7 تعليقات على هامش الانتخابات الأمريكية

الرئيسية » خواطر تربوية » 7 تعليقات على هامش الانتخابات الأمريكية
986a4642-0a48-4c91-b378-84b9b8ceae87-1110x675

(1)
الحرية غالية، ولذلك لا بد أن يُدفع فيها ثمن غال، وقد دفع الأمريكيون ثمنا غاليا باهظا من أجل حريتهم التي ينعمون بها الآن، وليقرأ من يريد عن حرب التحرير وعن الحرب الأهليه هناك.

إن العرب والمسلمين ما زالوا لم يدفعوا الثمن كاملا لنيل حريتهم، وإن كانوا قد دفعوا من قبل ثمنا لنيل حريتهم من المحتل الأجنبي، فما زال الثمن لم يدفع منهم لنيل حريتهم من المحتل الداخلي: الديكتاتور الفاسد المستبد.

(2)
لا فرق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلا في الشكليات، ولا فرق بين بايدن وترامب إلا في اللسان، فكلهم صهيونيون إمبرياليون.
عزّ دولة الاحتلال هو أولى أولوياتهم بعد هيمنتهم وسيطرتهم على العالم أجمع: اقتصاديا وعسكريا وثقافيا.

هناك فيديو متداول الآن لبايدن وهو يقول فيه: إن أباه قال له: ليس شرطا أن تكون يهودياً لكي تكون صهيونياً، وأنا صهيوني.

ويقول: لو لم تكن هناك "إسرائيل" لكان على أمريكا أن تخترع "إسرائيل".

وذلك كله لا يمنع فرحتنا بسقوط ترامب وخسارة حزبه الجمهوري، فإن كنا سنُذبح على كل حال بأيدي هؤلاء أو بأيدي أولئك، فمن الخير لنا أن يذبحنا الذابح وهو يُخبّئ عنا سكينه ويبتسم في وجوهنا.

(3)
صدق الله العظيم إذ يقول في كتابه الكريم وهو يتحدث عن اليهود والنصارى (ليسوا سواء).

فالأمريكيون كنصارى ويهود ليسوا سواء، وانتخاباتهم تؤكد على ذلك.

فمنهم المتعصب الذي يختار ترامب، الذي ربما يكون أكثر رئيس صهيوني متعصب في تاريخ أمريكا، فهو الوحيد الذي قدر على نقل السفارة الأمريكية للقدس بعد إعلان القدس عاصمة موحدة أبدية للاحتلال.

بعض الناخبين الأمريكيين اختاروا ترامب لتعصبه الصهيوني وتسلطه وعنجهيته وصفاقته مع العرب والمسلمين.

وبعض الناخبين اختاروا بايدن بدوافع عكس ذلك، اختاروه لأنه أكثر عقلانية وأكثر تسامحا وأكثر إيمانا بالبعد الإنساني العام، وبحقوق الإنسان، أيّ إنسان.

وكثير من الناخبين اختاروا هذا أو ذاك لاعتبارات داخلية نفعية بحتة: اقتصادية وصحية وغيرها، ولا تعنيهم تلك الاعتبارات الأخرى الدينية والسياسية الخارجية، وهؤلاء فريق كبير من الناخبين، بل هم الأكثر بينهم.

(4)
العرب اليوم فريقان متباينان، فريق كان يحب لو بقي ترامب، وهو حزين أشد الحزن لهزيمته، وهذا الفريق هو فريق يضم أغلب الحكام العرب ومن يدور في مدارهم ويُسبّح باسمهم.

وفريق سعيد بهزيمة ترامب ونجاح بايدن، وهذا الفريق يضم أغلب شعوب الوطن العربي، وبعض الحكام القليلين جدا.

هذان الفريقان تمايزا في الفترة الأخيرة في كثير من القضايا، وكثرت المعارك بينهما.

وأقسم بالله غير حانث أن المعركة بينهما معركة بين الحق والباطل لا ريب فيها ولا شبهة، وإن الذين يظنون أنها معركة سياسية لا حق فيها ولا باطل ولا دين فيها ولا عقيدة هم جهلاء أغبياء.

ألا يرى هؤلاء أن الحق مع من يقفون مع ثورات الشعوب التي يتطلع فيها الناس لحرياتهم وحقوقهم.

وأن الحق مع من يقف مع حقوق الشعب الفلسطيني وحركة جهاده المقدسة.

وأن الحق مع من يؤيد تركيا البلد المسلمة الواعدة، التي تقف اليوم في معركتها الكبرى مع أعداء الأمة الإسلامية شرقا وغربا.

وألا يرى هؤلاء أن الباطل مع الذي يتآمرون على ثورات الشعوب المظلومة ويؤيدون حكامها الظالمين الفاسدين البغاة.

وأن الباطل مع من يتقربون للصهاينة ويُطبّعون معهم في عز ظلمهم وجورهم واستكبارهم.

ويا للعجب، يطبعون مع دولة الاحتلال في الوقت الذي تعلن فيه أمريكا القدس عاصمة موحدة للصهاينة، وتعلن تأييدها لضم الجولان للأراضي "الإسرائيلية" وتأييدها لبناء المستوطنات في الضفة، ولم تكن أمريكا تؤيد ذلك رسميا وعلانية من قبل.

وألا يرى هؤلاء أن الباطل مع من يعادون تركيا البلد المسلم الواعد، ويدعون لمقاطعة منتجاتها، في الوقت الذي يرفضون فيه مقاطعة المنتجات الفرنسية.

أقسم بالله غير حانث أن الحق أبلج وأن الباطل لجلج.

