إن خوف تفويت الفرص من أكثر أنواع الرهاب المنتشرة في عصرنا خاصة في خضم ارتفاع معدل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وهو عبارة عن خوف الإنسان من تفويت فرص ذهبية ولن تتكرر. وعادة يعاني من رُهاب تفويت الفرص الناس الذين يخشون ضياع فرص ذهبية حظى بها أحد الأصدقاء أو أفراد الأسرة أو حتى أحد الأشخاص من نفس الطبقة الاجتماعية.
وهذا الرهاب له العديد من الآثار السلبية على صحة الإنسان العقلية والعاطفية. ولهذا، سنحرص في المقال على عرض تفصيلي لرُهاب تفويت الفرص. وتوضيح كيفية معالجته والتعامل معه بحيث لا يغدو سببًا لتدمير حياة الإنسان الصحية والنفسية والمادية.
أمثلة على رهاب تفويت الفرص:
1- فمثلًا قد يخشى البعض من تفوتيه فرصة حضور بعض المناسبات والأنشطة والدورات التي يحضرها أقرانه.
2- وآخرون قد يترددون في اختيار مسارهم المهني خوفًا من أي يضيعوا فرص عمل أخرى.
3- ومجموعة ثالثة قد تتردد في رفض عرض غير مناسب لهم أو لا يرغبون فيه خوفًا من ألا يتكرر!
خطورة رهاب تفويت الفرص:
قد يغدو موضوع الرهاب خطيرًا لعدة أسباب:
أولًا: الرهاب يؤثر على صحة الناس العقلية والعاطفية، ويسبب لهم التعب والضغط مما قد يؤثر على صحتهم الجسدية.
ثانيًا: رهاب تفويت الفرص يؤثر بشكل كبير على زيادة استخدام الناس لمواقع التواصل الاجتماعي. حيث يرى الإنسان غيره من الناس يخوضون تجارب جديدة أو يشترون أغراضًا غالية، فيرتفع عنده حس تفويت الفرص بشكل كبير.
الرهاب يؤثر على صحة الناس العقلية والعاطفية، ويسبب لهم التعب والضغط مما قد يؤثر على صحتهم الجسدية
مميزات رُهاب تفويت الفرص:
فهو ليس في مجمله سيء، حيث قد يدفع رهاب تفويت الفرص الإنسان للمشاركة في أنشطة مفيدة، أو تعلم علم جديد، أو التقدم لوظيفة مناسبة له بغض النظر عن اختيار الناس وإجماعهم على حسن الفرصة من سوئها.
لماذا ينتاب رهاب تفويت الفرص الكثير من الناس؟
يعاني الناس أنواعًا مختلفة من رهاب تفويت الفرص، ولكنَّ الثابت هو أن ذلك النوع من الرهاب يتمحور حول عدم رغبة الإنسان في تفويت فرص إيجابية. وهذا الشعور ينبع غالبًا حين يرى الإنسان أشخاصًا آخرين ينعمون بثمرات تلك الفرص. وهذا النوع من الرهاب يعتبر من أكثر أنواع الرهاب الاجتماعية تأثيرًا، لأن البشر اجتماعيون بطبعهم ويقارنون أنفسهم بالآخرين بشكل عفوي.
رُهاب تفويت الفرص من منظور علمي:
يوجد في علم النفس نظرية نفسية تُعرف بنظرية التحديد الذاتي وهي تقوم على مبدأ أن صحة الإنسان النفسية والتنظيمية الذاتية تعتمد على ثلاثة أمور رئيسية وهي:
1- الكفاءة: وتعكس حاجة الناس بأن يملكوا القدرة على إحسان التصرف وإبراز مواهبهم.
2- الاستقلالية: شعور الإنسان بالاستقلالية وبكونه يملك القدرة على التحكم في حياته من حيث تحديد تصرفاته وأهدافه.
3- التواصل: أي رغبة الإنسان في الشعور بالانتماء إلى المجتمع ومن حوله من الناس.
وهذه الأمور الثلاثة هي التي تحدد ارتفاع أو انخفاض درجة الرهاب عند الإنسان. فمثلًا الطلبة الجامعيون الذين يعانون من الوحدة والاكتئاب والقلق يميلون لفعل ما يقوم به الناس من حولهم في محاولة للترابط معهم. وكذلك بعض الموظفون في أوساط العمل أو حتى الأبناء مع آبائهم وإخوانهم في نطاق الأسرة.
رهاب تفويت الفرص ووسائل التواصل الاجتماعي:
رهاب تفويت الفرص يزيد من تعلق الناس بوسائل التواصل خشية عدم الحصول على المعلومات والأخبار بشكل دوري، وللتخلص من الشعور بالوحدة.
