المدارس الفكرية الإسلامية”

الرئيسية » كتاب ومؤلف » المدارس الفكرية الإسلامية”
512

أعجبني ما قاله محمد سليم العوا في مقدمة الكتاب (المثقف المسلم لا يسعه إلا أن يتخذ من ثقافته مَعْلَم إيمان يتفيّأ ظلاله راضيا قرير العين، ومعقل انتماء يحفظ به ذاته وديمومة أمته واستمرار بقاء مكوناتها المميزة، وباب معرفة لا ينضب معينها، إذا حفظها حفظته، وإذا قصّر في شأن المعرفة بها ففي حق نفسه قصّر، وبنفسه أضرّ، لا بدينه وأمته)، وهذا أمر جليل لكل من أراد أن يسلك دروب الثقافة الإسلامية وينهل من معينها، ومنها كتاب "المدارس الفكرية الإسلامية" الذي أكد مؤلفه أن (المثقف لا يسعه أن يجهل المدارس الفكرية الكبرى في العالم، ولا المدارس الفكرية الإسلامية ولا الجهل بأصولها الكلية، خاصة أن هذه المدارس -أي الإسلامية بالتحديد- في تنوعها واختلافها معبرة تعبيرا فكريا راقيا عن وحدة الأمة الإسلامية، ولن ندرك فضل الغير إلا إذا تخلصنا من آفة التعصب...).

مع الكتاب

استعرض العوا في مقدمة كتابه هذا -وأصل هذا الكتاب هو مجموعة من المحاضرات التي ألقاها في جمعية مصر للثقافة والحوار ما بين عامي 2007 و2009 وبثتها قناة "الجزيرة_مباشر" - ما سبب تسميته لها بـ "المدارس" "الفكرية" وابتعاده عن التسميات التاريخية "المذاهب والملل والنحل"، مؤكدا أن كتابه هذا يقدم خلاصة مأخوذة من أمهات الكتب وأصولها لأصحاب كل مدرسة، ليكون خليقا (بكل حريص على أمة الإسلام وتاريخها وحضارتها أن يتأملها لتعينه على الفهم).

افتتح العوا حديثه - في كتابه الذي يقع في 511 صفحة من القطع المتوسط، وهو الطبعة الثانية من الكتاب الذي تنشره الشبكة العربية للأبحاث والنشر عن بواكير الفكر الإسلامي والتي بدأت عقب وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مباشرة، ليكون "الوضع السياسي" هو الباب الأول الذي انفتح لتدخل منه الأمة نحو الفكر، وكانت المسائل الأولى حول شكل النظام السياسي وأسس الشورى لاختيار الحاكم وطريقة الحكم، وتحدث أيضا عن خلافة الشيخين أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- ، ثم تطرق لعهد عثمان -رضي الله عنه- وبداية تصاعد النقاش حول حكم المركز والأطراف، وتحوله مع الأيام إلى شبه "ثورة" تنتهي بقتله واستشهاده، ثم ما بعد فتنة مقتله التي عصفت بعهد على -رضي الله عنه- وابنه الحسن بن علي -رضي الله عنه- ، وصولا إلى استتباب الأمر -أوليا- إلى معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه - .

ثم بدأ بالحديث في الباب الثاني عن "الخوارج" وفكرهم ومناقشة علي وابن عباس لهم، ووضح أصول فكرهم وتعدد فرقهم وأثرهم حينها، ثم انتقل في الباب الثالث إلى "الإباضية" ليتحدث عن سبب تسميتهم بذلك، وكذا علاقتهم مع سائر المسلمين، والحديث باستفاضة عن مذهبهم الفقهي وهل لهم علاقة بالخوارج أم لا.

أما في الباب الرابع فتحدث عن "عودة فكر الخوارج في العصر الحديث" على يد "جماعات التكفير" ، كما أورد المراجعات الجادة التي قامت بها الجماعات الجهادية في مصر وأدت إلى تراجعهم عن هذا المنهج، وتناول أيضا في الأبواب الخامس والسادس والسابع بشكل مستفيض عن الشيعة "الإمامية - الزيدية - الإسماعيلية" : أصلها ونشأتها ومدارسها، واجتهادات أئمتها وتطور فكرها، وحقيقة عملها الباطني.

في الباب الثامن تحدث عن "المعتزلة" وأصول أفكارهم الخمسة، وفتنة خلق القرآن وموقف أهل السنة من ذلك، أما الباب التاسع فكان الحديث عن "الصوفية" ونشأتها وتعاريفها المختلفة وحكمها العطائية وعلاقتها بالفقه والجهاد.

