مشكلة الخطوة الأولى

الرئيسية » خواطر تربوية » مشكلة الخطوة الأولى
changing steps

أكبر عقبتين نواجههما عند اتخاذ الخطوة الأولى:

1) الاستعظام: فتبدو لك الخطوة الأولى مهولة وصعبة وتتطلب من التجهيز والاستعداد والتهيؤ ما يجعلك تؤجّلها وتسوّفها يومًا بعد يوم حتى تصير كالجبل المعنوي الجاثم على صدرك، فلا أنت تركت نفسك حُرًّا من ذلك الالتزام الذي تهاب الخطو تجاهه، ولا أنت خطوت تجاهه بالفعل لتفرغ منه! والحل البسيط المباشر لهذه العقبة أن تقرر البدء في ذلك العمل لمدة 5 دقائق فحسب ليس أكثر، ثم تتركه بعدها فورًا! وفي الغالب ستجد أنك بدأت تندمج بعد تلك الدقائق ويتضح أن ما بدا لك جبلًا لم يكن إلا هضبة!

قرر البدء في ذلك العمل لمدة 5 دقائق فحسب ليس أكثر، ثم تتركه بعدها فورًا، وفي الغالب ستجد أنك بدأت تندمج بعد تلك الدقائق ويتضح أن ما بدا لك جبلًا لم يكن إلا هضبة

2) الاستصغار: فتبدو لك الخطوة الأولى التي حددتها لنفسك ضئيلة وهيّنة لدرجة أنها لا تساوي شيئًا في جنب الهدف الكبير الذي تسعى له، ولا تستحق بالتالي إجهاد نفسك واستنفارها لأجلها، فتؤجل وتسوّف لحين تحشد طاقاتك لخطوة أكبر منها! والحل لتلك العقبة أن تخطو فورًا الخطوة الأولى بالقدر المتاح لك على حالك، دون أي مزيد تسويف أو تأجيل أو انتظار لزمان أنسب وحال أيقظ، مستحضرًا أن أية خطوة بأي قدر تعني أملًا في بلوغ الغاية على المدى مهما طال  (طالما أنك مثابر مداوم)، أما انعدام أية خطوة بأي قدر والاستنامة للتسويف والتأجيل فلا أمل من ورائهم في وصول أبدًا، مهما امتد بك العمر.

ومن المفيد أن يستحضر المرء أن الجدية في حياة الحياة لن تكون بطعم العسل على الدوام ولا هي كذلك بطعم الليمون بالضرورة ، بل طعمها ببساطة انعكاس لعمق فهمك ومدى استشعارك لمسؤوليتك الشخصية عن حياتك وما ترتضيه لها وفيها. فقرّر واعيًا من تريد أن تكون أو لا تكون، وماذا تريد أن تفعل أو لا تفعل ، ثم احترم نفسك والزم ما قررت؛ فإما أن يوافق عملك جِدّية تطلعاتك، أو تفصّل تطلعاتك على مقاس جِدّية عملك؛ وليس بعد هذين بين بين! لكن لا جدوى أبدًا من جلد ذاتك وتمزيق نفسك معنويًّا بين تطلعات سامقة وهِمَّة خائرة، ثم لا تزداد بعد ذلك التمزيق والجَلْد إلا لهوًا وعبثًا!

الموفق في هذا الجهاد المستعين بالله على الدوام، ذو البال الطويل والصبر العنيد في تربية نفسه وإنضاجها على نار لا تنطفئ شعلتها تمامًا، وإن تذبذبت أحيانًا بين الاتقاد والخفوت

والموفق في هذا الجهاد المستعين بالله على الدوام، ذو البال الطويل والصبر العنيد في تربية نفسه وإنضاجها على نار لا تنطفئ شعلتها تمامًا، وإن تذبذبت أحيانًا بين الاتقاد والخفوت. فخذ أمرك بجدّية ونفسك بعزم، واستحضر حقيقة أنك تُقدِّم من نفسك لنفسك ، وتنفق من عمرك المؤقت في الدنيا لعمرك الخالد في الآخرة. ولا يغرنّك الشباب بسَعَة الوقت والصحّة للفِّ والدوران والعبث والتلهّي : {اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ : شَبابَكَ قبلَ هِرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ، وغِناكَ قبلَ فَقْرِكَ، وفَرَاغَكَ قبلَ شُغْلِكَ، وحَياتَكَ قبلَ مَوْتِكَ} [الحاكم والبيهقي].

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومحاضِرة في الأدب والفكر وعُمران الذات. محرّرة لغوية ومترجِمة. مصممة مناهج تعليمية، ومقدّمة دورات تربوية، وورش تدريب للمهارات اللغوية. حاصلة على ليسانس ألسن بامتياز، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها.

شاهد أيضاً

ماذا لو علمت أنه رمضان الأخير!! (2-2)

إن الصحابة والتابعين - رضوان الله عليهم أجمعين - أدركوا فضل الصوم خاصة وفضل شهر …