استخدام رهاب تفويت الفرص في التسويق:
يستخدم هذا النوع من الرهاب لدفع الناس للتسوق خاصة أثناء فترة التخفيضات والعروض الحصرية. لذلك عادة ما تسخدم كلمات وعبارات "حصري" و"فرصة لا تُفوت" لتشجيع الناس على الشراء دون تردد!
رهاب تفويت الفرص والشعور بالاحتياج:
يلعب الإحساس بالنقص والاحتياج دورًا كبيرًا في إيقاظ ذلك النوع من الرهاب. فمثلًا، تقوم بعض الشركات بعرض سلعة بسعر مخفض وعدد محدود لفترة معينة، وهي تلعب بذلك على وتر رغبة الناس في انتهاز الفرصة قبل فوات الأوان، واحتياجهم لسلعة ما!
كيف نجابه هذا النوع من الرهاب؟
حتى يتمكن الإنسان من مجابهة هذا الرهاب، عليه أولًا معرفة طبيعة رهاب تفويت الفرص الذي يعاني منه. فالبعض عنده هذا الرهاب فيما يتعلق بالشراء ولكنه قد لا يعاني منه اجتماعيًا. وإليكم النقاط التالية لمساعدتك على عملية التحديد:
أين ومتى يعاني منه الإنسان؟ فالكثيرون قد يعانون هذا الأمر في وقت فراغهم وحين شعورهم بالوحدة، بينما لا يراودهم هذا الشعور وقت انشغالهم.
معرفة الأمر الذي يجعلك تعاني من الرهاب بادئ ذي بدء. فمثلًا، قد تجد أن السبب ألا شيء فعلي أو مفيد يشغلك، وبالتالي تشغل بالك ونفسك بما يفعله الآخرون ويحصلون عليه.
وما إن تتحدد الأمور السابقة ستتمكن بإذن الله من خلال بعض التقنيات بالتغلب على هذا الرهاب. وإليك بعضها:
1- إذا كان رهابك يستثيره أمر معين فابتعد عن هذا الأمر قدر الإمكان. فمثلًا، إذا كان تواجدك على وسائل التواصل الاجتماعي تزيد من هذا الرهاب ومن رغبتك في تقليد الناس وفعل ما يفعلوه، فإذن قلل من استعمالك لوسائل التواصل تلك.
2- اشغل نفسك بأنشطة وأعمال مفيدة وأهداف مهمة بالنسبة لك أنت مع تحديد وقت لإتمامها، بحيث تشعر بحس الإنجاز وتحقيق هدف دون تقليد الآخرين. وإن حصل وقمت بمقارنة، فستجد أنك تقارن نفسك بنفسك وهذا أوقع وأكثر فائدة وعمقًا وضمانة لتطوير نفسك على نحو صائب. وبهذا لا يكون تغييرك متأثرًا بالآخرين دون رغبة فعلية منك في التغيير.
اشغل نفسك بأنشطة وأعمال مفيدة وأهداف مهمة بالنسبة لك أنت مع تحديد وقت لإتمامها، بحيث تشعر بحس الإنجاز وتحقيق هدف دون تقليد الآخرين بدلًا من شراء أغراض معينة أو الالتحاق بأنشطة على الفور خشية تفويت الفرصة، احرص أن تأخذ بعض الوقت في التفكير قبل الموافقة
3- عليك تقدير طاقتك ووقتك. فإذا كان رهاب تفويت الفرص يدفعك لقبول كل ما يعرض عليك بحيث لا تجد وقتًا لعمل ما تريد، أو حتى ما عُرض عليك آنفًا وقبلتَه، فلا ريب أنه سيتوجب عليك إعادة ترتيب أولوياتك، وتحديد ما تريد عمله بالضبط.
4- استمتع بتفويت بعض الفرص! فبدلًا من القلق على فرصة فوَّتَّها، عدِّد مميزات تفويتها، والتي قد يكون إحداها انشغالك بالقيام بأعمال وتحقيق أهداف أخرى أكثر أهمية لك في تلك الفترة.
وأخيرًا، فإن رهاب تفويت الفرص هو كأي نوع من الرهاب أو الأمراض النفسية يحتاج وقتًا وجهدًا لمجابهته والتغلب عليه. وقد يظهر هذا الرهاب أقل خطورة من غيره، إلا أنه على المدى البعيد قد يسبب الكثير من الأخطار على الإنسان سيما النفسية مثل الاكتئاب والإحباط وعدم الرضا عن النفس، فيجب الحذر منه والحرص على علاجه.
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- المصدر: https://effectiviology.com/fomo-the-fear-of-missing-out/