اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إلهَ إلا اللهُ واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ
تحدثنا في الجزء الأول من هذا الموضوع عن:-
أولاً: باب العامود وأهميته.
ثانياً: انتفاضة باب العامود 2021م.
ثالثاً: حي الشيخ جراح ومقاومة التهجير القسري.
رابعاً: ياغزتنا ياعزتنا يلا كمِّلي فزعتنا.
خامساً: نبذة موجزة عن الخسائر التي كبَّدتها المقاومة للكيان الصهيوني.
سادساً: نبذة موجزة عن الخسائر التي لحقت بقطاع غزة جرَّاء القصف الصهيوني.
سابعاً: الحق ما شهد به الأعداء.
ثامناً: ماذا بينكم وبين الله يا أهل غزة!
وفي هذا الجزء سنتحدث بفضل الله تعالى عن:-
تاسعاً: ثوابت وحقائق في الصراع بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية
1- إن كل من أيد المقاومة وراهن على انتصارها حق له أن يسعد بأن يقينه بالله لم يتزعزع ، وحق له أن يفتخر بأن جعله الله تعالى ستاراً لقدره وسبباً لإتمام مشيئته، وحق له أن يفرح بأن الله تعالى أذل من عادوا أولياء الله ورسوله، فإن لم يكن رجال المقاومة الأبطال المغاوير الأشاوس هم من أولياء الله فلا يحق أن يكون على الأرض من بعدهم ولي.
عن قرة بن إياس المزني رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "لا تَزالُ طائفةٌ مِن أمَّتي مَنصورينَ لا يَضرُّهم مَن خذلَهُم حتّى تقومَ السّاعةُ" (رواه ابن ماجه).
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "لا تزالُ طائفةٌ من أمتي ظاهرين على الحقِّ لعدوِّهم قاهرين لا يضرُّهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأْواءَ فهُم كالإناءِ بين الأَكَلةِ حتى يأتيَهم أمرُ اللهِ وهم كذلك قالوا يا رسولَ الله وأين هم قال ببيتِ المقدسِ وأكنافِ بيتِ المقدسِ" (رواه ابن جرير الطبري في مسند عمر بإسناد صحيح).
2- إن النصر الذي تشهده الأمة الآن ويفرح له الشرفاء في كل بقاع الأرض هناك من دفعوا ثمنه من أرواحهم ومن دمائهم الزكية، وهناك من تجرعوا مرارة القهر والفقد حتى لا تركع الأمة وحتى لا يشمت فيها عدو ولا يساء بها صديق. إن من واجب كل هؤلاء علينا أن ندثرهم بالدعاء، وأن تظل جذوة القضية ملتهبة في صدورنا، وألا نأمن لعدونا الذي يتربص بنا تربص الحية الرقطاء بفريستها.
3- ارتقى من ارتقى شهيداً ليترك لنا نصراً عزيزاً فلنشكر واهب النصر سبحانه وتعالى، ولندعوا للشهداء، ولنعض على ما تحقق من نصر بالنواجذ.
4- إن إقرار إسرائيل بالهزيمة هو بمثابة هزيمة بل لطمة لكل حلفائها من الدول ولكل شخص برر لأفعالها أو حتى استحسنها في نفسه، وبمثابة نصر وفخر واعتزاز لكل من تضامن مع المقاومة ولو بكلمة قالها أو بصورة نشرها.
5- إن إقرار إسرائيل بالهزيمة يعلمنا أن لغة الصواريخ هي اللغة الوحيدة التي يفهمها العدو الصهيوني، وهي التي تلجمه وتجعله يصمت أمامها ويتعامل معها بكل احترام، ليقينه أنها أقوى من سفراء ووزراء ومنظمات العالم مجتمعة.
6- إن المعادلة الآن قد تحولت من "إن اعتديتم على (غزة) سنرد" إلى "إن عدتم للاعتداء على أي من (مقدساتنا) أو على أي مكان في (وطننا) عدنا برد يؤدبكم ويقتلع أظافركم وأنيابكم".
7- لنعلم أن العدو وأعوانه وحلفائه وأذنابه لن يهدؤوا ولن يتركوننا نهنأ بالنصر فهؤلاء جميعاً مثل الشيطان إذا سمع الأذان ولى وله ضراط، وإذا فرغ الأذان واستوت الصفوف للصلاة أقبل ليوسوس للمصلين وليفسد عليهم صلاتهم.
8- إن من واجبنا ألا نكف عن ما نحن عليه من تأييد بكل ما أوتينا من وسائل، ولا نكف عن فضح ممارسات العدو وأعوانه وحلفائه وأذنابه بكل ما أوتبنا من وسائل أيضاً.
