الحياة مع النقوى …. سورة الطلاق

الرئيسية » بأقلامكم » الحياة مع النقوى …. سورة الطلاق
SONY DSC

إن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة..... فالظروف والأحوال تتبدل وتتغير.... ولكن ما التعامل السليم الذي ينبغي أن تسلكه معها؟

تأتي سورة الطلاق لتخبرك أن التقوى هو ما يجب أن يكون شعارك في هذه الحياة... وعلى طول الطريق...

تقول لك السورة إن هناك حدودا ينبغي أن لا تتجاوزها في رضاك وسخطك... في زواجك وطلاقك "وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ".

هذا هو الصدق في التقوى.... أن تعدل حتى مع من تكره... أن لا تأكل حقوق غيرك، أو من كان بينك وبينهم صلة أو قرابة، لمجرد خلاف عابر أو خصام فاجر أو فصال نكد... فكيف لو كان مَن تظلمه هو من كان زوجك أو شريك حياته...

وتأمّل جملة الأوامر في هذه السورة التي تدعوك للإحسان لمن كانت معك زوجة وصاحبة ثم شاء الله لكما الطلاق والفراق "لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ"...."فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ"..... "أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ".

بل وأكثر من ذلك..... أن تدفع لها أجرة رضاعتها لولدك "فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ"
إنه تجاوز جميل لكل ما يمكن أن يكون خلّفه هذا الطلاق من بغضاء وشحناءٍ من أجل إحقاق الحقوق وردّها إلى أصحابها.

إنه التجرد لله... وإنكار حظ النفس... وهذا سمت المتقين؟ وتتساءل لم يجب أن افعل ذلك؟
فتجيبك السورة لأنك إن فعلت، واتقيت الله حق التقوى..... جنيت ثمار التقوى كما تزفّها لك الآيات "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ"....."وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا"......" وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ".

إنها جنة التقوى في الدنيا.... ييسر الله أمرك.... يوسع رزقك....يكفّر ذنبك... ويعظم أجرك ثم تنقلك السورة الى جنة التقوى في الآخرة "وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا ".

قد أحسن الله له رزقا.... سعة رزق ٍ في الدنيا وسعة رزق ٍفي الآخرة.

وتنتقل بك السورة إلى لفتة أخرى..... لتقول لك إن تقوى الله والتزام حدوده ليس أمراً فرديّا بل هو جماعي...وإلا تعرضت المجتمعات لسخط الله وعقابه: "وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (9) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا".

وتأمل الآية الأخيرة والتي تربط بين التقوى وأولي الألباب...... فالعاقل من اتقى ربه ولزم حده ومن أبى فليتعرّض للعذاب والخسران.

ويأتي خير ختام للسورة ليعرفك بالله الذي تتّقيه... ولا يُتَقى إلا بمن هو قوي... فكيف بالله الذي خلق السماوات والأرض... وهو من يدبر أمرك...ويملك رزقك... ويعلم سرك وجهرك... فاركنْ إليه يطمئن قلبك.... ويصلح أمرك.

" اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ".

هذا والله أعلم

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

بين عقيدة الإسلام و”عقيدة الواقعية

للإسلام تفسيرٌ للواقع وتعاملٌ معه بناءً على علم الله به ومشيئته فيه، كما يثبتهما الوحي. …