الجميع بأنّ الفتيات الجزائريات خرجن بالزي الإسلامي حسب الأعراف والتقاليد الجزائرية.
أصيب الحضور من المسؤولين والإعلاميين الفرنسيين وغيرهم بالذهول وصُعِقوا من هول ما شاهدوه حيث انقلب السحر على الساحر، وضاعت جهود الاحتلال الفرنسي وادعاءاته.
ونتيجة لما حدث ثارت ثائرة الإعلام الفرنسي، ووجهوا سؤالاً إلى "لاكوست" مفاده: "ماذا كانت تصنع فرنسا في الجزائر طيلة مائة عام"؟
عندها قال لاكوست قولته المشهورة: (وماذا أفعل إذا كان القرآن أقوى من فرنسا)!
نماذج من رموز فرنسية بارزة اعتنقت الإسلام وأحدثت أزمة في المجتمع الفرنسي.
إن فرنسا لم تستوعب الدرس الذي تعرضت له في الجزائر عام 1930م جيداً لذلك تعرضت لمواقف شبيهة أكثر من مرة وفي عقر دارها، ويكفينا أن نعرف أنه حسب الإحصائيات الفرنسية فإن المعدل المتوسط للمعتنقين للإسلام في فرنسا هو 40 ألف شخص سنوياً.
1- اعتناق "موريس بوكاي" الجراح الفرنسي المسيحي المشهور للإسلام
موريس بوكاي شغل منصب رئيس قسم الجراحة في جامعة باريس وهو أشهر جراح فرنسي في العصر الحديث.
قصة إسلامه:
كان "موريس بوكاي" المسئول الأول عن دراسة المومياء الفرعونية- جثة فرعون- فقد طلبت فرنسا من مصر استضافة المومياء إلى فرنسا لإجراء اختبارات وفحوصات أثرية ومُعالجة وترميم للجثة، ومحاولة معرفة سِر الفراعنة في التحنيط.
كان اهتمام "موريس بوكاي" مُنصباً على كيفية موت هذه المومياء، وبعد فحص جثة فرعون والملح العالق بها تبين له أن فرعون مات غرقاً، وأنه قد تم استخراج جثة فرعون بعد غرقه، ليقوموا بتحنيطه، لكن الغريب هو بقاء هذه الجثة سليمة أكثر من غيرها.
علم "موريس بوكاي" أن قرآن المسلمين يذكر غرق فرعون ونجاة جثته بعد موته، ولكنه استنكر بشدة هذا الخبر، واستغربه، فمثل هذا الاكتشاف لا يمكن معرفته إلا في هذا العصر الحديث وبالوسائل الحديثة، وكيف يكون هذا وهذه المومياء لم تكتشف أصلاً إلا في عام 1898م ميلادية، بينما القرآن نزل قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام.
ذهب "موريس بوكاي" إلى المملكة العربية السعودية لحضور مؤتمر طبي عن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وهناك كان أول حديث تحدثه معهم عمَّا اكتشفه من نجاة جثة فرعون بعد الغرق.. فقام أحد العلماء المسلمين وفتح له المصحف وأخذ يقرأ له قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} [يونس:92].
هنا أعلن "موريس بوكاي" إسلامه، وظل عشر سنوات يدرس تطابق الحقائق العلمية المكتشفة حديثاً مع القرآن الكريم، فلم يجد تناقضاً واحداً وألَّف كتابه "التوراة والأناجيل والقران الكريم بمقياس العلم الحديث" الذي لاقى رواجاً كبيراً وتمت ترجمته لسبع عشرة لغة منها العربية.
من أشهر مقولات "موريس بوكاي":
"فالقرآن فوق المستوى العلمي للعرب، وفوق المستوى العلمي للعالم، وفوق المستوى العلمي للعلماء في العصور اللاحقة، وفوق مستوانا العلمي المتقدم في عصر العلم والمعرفة في القرن العشرين ولا يمكن أن يصدر هذا عن أمِّي وهذا يدل على ثبوت نبوة محمد وأنه نبي يُوحى إليه".
ومن أقوال "موريس بوكاي" أيضاً:
"لم أجد التوافق بين الدين والعلم إلا يوم شرعت في دراسة القرآن الكريم فالعلم والدين في الإسلام شقيقان توأمان لأن القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف يدعوان كل مسلم إلى طلب العلم، طبعاً إنما نجمت إنجازات الحضارة الإسلامية العظيمة عن امتثال الأوامر المفروضة على المسلمين منذ فجر الإسلام".
