"عمر بن سيد" هو واحد من ملايين السود الأفارقة الذين تعرضوا لظلم الرجل الأبيض الأمريكي إبان تكوينه لدولته -التي ستطرح نفسها عالما جديدا فيما بعد-، وكان رحمه الله هو النموذج المؤلم الذي طرحه الراوي أيمن العتوم في روايته الثقيلة "أرض الله" ليكون شاهدا على حقبة هي من أحقر الحقب التاريخية وأكثرها حيوانية وتجبر.
كيف طاب لهؤلاء المجرمين أن يخلعوا قلوبهم من صدورهم ويستبدلوها بحجارة (أو أشد قسوة)؟؟؟، وكيف استطاعوا أن يفعلوا ما لا يخطر في الشياطين -عداك عن البشر- في قارة أفريقيا وسكانها، ليس لهم من الذنب إلا ما أنعم الله عليهم من كنوز وثروات لم يقدروها حق قدرها فجاء الغازي والمستعمر من وراء البحار ليهلك الحرث والنسل؟؟؟ كيف بهم يغتصبون العذارى أمام آبائهم، ويقتلون الرضع أمام أمهاتهم، ويبقرون بطون الحوامل أمام أزواجهم؟؟؟ أحرقوا الشجر والحجر والبشر، بل وحرقوا المساجد والمكتبات ودور العلم ولم يبقوا على عالمٍ أو إمام مسجد أو حتى مؤذن إلا قتل أو أحرق أو عذب أو استرق؟؟؟
أين كانت البشرية في هذه اللحظات؟؟؟ بل أين البشرية الان من أحفاد هؤلاء القتلة وهم يمارسون نفس دعارتهم في بلداننا بدعوى السياسة والمهادنة، وهم - بينهم على الأقل، بل أظهروا ذلك في وسائل إعلامهم - لا ينظرون إلينا إلا على أننا بهائم وقاذورات، وما يظهر الآن من استمرائهم الإساءة لنبي الرحمة - عليه الصلاة والسلام - لهو دليل على:
عجرفتهم وانحطاطنا... استكبارهم وذلنا... قوتهم وضعفنا... تقدمهم وتراجعنا... ولكن لماذا؟
صدق ربي حين قال (قل هو من عند أنفسكم)، فالذي يتحمل هذه المسؤولية ابتداء هو: "نحن" ، بكل ما في الكلمة من معنى، والحل أيضا واضح بما قال الله تعالى:
{وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات:
(1) ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم.
(2) وليمكننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم.
(3) وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا}
بالمقابل (يعبدونني لا يشركون بي شيئا)، فهل وحدنا الله تعالى؟ أم ما زلنا نشرك معه آلهة أخرى: الفساد والاستبداد والشهوات والانحلال الأخلاقي والكذب السياسي والتهام المال العام والرشوة والمحسوبية والظلم والقهر؟ ثم ندّعي أننا موحدون؟ ولكن كيف؟
أخبرنا "عمر بن سيد" رحمه الله أن الفرنسيين لم ينالوا منهم في "فوتاتور" و "توبا" إلا حينما شروا ذمم أناس من بني جلدتهم فكانوا عملاء وأجراء للمحتل على أهلهم، فبماذا أغروهم؟؟؟ أليست بعبادة إحدى ألهة الفسق والفجور والفساد -آنفة الذكر- من دون الله؟ ألم يقل الله عن سر تمكن فرعون وجبروته فقال: {فاستخف قومه فأطاعوه، إنهم كانوا قومًا فاسقين}، فلم ينل من الطاعة إلا بفجورهم وفسقهم الذي أدى إلى استخفافهم وحرمانهم العلم والتغيير؟
ما زالت روايات أيمن العتوم تنحت بعيدا في ذهن المثقف العربي، لتعيد له ألق المعرفة التي بها يبطل السحر الإعلامي والثقافي العفن، (ولا يفلح الساحر حيث أتى).
رحم الله "عمر بن سيد"، ورحم الله كل المستضعفين الذين ينتظرون منا نصرتهم، في كل زمان ومكان...