مع كثرة مسؤوليات ومشاغل الناس غدت عملية التفكير جزءًا لا يتجزأ من النشاط اليومي لمعظم الناس إن لم يكن كلهم. وقد اكتشفتُ في دراسة اطلعت عليها أن الغالبية العظمى من الناس تعاني من تزاحم الأفكار في رأسها والتفكير شبه المستمر في أمور الحياة، لدرجة تؤثر على قراراتهم وإنجازاتهم وحتى قدرتهم على النوم. لذا حَرَصت في هذا المقال على ذكر سبع تقنيات ستكون معينة بإذن الله على التقليل من عملية التفكير المستمر خاصة غير المجدية منها.
1- استمع لعقلك وفكر بأسلوب ذكي:
فعليك التعامل بذكاء مع أفكارك ومعرفة طبيعتها، وإلى أي مدى هي معينة على الإنجاز أم مثبطة عنه . فمثلًا، قد تخطر هذه الفكرة في عقلك فيما يتعلق بأمور العمل: "عليَّ أن أرسل ردًا بالإيميل على الشخص الفلاني". والرد العملي على هذه الفكرة قد يكون مثلًا: ترى هل يتوقع هذا الشخص ردًا منك اليوم؟ أو إذا لم يكن الأمر هكذا، فهل يمكن والحال كذلك تأجيله للقيام بأعمال أخرى طارئة. فالتفكير بهذه الطريقة سيساعدك على تحديد الوقت والزمن الذي ستأخذه هذه المهمة من قائمة أعمالك اليومية. ومن ثم ستخرجها كذلك من قائمة الأفكار الملحة والمتكررة في حبل أفكارك.
كذلك من أكثر الأفكار الملحة على البشر هي أفكار تأنيب الضمير حين يقوم الإنسان بعمل يحبه بينما يرى أنه يتوجب عليه القيام بعمل آخر. فهنا عليك أن تضع في اعتبارك أنك إذا أردت القيام بعمل ما كالرسم أو الخروج مع الأصدقاء، ووضعت هذا في قائمة أعمالك فقم به كجزء من الأعمال التي خططت لها لليوم واتركك من تأنيب الضمير في غير محله.
2- هدئ بالك:
هناك الكثير من الأنشطة للقيام بذلك كتأمل الطبيعة وممارسة الرياضة، فاختر الأنسب لك والأعظم تأثيرًا. فأيًا ما كانت الأفكار التي تدور في عقلك، فإن بعض السكون سيساعدك بإذن الله على إعادة تنظيم أفكارك.
3- لعبة تذكر عشرة أشخاص ومواقف!
فحين تتزاحم الأفكار في رأسي أحاول تذكر عشرة أشخاص التقيت بهم على مدار الأسبوع، وأتذكر كيف كان سلامي عليهم وترحابهم بي. فأنا أحب لقاء الناس كثيرًا والتعرف عليهم، وتذكر الناس الذين التقيت بهم وسلامي عليهم يرفع من معنوياتي ويشغلني عن التفكير المضني. فمثلًا إذا كنت من محبي الطبخ، فحاول تذكر عشرة أشخاص مدحوا طعامك هذا الأسبوع وكيف كان مدحهم لك، وانظر كيف سيسعدك هذا الأمر ويرفع من معنوياتك ويصفي ذهنك.
4- ساعد عقلك على التركيز:
تحدث مع شخص تثق به مثلًا، أو حتى حدث نفسك بصوت مرتفع عن المشكلة التي تعاني منها بحيث تُسمع نفسك! فهذا الفعل له عدة نتائج حميدة من شأنها مساعدتك على مواجهة الأفكار التي تهاجمك، ولنسرد هذه النتائج فيما يلي:
ستغدو مدركًا أكثر لما يدور في عقلك بالفعل. فقد أثبتت الدراسات أن البعض يبدأ فعليًا بإدراك الأفكار التي تدور في عقله حين يذكرها بصوت مرتفع!
كل الأمور ستغدوا واضحة أمامك وبالتالي ستستطيع تحديد ما إذا كان عليك القيام بهذا العمل أو إلغاؤه من قائمة أعمالك.
وكذلك ستلاحظ كيف أن أي شيء تفكر فيه يؤثر عليك نفسيًا وبدنيًا، فتحرص مستقبلًا على تقنين أفكارك وتمحيصها.
أثبتت الدراسات أن البعض يبدأ فعليًا بإدراك الأفكار التي تدور في عقله حين يذكرها بصوت مرتفع
5- قم بوضع خطة عملية:
فَرِّغ جميع الأفكار وأسباب القلق من رأسك بكتابتها في صورة قائمة تضم ما تود القيام به، أو ما يتوجب عليك أداؤه من أعمال . فإعدادك لهذه القائمة ثم بدؤك بتنفيذها سيهدئ كثيرًا من سيل الأفكار في عقلك، كما يعتبر حلًا عمليًا ومنطقيًا للتعامل مع هذه الأفكار. وهذه القائمة يمكن أن تحتوي على النقاط التالية:
• التحدث مع صديق بشأن خططك وما تود القيام به.
• كتابة الأفكار التي تشغل بالك على ورق ومحاولة إيجاد حل عملي لكل واحد منها.
• كتابة قائمة بكل الأمور التي تشغل عقلك وتتكرر باستمرار ولا تستثني شيئًا.
• بعد كتابة القائمة، احذف الأمور التي قررت تجاهلها وعدم تنفيذها، وابدأ بعمل خطة لما يتوجب عليك القيام به فيما يخص بقية القائمة.
6- قلل من عدد المهام التي يتوجب عليك إنجازها:
فقد لاحظتُ انشغال غالب الناس معظم أوقاتهم هذه الأيام. فهم إما مشغولون بالقيام بعمل ما أو بالتفكير بالقيام بعمل ما. فإليك بعض الأمور التي أنصحك بالقيام بها للتقليل من عملية التفكير المستمر.
- لا تبالغ في التفكير بمهمة ما وما تستغرقه من وقت وجهد وبالتالي تفقد الهمة والرغبة في القيام بها. ثم تقضي أيامًا وأسابيع وربما شهورًا في التفكير فيها. فحدد يومًا ووقتًا لها والتزم بتنفيذ المهمة وإتمامها.
- فليكن الوقت الذي تحدده لعمل مهمة ما معقولًا. فإذا حددت نصف ساعة لعمل يستغرق ساعة وأكثر، ستشعر بالإحباط لإطالتك فيها وربما لا تنجزه على الوجه الأكمل.
- لا تلتهي بأمور جانبية غير مهمة. فرغم حرص البعض على كتابة قائمة المهام بصورة يومية، إلا أنك قد تجد الكثيرين يتركونها جانبًا ويبدؤون القيام بأعمال أخرى هامشية ليست في القائمة. ومن هنا ترتفع نسبة عملية التفكير في الأمور التي توجب عليهم القيام بها ولكنهم انشغلوا بغيرها.
وأخيرًا، فمن الطبيعي أن تكون هناك أفكار في رأسنا طوال الوقت، وما علينا الانشغال به هو كيفية التعامل مع سيل الأفكار ذاك . فتجاهلها ليس هو الحل المثالي للتعامل معها، وكذا التفكير المستمر فيها، بل يجب مواجهتها والتعامل معها بصورة عملية ومنطقية وفعالة، بحيث تكون سببًا في تطورنا وتقدمنا للأمام لا رجعونا للخلف.