يعد هذا الكتاب من أبرز الكتب القصيرة والمركزة في إشكالية "كراهية الإسلام أو الإسلاموفوبيا" المنتشرة في الغرب، والتصورات الأيدولوجية المنبثقة عنها –بعجرها وبجرها– ، والتي يتكئ عليها قادته في إعادة شحن الشعوب الغربية وجيوشها ضد الإسلام –كأيدولوجيا– والعالم الإسلامي –كدول أو منظمات–، باعتباره عدوا استراتيجيا تبيح عداوته استخدام كل أنواع الأسلحة: الناعمة منها –كوسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية ولوبيات الضغط– أو الصلبة المتطورة منها أو حتى المحرمة دوليا، وذلك إزاء إنهاء تأثيره على شعوب المنطقة، وليتسنى لها التمتع بخيراته في ظل استقرار وأمان كافيين لنهب ثرواته دون حديث يذكر.
يقول صالح في مقدمة كتابه هذا – في طبعته الأولى عام 2016م لـ الدار العربية للعلوم ناشرون – "إن الاستشراق الجديد يقطع مع الاستشراق القديم بتركيزه على بناء تصورات أيديولوجية حول الإسلام والمسلمين، دون السعي إلى تقديم معرفة نظرية وتطبيقية حقيقية – أي قائمة على تحليل واقعي ومدروس – وجوهر ما يفعله هذا الفرع هو إعادة تمثيل الإسلام والمسلمين بصورة تخدم الغايات الامبراطوية للقوة الأمريكية التي تسعى إلى الإبقاء على سيطرتها كقطع عالمي وحيد وأوحد".
وقال أيضا: "إن كلام رجال السياسة الغربيين عن كون الحرب على الإرهاب لا تستهدف الإسلام والمسلمين بل الإرهابيين – الذي يدّعون أنهم يمثلون الإسلام – هو مجرد مراوغات سياسية وكلام دبلوماسي لا يعكس ما يتم فعله على الأرض في الحقيقة"، وقال "ما يحدث الآن هو نوع من شيطنة الإسلام واتهام الدين وأتباعه بالإرهاب".
مع الكتاب:
قسم صالح كتابه -الذي لا يزيد عن 190 صفحة من القطع المتوسط- إلى ثلاثة أبواب وملحقين: تناول في الأول أعمال المستشرق البريطاني الأمريكي برنارد لويس، وهو أحد كبار المنظرين ذوي الصلة المباشرة بصناع القرار في البيت الأبيض والكونغرس، وأشار من خلالها إلى جذور هذه الرؤية الاستشراقية، وكذلك مقالاته التي ظهرت في عقد التسعينات لتهيئ الأرضية للتحول السياسي في أمريكا اتجاه تبني الحرب على الإرهاب للعبور نحو عصر الهيمنة الأمريكية.
أما الباب الثاني فتناول في نظرية صمويل هنتغتون في "صراع الحضارات"، وما هي إلا محاولة بناء تصور استراتيجي يسمح لصانع القرار الأمريكي أن يستفيد منه أو يعممه لغايات تبرير أي حرب يريد شنها في المستقبل، كما أشار إلى بحثه عن وسائل حماية الهوية الأمريكية –البيضاء / الغربية / البروتستانتية ديانة / الإنجليزية لغة وثقافة– وانعكاس ذلك على التعصب ضد الآخرين.
أما الباب الثالث فقد خصصه للحديث عن الروائي الترينيدادي ف.س.نايبول لتناوله العالم الإسلامي في رواياته، وكتب رحلاته، وتصريحاته الصحفية التي تكرس نفس الصورة النمطية السلبية.
وأما الملاحق فتناول في إحداها تصوير الصحافة الأمريكية للإسلام عقب أحداث 11 سبتمبر 2001، والثانية حول محاولة للتقريب بين الشرق والغرب باستدعاء نموذج الأندلس – في التاريخ الإسلامي – وكيف مثل صورة للتعايش الأمثل – حينها – بين المسلمين والمسيحين تحت راية الإسلام.
مع المؤلف:
الأستاذ فخري صالح كاتب وأكاديمي أردني، ولد في اليامون/ جنين عام 1957، حاصل على الماجستير في الأدب الإنجليزي من الجامعة الأردنية، عمل كاتبا ومراسلا في العديد من الصحف العربية، وهو عضو رابطة الكتاب الأردنيين.