2- اعتناق فنانة الراب الفرنسية "ديامس" للإسلام
الفنانة الفرنسية "ديامس" هي واحدة من أشهر مغنيات "الراب"، هذا الفن الذي يُعرف بالطابع الغنائي الصاخب.
عانت الفنانة "ديامس" من العديد من الأمراض النفسية وقطعت شوطاً طويلاً مع الأدوية المهلوسة والمصحات العقلية قبل أن تكتشف الهدوء والراحة النفسية التامة في الدين الإسلامي.
أكدت "ديامس" أن "قرار تحوُّلها إلى الإسلام قرار شخصي ناتج عن دراسة لدين الإسلام وقراءة القرآن الكريم"، كما قالت "ديامس" أنها "بتحولها للإسلام قد كسبت راحتها، وأن حياة النجومية لم تعد تصلح لها"، وأضافت: "لقد شفى هذا قلبي، أعرف الآن ماذا أفعل فوق الأرض، أعرف لماذا أنا هنا".
بعد إسلامها قامت بتغيير اسمها إلى "ميلاني"، وعن قصة إسلامها، تقول:
"لقد كنت مشهورة جدًّا، وكان لديّ كل ما يبحث عنه أي شخص مشهور، لكنني كنت أبكي بحُرقة وحدي في بيتي وعندما أنام، هذا هو ما لم يكن يشعر به المعجبون بي".
وتضيف ميلاني قائلة: "تعاطيت الحبوب كثيرًا ودخلت مصحات عقلية أيضًا حتى أستعيد عافيتي، لكن لم أنجح".
وعن السبب المباشر لإسلامها تقول: "مرة كنت مع صديقاتي، إحداهن مسلمة، سمعتها تقول: (أنا ذاهبة للصلاة وسأرجع). قلت لها: أنا أيضًا أريد أن أصلي. فأجابتني: فليكن".
وعن هذه اللحظة تقول: "كانت أول مرة أضع جبيني على الأرض، وشعرت بشعور قويّ لم أشعر به من قبل، وأعتقد الآن أن السجود ووضع الجبهة على الأرض لا يجب أن يكون إلا لله".
وعندما سألها أحد الصحفيين عن نظرتها للإسلام ومَن يتحدثون اليوم بالإسلام ويقومون بالقتل والذبح ومختلف المآسي، أجابت: "أعتقد أنه يجب الحديث عن الفرق بين الجاهل والمتعلم أو العارف، ومن لا يعرف يجب عليه ألا يتكلم في أمور لا يعرفها، فالإسلام لا يبيح قتل الأبرياء كما نرى".
وعن أول مرة لارتدائها الحجاب تقول: "بعدما أسلمت وقبل أن أرتدي الحجاب، كنت أسأل نفسي هل سأستطيع فعلاً وضع غطاء الرأس هذا، لكن في مرة من المرات، كنت أمشي وحيدة على شاطئ البحر، وتساءلت: إنّ خالق البحر والشمس هو من أمر بارتداء الحجاب، فكيف أعصيه؟! ومباشرة قررت ارتداء الحجاب".
3- اعتناق لاعب كرة القدم الفرنسي "نيكولا أنيلكا" للإسلام
قام لاعب كرة القدم الفرنسي "نيكولا أنيلكا" باعتناق الإسلام وأصبح اسمه "عبد السلام بلال".
بدأ "أنيلكا" مشواره الرياضي مع نادي (باريس سان) جيرمان، ثم انتقل إلى نادي (أرسنال)، ثم إلى نادي (ريال مدريد الإسباني)، ثم إلى نادي (ليفربول الإنجليزي)، ثم إلى فريق (مانشستر سيتي الإنجليزي)، ثم إلى نادي (فنربخشة التركي)، ثم إلى فريق (بولتون واندررز الإنجليزي)، ثم إلى نادي (تشيلسي)، فقد بدأ مسيرته الرياضية منذ عام 1997م وهو لم يتجاوز سنه السادسة عشر وقدم مجموعة من الإنجازات والأهداف منذ عام 1997م إلى يومنا هذا .
قصة إسلامه
بدأ "أنيلكا" يتعرف على الإسلام من خلال استماعه إلى الأذان وقتما كان في تركيا حيث أحبَّ صوت الأذان والمؤذنين فكان يشعر بالراحة النفسية والهدوء فور سماعه الأذان، خاصة وهو يرى المصلين يذهبون لأداء الصلاة في أوقاتها تلبية لنداء المولى عز وجل.