9- وواجبنا ألا نتوقف عن التضرع والدعاء فالعدو ما هزم إلا بذنوبه ومعاصيه، وما نصر الله من انتصروا إلا لعلمه سبحانه بتقواهم وإخلاص نواياهم.
10- حمدا لله على نصركم يا أساطير العسكرية، وأساطير الإعلام، وأساطير الإدارة، وأساطير التخطيط، وأساطير القيادة، وأساطير الشوارع، وأساطير الجبهات، وأساطير الشعوب.
لقد أثبتم للعالم أجمع أن "فلسطين ما زالت حية في قلوب كل الشعوب الإسلامية والعربية، وفي قلوب كل شرفاء العالم .
وأثبتم للعالم أجمع أن فلسطين ما هي إلا اختبار! إنها اختبار لدرجة الإيمان في القلوب، ولدرجة الثبات على المبدأ.
إن البعض قد يظن أن هذا الكلام استرسالاً بسبب نشوة النصر ولكن الشواهد الشرعية والتاريخية تقر بكل حرف مما قيل وتشهد بصحته.
قضية فلسطين ما هي إلا اختبار لدرجة الإيمان في القلوب، ولدرجة الثبات على المبدأ
عاشراً: ماذا علمتنا الجولة الأخيرة من الصراع مع الكيان الصهيوني
إن الجولة الأخيرة من الصراع مع الكيان الصهيوني قد علمتنا دروساً كثيرة لا تحويها بطون الكتب، ولا تصاغ على المنابر، ولا يمكن تعلمها في المعاهد ولا في الجامعات، بل تلقن في ساحات الوغى إذا حمي الوطيس والتحمت الصفوف وظهر بريق السيوف.
1- علمتنا أن سلسلة الجهاد والمجاهدين ممتدة إلى قيام الساعة وأنه إذا استشهد قائد أتى الله بمن هو مثله أو أفضل منه.
2- وعلمتنا أن الحراك النضالي لابد له من ظهير شعبي يؤيد فعل هذا ويندد بفعل ذاك، ويشرح، ويوضح، ويزيل اللغط لمن يريد أن يفهم، ويُفنِّد ادعاءات ومزاعم من يريد أن يشوِّه القضية أو يشكك في نبل مقصد أهلها.
3- وعلمتنا أن القرار المدروس المتفق عليه لابد وأن يقف الجميع خلفه وقفة رجل واحد إلى أن يتم تحقيقه، وأن نتائجه -إيجابية كانت أو غير ذلك- تنسب للجميع دون استئثار ولا تنصل من أحد.
4- وعلمتنا أن تكوين الأمم الفتية العفية وإعداد الرجال وصهرهم في بوتقة النضال وتحمل المسؤولية ليس بالأمر الهين !
وصدق الإمام البنا حين قال: "تكوين الأمم، وتربية الشعوب، وتحقيق الآمال، ومناصرة المبادئ: تحتاج من الأمة التي تحاول هذا أو الفئة التي تدعو إليه على الأقل، إلى "قوة نفسية عظيمة" تتمثل في عدة أمور: إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف، ووفاء ثابت لا يعدو عليه تلوُّن ولا غدر، وتضحية عزيزة لا يَحُول دونها طمع ولا بُخل، ومعرفة بالمبدأ وإيمان به وتقدير له يعصم من الخطأ فيه والانحراف عنه والمساومة عليه، والخديعة بغيره.
5- وعلمتنا أن نشكر أصحاب الحقوق علينا ومن ساندونا عند شدتنا وأن نحفظ لهم حقهم وأن نعترف بفضلهم كما فعل النبي ﷺ مع أسرى بدر حيث قال ﷺ: "لو كانَ المُطْعِمُ بنُ عَدِيٍّ حَيًّا، ثُمَّ كَلَّمَنِي في هَؤُلَاءِ النَّتْنَى، لَتَرَكْتُهُمْ له" (صحيح البخاري)، والمطعم بن عدي هذا كان من كفار قريش "ومات على الكفر" إلا أنه بعد عودة النبي ﷺ من الطائف وافق أن يدخل النبي ﷺ مكة في جواره وأعلن ذلك صراحة وتوعد من ينال النبي ﷺ بأذى.
6- وعلمتنا أن قوة الخطاب لا تقل أهمية عن قوة الحراب، وأن توظيف لغة الجسد يزيد الخطاب قوة على قوته ويجعل المعنيين بالخطاب ترتعد فرائصهم وتخور قواهم مهما أوتوا من قوة.
