دولة كورونا

الرئيسية » بأقلامكم » دولة كورونا
78-183441-mutations-coronavirus-year-strain_700x400

حاول الغرب سابقا أن يحكم العالم واختار لذلك مفهوماً ومنهاجاً وقاعدة سماها قاعدة الديمقراطية، حاول وحاول ونشر واشترى وباع إلا أنه لم يستطع إذ ظهر له ند في الشرق وحاول مثله أن يحكم العالم واختار لذلك مفهوماً ومنهج وقاعدة أسماها الاشتراكية.

وحاول ونشر واشتري وباع إلا أنه فشل فشلا ذريعا يفوق فشل صاحبه فترك الفكرة بل ترك المنهج كله وأسقط الدولة والسيادة التي كان يستند إليها –دولة الاتحاد السوفييتي- وسكت تماما، وبالرغم من ذلك فقد بقي العديد من البشر يتاجرون ببقايا أفكار ذلك السيد حول العالم.

وتنازع الغرب على السيادة على العالم مرة أخرى، أمريكا تفرش هيمنتها على أية بقعة على سطح الأرض من خلال إيهام الزعامات فيها أنها تحميهم وتحافظ على عروشهم لو دفعوا، وأوروبا اختارت أن تبني شكلا آخراً من الهيمنه عن طريق بناء ما أسمته الاتحاد الأوروبي وعندها هدفين، الأول ان تنازع أمريكا السلطة على العالم بقوة مشتركة من الألمان والفرنسيين والبريطانيين ومن لف لفهم، وثانيها أن تجمع تحت مظلتها عملائها فتمنع الأمريكان من الوصول إليهم.

ولكن هيهات، استطاع الأميركان سحب العديد من عملاء أوروبا ونقروا الاتحاد الاوروبي من الداخل، فها هي بريطانيا تغادره، وها هو يفقد علاقاته حتى مع جيرانه، ونسي الطرفان الأمريكي والأوروبي أن هناك دبين كبيرين يحومان حول العالم هما دولتي روسيا والصين، روسيا كبيرة وجاذبه وبها على الأقل نفط وصناعات عسكرية، أما الصين فاعتمدت على ميزتها في كثافة السكان وتدني أجور العمال فيها فسحبت إليها كل آلة الاقتصاد الصناعي من الجميع.

بدأ خطر الشرق يدق أجراسه في أذن الغرب، فها هي روسيا تتحرك بحرية من سوريا إلى ليبيا إلى امريكا الجنوبية، وبسبب قرارات غبية من قيادات في الغرب ضد الأصدقاء في الشرق انفتح باب واسع يدخل منه الروس والصينيون، وبسبب نفس المواقف الغبية بدأت دول عظمى على رأسها الولايات المتحدة الخضوع لابتزاز البعض مثل الصهاينة.

وشعر حكماء الغرب أن الامور ربما تفلت من أيديهم خصوصا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي فأنشؤوا عدوا وهميا أسموه الإرهاب، ولأنهم أرادوا من عدوهم هذا الذي أنشؤوه أن يكون له تاثير أوسع قليلا من تأثير الحكام الذين جروهم وأسكنوهم تحت مظلتهم، فوضعوا على سطح المخلوق الجديد شيئاً من التوابل العقائدية علهم يجذبوا إليهم قيادات دينية ومذهبية إضافة للقيادات السياسية، وبدأوا في استخدام عدوهم هذا لإخافة او السيطرة على أماكن متعددة من العالم خصوصا في الدول ذات العلاقة القديمة بأوروبا أو بروسيا كوريث للاتحاد السوفييتي، نجحوا بعضها كما في أفغانستان وسوريا ودول أخرى في العالم إلا انهم لم يستطيعوا إحكام القبضة على الجميع، وبالتالي فقد فشلوا.