(5)
الديمقراطية برغم كل سوءاتها لا تزال إلى اليوم أفضل النظم السياسية القائمة: أكثرها مميزات وأقلها عيوبا، وستبقى كذلك إلى أن يبدع العقل البشري نظاما أفضل منها.

الديمقراطية ليست نهاية التاريخ كما بشّر بذلك بعض الكتاب الغربيين، إذ اعتبروا أن الديمقراطية والرأسمالية الغربية هي نهاية التاريخ، ولن يكون في مقدور العقل البشري ابتداع نظام سياسي واقتصادي أفضل منهما.

والحقيقة أن في جعبة التاريخ البشري القادم الكثير والكثير، والعقل البشري ما زال يبدع ويبدع، بل إن الحقيقة الأكبر أن الإسلام يقدم من قديم نظريةً سياسية هي أفضل من الديمقراطية كثيرا، إذ تتلافى الكثير والكثير من سوءاتها وعيوبها.

فنظرية (أهل الحل والعقد) الإسلامية نظرية لا بد أن يعاد النظر إليها، على الأقل إسلاميا، فهي الأقرب لروح الإسلام وأصوله، والأبعد عن شعبوية الديمقراطية وغوغائيتها ودهمائيتها، وطحنها وضجيجها اللذان لا يكادان ينتهيان حتى يبدآن من جديد.

(6)
الديمقراطية الأمريكية ليست ديمقراطية كاملة، واللعب فيها من وراء الكواليس وارد، وبقوة.

الفساد الرأسمالي يتحكم إلى حد كبير في السياسة الأمريكية، داخليا في لعبة اختيار الحكام والتنفيذيين، وخارجيا في السياسات الخارجية والعلاقات الدولية، إذ أصبحت الشركات الرأسمالية العالمية الكبرى متحكمة إلى حد كبير في السياسة الأمريكية والأوروبية.

والفساد الديني الاعتقادي يتحكم كذلك، والكلام عن الماسونية الخفية التي تتحكم في اختيار الحكام، أو في ترشيحهم، كلام ليس مستبعدا.

إلا أن اللعبة الأمريكية وكذلك الغربية في عمومها تبقى لعبة ديمقراطية، تعتمد على الحرية العامة التامة في الاختيار، وما يزال الكلام عن التزوير في الانتخابات المباشرة كلاما مستبعدا إلى حد بعيد.

(7)
الغرب وأمريكا اللذان يحكمان العالم منذ قرنين على الأقل، هما برغم كل ما يفعلانه بنا نحن العرب والمسلمين، أقرب إلينا من الشرقيين، الأكثر عداء وتعصبا دينيا، والأكثر ظلما وغشما في الممارسات مع الأقليات الدينية والعرقية.

اليابانيون ليسوا أمة سلام، ولكنهم دمويون إلى حد كبير، وتاريخهم يصرخ بذلك، وما مجازرهم في البلاد التي كانوا يحتلونها أيام إمبراطوريتهم قبل انكسارهم في الحرب العالمية الثانية ببعيدة.

والصينيون أدهى وأشد، وما قمعهم للأقلية المسلمة في تركستان الشرقية التي يحتلونها بالذي يخفى على أحد.

والهنود الهندوس والبوذيون أنكى وأمر، والروسيون والكوريون والفلبينيون كذلك وكذلك.

المغرب العربي ومصر والشام أقرب لأوربا والغرب جغرافيا وثقافيا من آسيا والشرق.

والخليج العربي ليس ببعيد عن الشام ومصر.

والعرب بمغربهم ومصرهم وشامهم وخليجهم يسمون ( بالشرق الأوسط )، تمييزا لهم عن الشرق الأقصى ( اليابان والهند والصين وكوريا وغيرها ).

الشرق الأوسط في مجمله أقرب لأوربا والغرب شكلا ومضمونا من آسيا والشرق.

كنا في بلاد العرب نتابع الانتخابات الأمريكية كأنها انتخابات في بلادنا، وبرغم أن العالم كله كان متابعا مهتما، إلا أننا كنا الأكثر متابعة واهتماما.

ذلك من جهةٍ لأن أمريكا تتحكم فينا أكثر من تحكمها في أيٍّ من بلدان العالم الأخرى، ومن ناحية لأننا نميل لأمريكا والغرب عاطفة ومتابعة واهتماما أكثر من ميلنا للشرق بكثير.

وقد ساهم الإعلام الغربي والسينما الغربية في ترسيخ جزء من ذلك في أذهاننا، حيث التأكيد على أن الرجل الغربي هو الأكثر إنسانية ورقيا، في حين أن الرجل الشرقي أكثر تعصبا ودموية.

والأمر بصرف النظر عن الإلحاح الإعلامي والسينمائي صحيح إلى حد ما.

الرجل الغربي ( الأوروبي والأمريكي ) في عمومه إذا ما قورن بالرجل الشرقي ( الصيني والياباني والهندي والكوري ) في عمومه أكثر إنسانية ورقيا، وأقل تعصبا ودموية، والتعامل مع الأقليات الدينية في البلاد الغربية والشرقية زاعق بذلك، وحريات الشعوب وحقوقها في البلاد الغربية والشرقية زاعقة بذلك.

لا نقول إن الرجل الغربي ملاك، فهو في تاريخه وما يزال: محتلا لنا غاصبا علينا ناهبا لثرواتنا، متحكما فينا بعملائه من بيننا.

لكن، إن قدر الله بسيادة شرقية، وتحكم فينا الشرقيون كما يتحكم الغربيون الآن، فأغلب الظن أنهم سيكون أكثر ظلما وجبروتا ودموية من الغربيين.

ولا حل إلا أن نملك نحن أمرنا، ونعود أمة واحدة قوية، تناطح ندا بند الأمم الشرقية والغربية على السواء.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …