قرار الجنائية الدولية…. وغطرسة الاحتلال

الرئيسية » بأقلامكم » قرار الجنائية الدولية…. وغطرسة الاحتلال
Netherlands International Court Israel

أثار قرار المحكمة الجنائية الدولية بقرارها فتح تحقيق في الجرائم التي اقترفها كيان الاحتلال بحق أبناء شعبنا الفلسطيني على مر السنوات منذ اغتصاب فلسطين إلى يومنا هذا الرعب لدى قادة الاحتلال الذين بدأوا يترقبون ويتخوفون من النتائج الميدانية المترتبة عليه واحتمالات تعرض كبار المسؤولين والشخصيات والوزراء ورؤساء الوزراء إلى المساءلة، فالجنائية الدولية هي أعلى جهاز قضائي جنائي دولي وتعتبر قراراتها ملزمة للدول مما قد يؤدي إذا أظهرت التحقيقات مسؤولية قادة إسرائيليين كبار عن جرائم حرب، إلى إصدار مذكرات إعتقال دولية ضد القادة المتورطين.

إن الاحتلال وسرقة الأراضي وتدمير المنازل وتشريد أصحاب الأرض وقتل الأطفال والرجال والشيوخ واعتقال المئات من أبناء شعبنا والاعتداءات على الدول العربية ونشر الإرهاب فيها يُعد بحد ذاته جريمة حرب وكل ما يقوم به كيان الاحتلال من ممارسات على مرأى ومسمع العالم والمجتمع الدولي أجمع، ولقد صدرت عدة قرارات دولية تدين الاحتلال وتطالب بانسحابه ولكن بدون أي إمتثال منه وإنما العكس تماماً حيث لا نرى إلا أسوأ الممارسات البربرية والإرهابية تجاه شعبنا في مخالفة صارخة للقوانين الدولية والإنسانية والشرائع السماوية.

يشكّل هذا التحقيق، الذي سيقتصر على أفعال ارتكبها كيان الاحتلال منذ 13 حزيران/2014 ضمن المناطق المحتلة بعد عام 1967 (القدس الشرقية، والضفة الغربية، وقطاع غزة كما سيشمل مدينة القدس القديمة، والحائط الغربي، والحرم الشريف) إنجازا سياسيا كبيرا للعرب ولأبناء شعبنا الفلسطيني وجميع الأحرار في العالم حيث يشكل هذا القرار كسراً لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية ومن يقف معها تجاه محاسبة كيان الاحتلال على أفعاله تجاه شعبنا وأرضنا.

والمطلوب في هذه المرحلة أن لا يتحول قرار محكمة العدل الدولية هذا إلى مجرد حبر على ورق، وانما محاسبة الاحتلال قولاً وفعلاً، وهذا لا يتم إلا إذا إستجابت الدول في كل أنحاء العالم إلى هذا الموقف واتخذت إجراءات تتناسب وتحرك المحكمة الدولية وجعل المحتل يدفع ثمن ممارساته وغطرسته غالياً.

كما يُعد هذا القرار مهماً بالنسبة للعرب ولأبناء شعبنا الفلسطيني، أيّا كانت نتيجته، فقد قام بتوجيه الأضواء العالمية مجددا على المفارقة الكبرى التي يمثلها كيان الاحتلال، باعتباره كياناً احتلالياً عنصريّاً قادته متهمون بارتكاب جرائم حرب، محميّاً بترسانة نووية مرعبة، ويمارس انتهاكات يوميّة ضد الشجر والبشر والحجر، وفي الوقت نفسه يتغطرس بالحديث عن كونه دولة ديمقراطية، وتحتاج دائما لجبروت الولايات المتحدة الأمريكية لوقف محاسبتها على هذه الجرائم.

وأخيراً مع أن هذا القرار يعدّ تطورًا إيجابيًا فإنه لا يعني أن الأوضاع سوف تتغير جذريًا، فما زالت الطريق إلى النجاح طويلة ومحفوفة بمخاطر عديدة، تشمل احتمال استعمال المحكمة ضد أبناء شعبنا الفلسطيني؛ ذلك أن القانون الدولي سيف ذو حدين ولا يعول عليه وعلينا المسارعة إلى تشكيل هيئة قانونية سياسية ثقافية تضم قانونيين فلسطينيين وعرب ودوليين متخصصين في القانون الدولي والجرائم بحق الانسانية وبمساعدة مستشارين سياسيين وثقافيين لخوض المعركة القانونية لتجريم الاحتلال ومحاسبته كاحتلال وكأفراد على جرائمهم واعتبار أن أصل الجريمة هو الاحتلال الاستعماري وكل ما صدر عن الفلسطينيين هو يندرج تحت عنوان الدفاع عن النفس والأرض والإنسان والحق في تقرير المصير وحق العودة إلى أراضيهم، وهذا القرار يجب أن يشكل منطلقًا للبناء عليه من أجل توحيد جهود النضال السياسي والقانوني والميداني لمحاسبة الاحتلال على جرائمه، كما أن تقديم الملفات للمحاسبة هي في الجوهر اختبار للمؤسسات الدولية خاصة الأمم المتحدة لتفعيل عشرات القرارات التي تخص شعبنا الفلسطيني وحقوقه التاريخية والإنسانية والقانونية.

__________________________

(*) مدير مركز رؤية للدراسات والأبحاث في لبنان

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

بين عقيدة الإسلام و”عقيدة الواقعية

للإسلام تفسيرٌ للواقع وتعاملٌ معه بناءً على علم الله به ومشيئته فيه، كما يثبتهما الوحي. …