وهكذا وبعد أن فشلوا في كل الاتجاهات والمحاولات فقد صارت الأحوال غير مرضية، خصوصا أن هناك انتخابات قريبة في أمريكا وفي غيرها، وأن الناس حول العالم ابتدأوا في إخراج ألسنتهم علنا لأمريكا وللغرب كله كما في تركيا وإيران وسارت الأحداث في دروب غير تلك التي "سفلتوها" وبالتالي فقد وضح المثل المصري وباختصار شديد شكلهم ووضعهم حيث قال (نقبهم جاء على شونه) أي بلا نتائج.

ومن هنا، وبسبب أن الغرب لا زال يعاني من غرور السيادة والزعامة، ولان انقسامه ليس في صالحه بل في صالح دول وأفكار أخرى، ولأنه معتاد على صناعة المواقف والكوارث، ولانه لا يهمه الثمن الذي يدفعه الآخرون مقابل حصوله على سلعته في استمرار السيطرة على كل مداخل النظام العالمي جاء بالمحاولة التالية والله أعلم.

وضع خطة من أربع مراحل، لو نجحت فسيكون له ما أراد:

أولا: إشغال الناس العاديين حول العالم بشيء واحد يلملم توجهاتهم ويبعدهم عن مشاكلهم ومتطلباتهم الخاصة، فلا مشاكل الروهينجا ولا لاجئي سوريا وأمريكا الجنوبية ولا صفقة القرن إياها تذكر في حالة وجود مشكلة مشتركة بين كل شعوب الأرض، ومن هنا كانت البداية في كورونا، وأصبح هم المصريين مثلا موتى إيطاليا بمعزل حتى عن موتاهم، وأصبح اهتمام كل شعوب الأرض يتركز حول عدد موتى الأمريكان والطليان والإسبان، وهكذا فقد تم إيجاد حالة من التوحد بين الناس وتمتاز هذه الحالة بجلب الأنظار إلى نقاط محددة على الأرض وأصبحت حالة الألم والوجع متماثلة بين كل سكان الأرض.. وهكذا تحقق الهدف الأول.

ثانيا: اللعب باقتصاد العالم صعودا وهبوطا واستخدام مفهوم العصا والجزرة مع كل دولة على حدة، خصوصا تلك التي لا تملك القدرة على الدفاع عن نفسها إلا بالدفع والرضوخ، وفي العادة فإن الذي يدفع ويرضخ هم الحكام، وبالتالي فقد امتد الأمر بعد السيطرة على مشاعر الناس وتوجيه تلك المشاعر إلى نقط يختارها صاحب الفكرة أصبحت السيطرة على حكام الدول أسهل وأقرب، ويا ويل من يعترض أو يحاول أن يقول لا.. فها هو القرار الأهم المتعلق بلقمة العيش في العالم أصبح في يد السيد الأكبر صاحب فكرة السيطرة على العالم شعوبا وزعامات في يده.

