يُحيي أبناء شعبنا الفلسطيني الأسبوع القادم في الوطن وفي الشتات يوم الأسير الفلسطيني، منذ عام 1974 أقر المجلس الوطني الفلسطيني، السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية، يوم السابع عشر من نيسان/أبريل، يومًا وطنيًا للوفاء للأسرى وتضحياتهم، باعتباره يوماً لنصرتهم ومساندتهم ودعم حقهم بالحرية، ولتكريمهم وللوقوف بجانبهم وبجانب ذويهم وعائلاتهم.
فمن غير المقبول استغلال كيان الاحتلال لجائحة كورونا والحروب في المنطقة وانشغال الجانبين الفلسطيني والصهيوني بالاتخابات التشريعية وما نتج عن انتخابات الكنيست الصهيوني، لزيادة الإجراءات الوحشية والتي يندى لها جبين الإنسانية بحق أسرانا البواسل الرازحين في سجونها التي لا تصلح أساساً للحياة البشرية في انتهاك صارخ للأعراف والقوانين الدولية وحتى الديانات السماوية .
وأسرانا الآن بحاجة لتسليط الضوء عليهم وعلينا وضع ملف الأسرى في أعلى سلم اهتماماتنا، فهذا ملف الإنسانية جمعاء فهناك أكثر من 5000 أسير/ة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، منهم أكثر من 100 طفل أسير، وحوالي 40 امرأة أسيرة منهن 11 أمًا، ولا أنسى الأسرى الشهداء المحتجزة جثامينهم في الثلاجات الذين يتجاوز عددهم الثمانين شهيداً.
ومع ذلك لا تزال سلطات إدارة سجون الاحتلال تمارس التنكيل بأسرانا باستخدام أسوء أساليب القمع ورش الغاز عليهم وحتى عزلهم وحرمانهم من أبسط الحقوق ومنع ذويهم من زيارتهم تحت حجج واهية، وكل هذه الأفعال التي تُمارس على أسرانا بكافة الوسائل، وكافة أشكال الحرمان من الحاجات الإنسانية الأساسية وما يتعرضون له من التعذيب الذي يُفقدهم قواهم الذهنية والبدنية الهدف الأساسي منه النيل من عزيمة أسرانا وإيمانهم بقضية شعبنا، حيث ضحوا بحريتهم من أجل حرية شعبنا وتحرير أرضنا من رجس الاحتلال وبناء دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
فأسرانا البواسل الرزاحين في سجن ريمون شأنهم كشأن باقي الأسرى في سجون الاحتلال يتعرضون بشكل يومي وبشكل همجي لأعتى عمليات القمع والتنكيل من خلال تفتيش الغرف في ساعات متأخرة من الليل وحتى العبث بمقتنياتهم ونقل العديد منهم إلى سجن آخر وذلك لحجب الاستقرار عنهم، وحتى عند نقلهم من سجن لآخر يتعرض الأسرى للعديد من الاعتداءات ما أنزل الله بها من سلطان ترقى إلى جرائم الحرب التي يعاقب عليها القانون الدولي ومحكمة جرائم الحرب الدولية، إلى جانب بعض محاكم الدول التي تتغنى بالإنسانية، إلا أن هذه الدول التي تّدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان لا تحاسب كيان الاحتلال على هذه الجرائم في حين تحاسب غيرها من الدول، أي الكيل بمكيالين، الأمر الذي يؤكد دعم هذه الدول العلني والسري لكيان الاحتلال وأن ما تقوم به من انتقادات خجولة للانتهاكات لكيان الاحتلال هي مجرد ذر للرماد في العيون التي لا تغني ولا تسمن من جوع.
منذ انتشار جائحة كورونا التي اجتاحت العالم أجمع وتجربتنا جميعاً للحجر المنزلي وبعد حرمان دول العالم كافة لمواطنيها من حرية التنقل ومخالطة الآخرين، تتجلى الحقيقة كعين الشمس التي لا خلاف فيها بأن أسرانا البواسل وصحتهم هي من أهم الأولويات وهذا يضع علينا مسؤولية كبرى بفضح كيان الاحتلال وممارساته، فأسرانا البواسل يعانون وبشكل مخيف من الإهمال الطبي والتعدي الممنهج والمستمر الذي يؤثر على صحتهم النفسية والجسدية والعقلية، فعلينا مسؤولية كبرى من متابعة قصص الأسرى ومعاناتهم ومآسيهم لفضح حقيقة السجان وفضح الجرائم التي يرتكبها هذا الكيان بحق نسورنا البواسل في مخالفة صارخة لميثاق جنيڤ وما نص عليه من الشروط الصحية والرعاية الطبية في المادة (91) والذي يتضمن بضرورة توفر عيادة مناسبة في كل معتقل، يشرف عليها طبيب مؤهل ويحصل فيها المعتقلون على ما يحتاجونه من رعاية طبية وكذلك على نظام غذائي مناسب وعزل صحي ومستشفيات ورعاية لا تقل عن الرعاية التي تقدم لعامة السكان، ويفضل أن يقوم على علاج المعتقلين موظفون طبيون من جنسيتهم، وبالطبع كيان الاحتلال يخالف ويغض الطرف عن كل هذه الحقوق !
وأخيراً لنجعل يوم الأسير الفلسطيني مُنطلقًا حقيقيًا لملاحقة كيان الاحتلال على جرائمه بحق أسرانا البواسل والتي ترتكب بحقهم أكبر الجرائم المحرمة دوليا، و أصبح لِزاما على المجتمع الدولي التحرك لوضع حد للمعاناة المستمرة لأسرانا البواسل ومسائلة ومحاكمة قادة الاحتلال عن أعمال الاختطاف والاحتفاظ بالأسرى كورقة مساومه خاصة وأن كيان الاحتلال مشهود له بأنه ناكث للعهود والمواثيق و يرتكب الجريمة تلو الجريمة ظنا منه أنه فوق المساءلة والمحاسبة وأصبح لزاما على المجتمع الدولي من مساءلته ومحاسبته عن كل جرائمه بحق أسرانا وضد ما يمارسه من سياسات ضد شعبنا الفلسطيني وأرضنا الفلسطينية واعتداءات على الدول العربية بمخالفه وانتهاك صارخ لكل الاتفاقات والمواثيق الدولية .
وليكن يوم الأسير الفلسطيني هو يوم الانطلاق لحملة دولية تقود لمساءلة ومحاكمة قادة الاحتلال عن جرائمهم ووضع حد لمواصلة سياسة الاعتقال السياسي بلا مبرر والعمل ضمن المجهود الدولي لتأمين الإفراج عن كافة الأسرى والمعتقلين في السجون الاسرائيليه بلا مبرر وسند في القانون الدولي الإنساني وتبييض كافة السجون.
___________
مدير مركز رؤية للدراسات والأبحاث في لبنان