إن قوة الخطاب لا تقل أهمية عن قوة الحراب، وأن توظيف لغة الجسد يزيد الخطاب قوة على قوته ويجعل المعنيين بالخطاب ترتعد فرائصهم وتخور قواهم مهما أوتوا من قوة
7- وعلمتنا أنه في ساحة المواجهة لابد على القائد أن يثق في قدرات وجنوده، ولابد على الجنود أن يثقوا في أهلية وخيرية القائد، فلا ترى سوى سيمفونية متسقة ومتناسقة من الفهم المتبادل والثبات على المبدأ والإصرار على تحقيق الهدف.
8- وعلمتنا أن القيادة الواثقة الواعية الحذرة تسوِّي الصفوف وتطهرها أولاً بأول، فلا مكان لخائن ولا لمتلون ولا لجبان .
9- وعلمتنا كيف نمزج بين الخطاب العسكري، والخطاب السياسي، والخطاب الدبلوماسي، والخطاب الجماهيري، بمساحات دقيقة حسب كل حدث وحسب كل موقف وحسب ثقل وأهمية كل شريحة.
10- وعلمتنا أن النصر مع الصبر، وأن مع العسر يُسرا، وأن ألم ساعة أفضل وأشرف من البقاء في الذل والرضوخ له إلى قيام الساعة.
11- وعلمتنا درساً عملياً في أن أوثق عُرى الإيمان هي الحب في الله وموالاة أولياء الله، وأن المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كالجسد الواحد، وأنهم أمام عدوهم وفي كل أحوالهم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً.
12- وعلمتنا درساً عملياً فيما أخبرنا به النبي ﷺ حيث قال: "المُسلِمونَ تَتَكافَأُ دِمائُهمْ، يَسْعَى بِذِمَّتِهمْ أدْناهُمْ، ويُجِيرُعليهم أقصاهُمْ، وهُم يَدٌ على مَن سِواهُمْ" (صحيح الجامع).
13- وعلمتنا أنه لا فرق بين القدس وغزة وغيرها من بقاع الأرض المحتلة، فالقضية واحدة والعدو واحد والمصير واحد .
14- وعلمتنا أن المقاومة بشتى صورها هدفها وطني، وأنه إذا حمي الوطيس لا مجال للحديث عن فصائل ولا عن تفاصيل تشتت الذهن وتهدر الطاقات.
15- وعلمتنا أن خيار المقاومة السلمية الذي تتبناه السلطة الفلسطينية لا يجدي نفعاً مع أبناء القردة والخنازير الذين جبلوا على الخداع والمراوغة.
وعلمتنا دروساً أخرى عديدة لا يتسع المجال لذكرها فمَعِين الدروس في هذا الموقف بالذات لا يُسْبَر قاعه ولا يستطيع فرد أن يحوطه من كل جوانبه.
وأخيراً أقول
لا تتوقف عن الحديث عن فلسطين!
لا تتوقف عن الحديث عن تاريخها، وعن أهميتها بالنسبة للمسلمين، وعن حق الشرفاء من أهلها في تقرير مصيرهم، وعن تضحيات أهلها، وعن فضح ممارسات عدوهم المحتل الغاشم، وممارسات عدوهم خارج الأرض المحتلة.
فلسطين ليست مُجرد (تريند) سعينا ليحتل المرتبة الأولى عربياً ولا حتى الأولى عالمياً، وليست مُجرد حولة من جولات الصراع انتصرنا فيها ثم طوت الأيام ذلك.
فلسطين ليست مُجرد (تريند) سعينا ليحتل المرتبة الأولى عربياً ولا حتى الأولى عالمياً، وليست مُجرد حولة من جولات الصراع انتصرنا فيها ثم طوت الأيام ذلك
فلسطين أرض الأنبياء ومسرى حبيبنا ومصطفانا ﷺ.
فلسطين عقيدة راسخة وإيمان لا يتزعزع.
فلسطين هي مقياس الإيمان في القلوب ، ولا يكتمل إيمان المسلم حتى يبذل أقصى طاقته حباً ونصراً وتأييداً ودفاعاً عنها. فلسطين هي الخط الفاصل بين الإنسانية واللاإنسانية .فلسطين قضية يلتف حولها الشرفاء وينفض عنها البلهاء الذين لا كرامة لهم ولا شرف.
وأقول
بعد الانتهاء من كل هذه الأحداث وما ترتب عليها يحق للمقاومة الفلسطينية أن تقول لقوات المحتل الصهيوني الغاشم "انتهى الدرس يا غبي"!
ويحق لها أن تقول ما قاله النبي بعد غزوة الأحزاب وما ترتب عليها "الآنَ نَغْزُوهُمْ ولَا يَغْزُونَنَا، نَحْنُ نَسِيرُ إليهِم" (صحيح البخاري).