ثالثا: يتضح من سبب اختيار سهم مثل كورونا له أبعاده الصناعية كما أن له أبعاداً اقتصادية.. فمن المعروف أن الصناعة في العالم هي السيف البتار أمام من يقول لا، وهذا هو السيف المرفوع ضد الصين من أمريكا بشكل خاص من خلال انتقال معظم الصناعات لها لتكون مرتكز الصين الحضاري والعملي بالرغم من أن خيوط جذبها كلها في يد من أرسلها، ففي اللحظة التي يطلب فيها ضرب الصين أو إذلالها يبدأ شد تلك الخيوط. ومن المعروف أن ترتيب القوة في صناعات العالم تبدأ من صناعة الأسلحة وتليها مباشرة موضوع المخدرات زراعة وصناعة وترويجا ويليهما مباشرة صناعة الأدوية والتي استعملها الغرب في معركة الكورونا بشكل واضح.. وقد يبدو هذا الموضوع غريبا إلا أنه يمثل الذكاء الاكبر في اختيار سلاح الكورونا لتحقيق هدف السيطرة على العالم، فالفايروس الحالي ليس له علاج معروف، أي ليس لأحد من صناع الأدوية ميزة يستغلها في هذا الظرف، وبالتالي فقد سارعت العديد من الشركات بل من الدول التباهي بأن لديها الدواء كذا الذي استخدم سابقا بنجاح في موضوع الملاريا أو أنفلونزا الخنازير وثبت أن كل ذلك وهم، وبالتالي بدأت الشركات عمليات البحث والتطوير من جديد،، وأصبح مطلوباً من صناعة الدواء في العالم العمل على إيجاده، والقادرون على ذلك هم أسياد الصناعة الدوائية وكبار شركات الدواء في العالم، وهي ما يذكرها ترامب في كل مرة يتحدث فيها عن كورونا فالأمر مكلف ولن يعمل على إيجاد الدواء من هب ودب من الصناعات، وبالتالي فإن من سيجد الدواء سيكون هو السيد صناعة ودولة و على العالم كله بدون استثناء الرضوخ والانحناء أمامه، وسيكون الانحناء مؤشرا على العبودية إذ ليس فيه سيد ولا ضعيف ـ ولن يكون فيه فرق بين مملكة وجمهورية من شرق الأرض ومغربها.

رابعا: بالقطع أن هناك من سيعي اللعبة ويحاول ضرب الخطة ولذلك لا بد من التعرف عليه مسبقا ولا بد من تكسير رجليه قبل أن يقف ويصبح قادرا على الحركة، هذا وقد تم ترشيح الصين للمعركة العلمية والصحية وروسيا للمعركة الاقتصادية، فالمعركة بدأت مع الصين بسلاح غريب وهو أنها لم تعلم من بداية موضوع الكورونا أنه تولد عندها وأنها تآمرت مع منظمة الصحة العالمية على إخفاء المعلومات، فأصبحت عرضة للتهديد والتخويف يوميا. وأما منظمة الصحة العالمية فقد تم قطع المساعدات المالية عنها علها تنهار وتزول، وأما روسيا فكان السهم الموجه إلى صدرها مدهوناً بالنفط، وعرف الجميع ماذا تم معها من مسرحية تمثيلية خلال ما فعلته معها دولة النفط العظمى في العالم وشاهد العالم مسرحية انخفاض أسعار النفط ثم ارتداد حركة الأسعار للأعلى خلال يوم واحد، وصرخت أمريكا باعتبار ان الموضوع موجه ضدها، مع أنها فعلا ستعاني ولكن ليس وحدها وأن هناك العديد من الدول التي ستستفيد من مسرحية النفط تلك، ولكن أمريكا تضحي بشيء من الدولارات التي تطبع منها ما تريد، مقابل أن تبقى خيوط اللعبة كلها في يدها، فاتخذت أولى قراراتها التي تبدو عقابا لإضعاف دولة النفط العظمى في الشرق الأوسط فسحبت من أرضها بطاريات الباتريوت التي كانت تحمي آبار النفط فيها، وأما روسيا فأمرها قادم على الطريق.

يتضح لى مما سبق أن تصورت أن الأمر يسير في ذلك الاتجاه، اتجاه إدارة العالم من موقع واحد تخسر فيه كل أفكار وأساليب عمل الآخرين ويبقى على أرض الملعب لاعب واحد هو سيد اللعبة وهو من يختار من يتصارع معه في الحلبة ليقدم عرضا جميلا معروف النتائج مسبقاً، أليست هذه هي أساليب العمل في حلقات المصارعة، تعالوا نسأل ترامب صاحب الخبرة الواسعة في عالم اقتصاديات المصارعة، وتعالو نقرأ معا كتاب عقيدة الصدمة الذي أوحت قراءتي له بالفكرة.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

بين عقيدة الإسلام و”عقيدة الواقعية

للإسلام تفسيرٌ للواقع وتعاملٌ معه بناءً على علم الله به ومشيئته فيه، كما يثبتهما الوحي. …