بسم الله والحمد لله وأصلي وأسلم وأبارك على معلم البشرية الخير وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
مع انتشار فيروس كوفيد - ١٩ أو ما عرف باسم فيروس كورونا انتشر التعليم عن بعد في مختلف أنحاء العالم وتسابقت وزارات التربية والتعليم لبناء منظومات إلكترونية مختلفة لتقديم عملية التدريس عن بعد لطلبتها.
وقد وقعت العديد من وزارات التربية في أخطاء قد توصف بالجسيمة عند تنفيذها لهذه العملية لأن بعضها اعتمد نظام الفزعة وبعضها الآخر قدمها بغير خبرة وخبراء أي على الهمة وتحكم في ذلك ثلة من موظفي الوزارة قد لا يكونوا تربويين أصلاً، وبعضها الآخر نظر لها كعملية تجارية مربحة تدر لدولته دخلاً جديداً وعقد صفقات تجارية مختلفة مع شركات خاصة بالإضافة لشركات الاتصالات ومزودات خدمة الإنترنت.
وفي خضمّ تلك الصراعات وقعت العملية التعليمية في حفر ومطبات قوية عملت على تقديم العملية التعليمية برمتها بصبغة ضعيفة واهية لا تسمن ولا تغني من جوع في كثير من الأحيان، وعندها وقع الطالب ضحية سهلة وعلى طبق من ذهب لطمع الطامعين واختلاف المتنازعين، ورافق ذلك قصور الوعي والفهم والإدراك لدى أغلب الطلبة للمشهد من حولهم وما يُدار لمستقبلهم بالإضافة إلى غياب شبه كلي لولي الأمر عن الساحة وتركه لأبنائه دون مراقبة وتوجيه.
وعلى الرغم من سلبيات التعليم عن بعد الذي أُجبر الناس عليه كلٌّ في بلده، حيث لم يعتادوا عليه من قبل وهم غير مهيئين للتعامل معه إذ يعتبر استراتيجية جديدة دخلت وبشكل مفاجئ إلى حياتهم، إلا أنه لا يخلو من بعض الإيجابيات التي كان لا بد لولي الأمر أن ينتبه لها ويستثمرها في أبنائه الطلبة، وأذكر هنا بعضها على سبيل المثال لا على سبيل الحصر:
أولاً: تنمية الرقابة الذاتية وغرس خشية الله عز وجل بالغيب لدى الأبناء. خاصة عند عقد الامتحانات الإلكترونية إذ أستغرب تصرف الكثير من أولياء الأمور حثّ أبنائهم على الغش وكأنه لا رقيب هناك ولا حسيب ولم يذكّر ولده بقول تلك الفتاة لأمها: يا أمهاه إن كان عمر لا يرانا فإن رب عمر يرانا. فشتان ما بين تربيتهم وتربيتنا.
ثانياً: تنمية الاعتماد على النفس في تحصيل المعلومة لدى الأبناء. وهذا يحتاج إلى تشجيع أولياء الأمور لأبنائهم ومتابعتهم لهم وحثهم على فهم كل معلومة، حتى وإن تم ذلك بمعزل عن تدخل المعلم.
ثالثاً: تعليم الأبناء استخدام الإنترنت بشكل صحيح وسليم ومن أجل الحصول على المعلومة المفيدة لا من أجل الدخول على مواقع ضررها أكبر من نفعها.
رابعاً: تنمية اهتمام الأبناء بطلب العلم والاستمتاع بالحصول على المعلومات الجديدة وعدم الشعور بالإجبار في عملية تلقي العلم.
خامساً: تنمية الشعور بالمسؤولية والوقوف جنباً إلى جنب مع المعلم في إنجاح العملية التعليمية في ظل هذه الظروف الاستثنائية.
سادساً: تعليم الأبناء عدم الاهتمام بالمعدل على حساب الفهم والتعلم. حيث يخطئ بعض أولياء الأمور بإيهام أبنائهم أنها فرصة العمر التي لا تُضيّع لتحصيل أعلى المعدلات حتى ولو كان بالغش وفتح الكتاب ونقل الإجابات من زملائهم، ونسوا أو تناسوا أن من غشّ فليس منا، وجهل أو تجاهل أن معلومة ابنه هنا ركيكة لحظية لا تستمر معه لمستقبله وصفوفه القادمة.
سابعاً: اصنع من ابنك معلماً يعلم نفسه أولاً، ويعلم غيره ثانياً، فالمعلم غير دائم له والظروف متقلبه والمستقبل مجهول.
احرص عزيزي ولي الأمر على أن لا تغش رعيتك فابنك من رعيتك، فلا تخدعه بالغش واللامبالاة في طلب العلم وتحصيله، واعمل على تربيته وتنشأته نشأة صحيحة سليمة .. اكسبه لنفسه ولدينه واغرس فيه خصال الخير لا خصال الشر. والله الموفق والمستعان.