“وهم التربية الفطرية”

الرئيسية » بأقلامكم » “وهم التربية الفطرية”
dad-children21

هل سبق وفكّرت في الدخول بتداول الأسهم بمبلغ كبير من المال ولكنك جزعت من المخاطرة لضعف في المعلومات الاقتصادية وشح في خبرة سوق الأسهم وأحواله؟

هل جاءت في مخيّلتك فكرة السفر لبلد أجنبي لا تتقن لغته وترددت من صعوبة التعامل مع الناس هناك وإجراءات الدخول والمعيشة؟

هل استقبلت أثاثًا لمنزلك صعب التركيب وتفاجأت بأن كتيّب المعلومات الإرشادي لتركيب القطع واحدة تلو الأخرى كان مفقودًا وانفجرت غضبًا على المصنّع وامتلأت خوفاً من أن محاولاتك الارتجالية في غالب الظن ستؤدي إلى تركيب خاطئ أو كسر في الأثاث الغالي الذي قد لا يمكنك إصلاحه بعد إتلافه!؟

كل هذه الأمثلة لأشياء مادّية من حولنا تطرأ على بال الإنسان أو تحدث في حياته بهذه الصور أو بصور مقاربة وفي كل مرة بطبيعته البشرية يحاول الاستعداد لها وتوفير ما يكفي كل مرحلة من حضور ذهني وبدني ومادي، وإن استلزم الأمر ربما يصل الأمر إلى دراسة مجال معيّن قبل الخوض في ما ينوي الخوض فيه.

إنجاب الأبناء هو بالضبط كالأثاث ولكنه بدون كتيّب وكالمخاطرة برأس المال بدون خبرة اقتصادية وكالسفر بدون أدنى معلومة عن البلد الذي تنوي زيارته، ولكنّه غير ملموس الخطر عند كثير من أولياء الأمور.

ويبدو لي أن وهم التربية الفطرية يشغر منصبًا ليس سهلاً في هذه العقليّة التربوية. يشعر ولي الأمر بأن ما وجد عليه آباءه وأجداده من قبله ساري المفعول حتى الآن، هذا مع التنزّل جدلاً أن ما مارسوه عليه صحيح و مع التنزّل جدلاً أيضًا أن ما تمت ممارسته عليه من طرق تربوية مفهومة الدوافع والمآلات بالنسبة له. في حال تجاوز كل هذه التنازلات الجدليّة تبقى أن المخاطرة بحياة إنسان وعدم المخاطرة في بعض المادّيات مثل تركيب أثاث غرفة المعيشة موضوع مفزع! يجب النظر فيه ومراجعته من الناحية الشرعية والإنسانية.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

بين عقيدة الإسلام و”عقيدة الواقعية

للإسلام تفسيرٌ للواقع وتعاملٌ معه بناءً على علم الله به ومشيئته فيه، كما يثبتهما الوحي. …