الأدب الإيجابي

الرئيسية » بأقلامكم » الأدب الإيجابي
كتب_في_نظرية_الأدب

راجع بعض المتابعين الشاعر العراقي مظفر النواب في بذاءة كلماته، فرد قائلا: أروني موقفا أكثر بذاءة مما نحن فيه!
(يشير إلى رداءة الحال السياسي والاقتصادي في الوطن العربي).

برر البذاءة بالبذاءة ، وكأنه يعطي الرخصة

وبالمثل: قرأت بعضا من كتاب "حطاب الأشجار العالية" وهو مختارات من كتب السوري محمد الماغوط، فوجدت أن الرجل يمتلك لغة شعرية استثنائية تجعل الموسيقى تصدح من كلامه المنثور الملقى على عواهله، فرأيت أن استزيد وأقرأ شيئا من كتابه "سياف الزهور" فصدمني ما فيه من البذاءة المبالغ فيها ولكثرة ما يرد من ذكر الفخوذ والنهود بلا مسوغ حتى إن النفس لتشمئز وتلقي بالورق جانبا، واعترف أنني حاولت أن أتمم صفحتين فلم أفلح.

كأنه يتعمد الاستفزاز
أضف إلى ذلك السوداوية التي تملأ جو المكان

هل هذه وطنية؟!

لا أظن، بل هي عدمية، وتشاؤم يفضي إلى اليأس، يعطل الطاقة ولا يحمل معه قوة دافعة، وربما كانت له فضيلة في التوعية برداءة الحال، إلا أن هذا ليس بخاف.

والله، أن قراءة حديث شريف يحض على الخير لا يزيد عن نصف سطر لأعظم بركة من مسودات هؤلاء مهما كثرت.

تأمل معي قول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "خير الناس أنفعهم للناس".

أو قوله: "الكيس من دان دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني".

أو قوله: "الراحمون يرحمهم الرحمن".

لماذا لا نطيل التأمل في مثل هذه الأحاديث؟

نحن قوم نحب التهويش، وتعجبنا المبالغات، وقد يكون أحد الأسباب الخفية لهذا أن هذه العدمية تعفينا من المسؤولية الفردية تجاه الوطن والمجتمع والدين (لأنها خربانة خربانة).

ربما ينشط أحدنا ليشترك في مظاهرة، ويطلق ألف شتيمة، لكنه لا يملك أن يجلس ساعة ليكتب مقالا، أو يخطط لعمل متعد النفع، أو يشترك في هيئة خيرية، أو يفرغ من وقته ليتطوع في نشاط يعنى بالصالح العام.

وكأنه يقول: إما أن أصلح البلد كلها بنفسي، أو فلأجلس، ولا يعمل بمبدأ: أنت على ثغرة، مهما صغرت في عينه هذه الثغرة

إن لم يكن الأدب دافعا... فلا كان

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

بين ابن سيرين وفرويد: حين يصبح الحلم بوابة للعلم… أو للوهم

إذا رغبنا في المقارنة بين كتاب تفسير الأحلام لعالم النفس النمساوي المثير للجدل "سيغموند فرويد"، …