في الباب العاشر فتحدث العوا عن "أهل السنة والجماعة"، مبتدئا بأهل الأثر وإمامهم أحمد بن حنبل، وعرّج على الأثرية الظاهرية وعمادها ابن حزم، ثم الاشعرية والماتردية وصولا لأبي جعفر الطحاوي، أما الباب الحادي عشر فتناول فيه "السلفية": سبب تسميها ومنهجها الفكري ومراحلها الثلاث - على حد تقسيمه - : مرحلة أحمد بن حنبل ودوره في فتنة خلق القرآن، ومرحلة ابن تيمية ودورها في مجابهة البدع والخرافات والاحتلال المغولي، ومرحلة محمد بن عبدالوهاب وبناء الدولة السعودية.

أما في الباب الثاني عشر فكان الحديث عن "السلفية الإصلاحية" وروادها جمال الدين الأفغاني "المفكر الثائر" والأستاذ الإمام محمد عبده "المصلح على منهج السلف" ودورها الفكري والسياسي والإصلاحي، أما الباب الثالث عشر فتحدث العوا عن "جماعة الإخوان المسلمين" ومؤسسها الإمام الشهيد حسن البنا وفكره ومنهجه الإصلاحي، ثم تناول مرحلتي الابتلاء وروادها: المرشد الثاني حسن الهضيبي وكتابه "دعاة لا قضاة" والأستاذ الشهيد سيد قطب وكتابه "معالم في الطريق"، وأثرهما في مسيرة الإخوان فيما بعد، وفي الباب الرابع عشر فتناول العوا "إسهامات فردية في الفكر الإسلامي": وهي الأستاذ عبدالرزاق السنهوري والاستاذ حسن العشماوي والدكتور توفيق الشاوي.

أما الخاتمة - وهي الأروع في نظري - فعنونها العوا بـ"ميراثهم الفكري... ماذا بقى لنا؟"، حيث وضع يده على أبرز ما يمكننا الاستفادة منه من كل مدرسة، ومما قاله :

1- يمكن ان نستفيد من الخوارج فكرة "عدم انحصار رئاسة الدولة الإسلامية في قبيلة أو عائلة أو طائفة أو فئة بعينها دون سائر الناس".

2- ويمكن الاستفادة من الشيعة الإمامية فكرة "الحب العميق لآل بيت النبوة والانتصار لهم".

3- ويمكن الاستفادة من المدرسة الزيدية مبدأ "مشروعية الثورة على الحاكم الظالم".

4- بينما يمكننا الاستفادة من المعتزلة في فكرة "الاحتكام إلى العقل".

5- وتركت لنا المدرسة الصوفية - الخالصة من البدع والخرافات - "حب الزهد وتقدير الزاهدين والشجاعة في الحق".

6- أما أهل السنة والجماعة فتركوا لنا "الموقف القرآني الذي انبثق عنه الجميع" والمنهج الوسط والمتوازن (بين العقل والنقل - بين الإقرار وعدم الإسراف في التأويل - قبول الدليل الصحيح من القرآن والسنة الصحيحة ورفض الضعيفة والموضوعة).

7- أما المدرسة الوهابية فقد خطت منهجا جديدا في العمل لنشر الدعوة، وهو" منهج التعاون مع الحكام وكسبهم لصف الدعوة" وتحقيق حالة كسب للطرفين: السياسي والدعوي.

8- أما المدرسة السلفية فتركت لنا فكرة "الدفاع عن العقيدة الصحيحة والشريعة الثابتة داخل المجتمع المسلم".

9- أما السلفية الإصلاحية المعاصرة فقد ترك لنا الأفغاني وعبده وتلامذتهم فكرة" العودة بالدين إلى الينابيع الأولى، وفهمه على طريقة سلف الأمة قبل ظهور الخلاف".

10- أما الإخوان المسلمين فكان من أكبر آثارهم فكرة" شمول الإسلام للحياة كلها، والجمع بين التصور النظري للإسلام وفرائضه وأحكامه وبين العمل الحركي لإحياء الالتزام به والدعوة إليه والنزول على حكمه".

مع المؤلف

والكاتب هو محمد سليم العوَّا مفكر إسلامي وكاتب ومستشار قانوني عمل لدى العديد من الحكومات العربية، والأمين العام السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورئيس جمعية مصر للثقافة والحوار.

 

بيانات الكتاب: 

اسم الكتاب: المدارس الفكرية الإسلامية من الخوارج إلى الإخوان المسلمين

اسم المؤلف: د. محمد سليم العوا

دار النشر: الشبكة العربية للأبحاث والنشر

عدد صفحات الكتاب: 512

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
مدير علاقات عامة في إحدى المؤسسات التعليمية في الأردن، ناشط اجتماعي، وإعلامي، مهتم بالشؤون التربوية.

شاهد أيضاً

تراث القدس.. سلوة النفس

يعد هذا الكتاب القيّم تراثًا مقدسيًّا فلسطينيًّا مبسّطًا - إلى حد ما - ومجمّعًا بطريقة …