آثار هذا المشهد رغبة "أنيلكا" في الذهاب إلى المسجد ورؤية الإسلام عن قرب للتعمق في ثنايا الإسلام وبالفعل تحققت رغبته في الذهاب إلى أحد المساجد بإسطنبول دون أن يُخبر أي أحد من أصدقائه أو أهله بوجوده في المسجد حيث طلب الاستماع إلى القرآن الكريم وهو لم يفهم منه أي شيء ولكنه انبهر بالطريقة ومدى الراحة النفسية التي يشعر بها فور الاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم.
قام "أنيلكا" بملازمة أحد المشايخ ليتعرف على الإسلام أكثر وأكثر، وكانت النهاية هي اعتناقه للدين الإسلامي.
اندهش العالم كله فور رؤية صورة "أنيلكا" وهو يؤدي مناسك العمرة حيث لم يكن أحد يفكر في أن هذا اللاعب الفرنسي سوف يعتنق الإسلام بشكل مفاجئ هكذا.
لم يخف "أنيلكا" على نجوميته في وطنه ولا في غير وطنه وأراد أن يحقق غايته وهو الاعتراف بحبه للإسلام على الرغم من أن النظرة السائدة في الغرب هي مناهضة وكُرْه الإسلام والمسلمين.
إن ما فعله "أنيلكا" شجَّع كثيرين غيره من النجوم على إظهار إسلامهم حيث كانوا قد أخفوا اعتناقهم للإسلام خوفاً على نجوميتهم ولكن "أنيلكا" أو "عبد السلام بلال" قد دمَّر هذه القاعدة من خلال خروجه لأداء مناسك العمرة.
4- اعتناق الأسيرة الفرنسية "صوفيا بترونين" للإسلام
تعد "صوفيا بترونين" التي تبلغ من العمر 75 سنة، آخر رهينة فرنسية محتجزة في العالم، حيث تم اختطافها من قِبل جهاديين في غاو (شمال مالي) في 24 ديسمبر 2016م.
كانت "صوفيا بترونين" تدير منظمة إغاثية. وكانت كذلك تنشط في أعمال التبشير التي تدعمها الكنيسة المسيحية في مالي.
تم إطلاق سراح "صوفيا بترونين" بموجب صفقة تبادل بين الجماعات الجهادية والحكومة المالية حيث أطلقت الحكومة المالية سراح 100 جهادي مقابل "بترونين" وأحد المسؤولين الماليين.
أعلنت "صوفيا بروتنين"، المحررة في مالي مؤخرًا، إسلامها فور وصولها إلى الأراضي الفرنسية. وقالت أنها قد قررت تغيير اسمها إلى "مريم"، وأنها ستدعو وتطلب البركة من الله من أجل مالي.
إن حدث إعلان الأسيرة المحررة "صوفيا بروتنين" عن إسلامها وقع كالصاعقة على السلطات الفرنسية، وخاصة الرئيس الفرنسي "ماكرون" الذي قام بالهجوم على الإسلام والمسلمين أكثر من مرة وفي مناسبات عديدة، وكان آخرها قبل حدث إعلان "صوفيا بروتنين" عن إسلامها بأسبوع، حيث توعد بمناهضة المسلمين في فرنسا والتضييق على أنشطتهم، كما توعد بسن قانون لهذا الغرض، وزاد تطاوله حين قال "إن الإسلام يمر بأزمة".
ختاماً أقول
إننا قد استعرضنا أربعة نماذج فقط من عشرات الآلاف النماذج التي تعتنق الإسلام في فرنسا، ولكن النماذج الأربعة لهم خصوصية خاصة.
إن النماذج التي قمنا باستعراضها قد حِيزَت لهم الدنيا بحذافيرها غير أنهم لم يَسْلَمُوا من الصراع الداخلي ولا من التشتت الذهني.
إن كل هذه النماذج قد امتلكوا كل مقومات السعادة ولكن ظلت الأرواح بداخلهم تصرخ وتئن من الجفاء، والجفاف الروحي والمعنوي، فكان لِزاماً عليهم أن يبحثوا عن ضالتهم فيما يروي عطش أرواحهم، ويضمن لهم الاستقرار النفسي والسلام الداخلي، فوجدوا ذلك كله في الإسلام.
إن كل ما سبق جعل السفير الالماني السابق في المغرب "مراد هوفمان" يقول في كتابه "الإسلام كبديل" (إن حضارة الغرب آيلة للسقوط أمام حضارة الإسلام)، وعزا ذلك إلى اختلال توازن ثلاثة مبادئ أساسية، وهي العقلانية والحرية والحب.
وأقول
هذا ديننا الذي منَّ الله تعالى علينا به، وفطرنا عليه، وهدانا إليه فيجب علينا ألا نتركه لغيره ولا نبحث عن ضالتنا في غيره فنكون (كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول).