في النقد الذاتي “ضرورة النقد الذاتي للحركة الإسلامية”

الرئيسية » كتاب ومؤلف » في النقد الذاتي “ضرورة النقد الذاتي للحركة الإسلامية”
41CKqS+A9oL

كتب هذا الكتاب منذ ثمانينات القرن الماضي، إلا أن موضوعه في "ضرورة استعداد العاملين في الحقل الإسلامي للنقد الذاتي" ما زال أمرا محوريا وسؤالا ارتكازيا عند كل منعطف، خاصة مع شراسة الحملات التشويهية للإسلام ورجالاته في واقعنا بُعيد الربيع العربي، والذي كان يحمل في طياته الأمل للاسلاميين في استنقاذ بلادهم من طغمة الفساد التي تحكمها بتوكيل واضح من أقطاب النظام الدولي الساعي نحو نهب ثروات الأمة ومقدراتها.

أما مؤلفه؛ وهو الطبيب والمفكر الكندي ذو الأصول السورية خالص جلبي، فهو رجل يواظب على كتابة المقالات السياسية والنقدية، ويبدو أنه توغل في الحديث أيضا عن النصوص الدينية وكيفية نقدها والتعامل معها، مما سمح لزندقته من البعض، والبعض الآخر ذهب إلى وضعه في قائمة "التنويريين العرب" الذي يدّعون تقديم مقاربة ذهنية للنص بغض النظر عن مدى اتساقها مع أصول العلم الشرعي ومفاهيمه، وكل هذا لا يعيننا بقدر ما يعيننا خلفية نقده للحركة الإسلامية في هذا الكتاب، وخاصة أفكار العنف والقتال المسلح، وهذا أمر حريٌ بالقراءة.

فجلبي جاء من خلفية اتصاله بالمفكر جودت سعيد الذي كان يدعو إلى الوسائل اللاعنفية في الدعوة والعمل السياسي، والبعد كل البعد عن فخ "السرية والأعمال العنفية والمسلحة" التي قد يقوم بها بعض الشباب حماسة لدينهم، فيوفروا بذلك بيئة مناسبة تستفيد منها الأنظمة الاستبدادية في ضرب العمل الإسلامي برمته.

مع الكتاب:

الكتاب المطبوع بطبعته الثانية عام 1984م في مؤسسة الرسالة/بيروت، تم تقسيمه بعد مقدماته الفلسفية إلى ثلاثة فصول:

الأول... حاول من خلاله أن يجيب عن سؤال (لماذا النقد الذاتي؟؟)، أي عن أهمية النقد وضرورته، فأشار إلى أنه يعد "أحد مكونات وحدة العمل الناجحة، ويعيد ربط النتائج بأسبابها"، كما أنه أشار إلى أن النقد "يخصب جو الحركة ضمن جدلية الزوجية"، فكما أن الكائنات -على اختلاف أجناسها- تنطلق من نظام الزوجية في التكاثر والإنجاب، فإن الأفكار وأضادها -في بيئة الحوار الإيجابي- قادرة على النضوج وتوليد أفكار إصلاحية اكثر واقعية وايجابية.

وأكد أيضا على أن النقد الذاتي هو "التفاتة للعوامل الداخلية التي تلعب دورا حاسما في ولادة الأحداث"، مشيرا لقوله تعالى الذي جاء تعليقا على الهزيمة في معركة أحد {قل هو من عند أنفسكم}، كما تناول في السبب الخامس للنقد الذاتي "التدريب على طريقة التوجيه وقيادة العقل في تكوين الأحكام الصحيحة".

أما الفصل الثاني... فحاول من خلاله الإجابة عن سؤال (كيف يتم النقد الذاتي؟؟)، وتحدث عن بناء منهجية العقل الناقد والتسلّح بالعلم والموضوعية والشمولية، وكيفية النأي بالابحاث النقدية عن المجاملات أو حتى اختلاق النزاعات، ناهيك عن ضرورة الصبر والاستمرار، والفهم الحقيقي لميكانيكية الدعاء ومقصد الرشد في قوله تعالى (لعلهم يرشدون)

أما الفصل الثالث... فطرح التطبيقات العملية للنقد الذاتي، وتحدث عن مفاهيم مربكة مثل (العقل والنقل) و (السلطان والقرآن) و (السيف والكتاب)، واستفاض كثيرا - بما يزيد عن 70 صفحة من أصل 310 صفحات - في طرح أمراض يراها - من وجهة نظره - ارتبطت بالجماعات الإسلامية، مثل...

• فكرة الجماعة الواحدة والتيارات المختلفة والتفسيرات المتعددة.
• الفكر الشمولي الانقلابي : قانون كل شيء أو لا شيء...
• حرب التشكيك بين الجماعات، وفي الجماعة الواحدة...
• عدم الانتباه إلى محدودية الإمكانات والأهداف...
• الروح الحزبية...
• الخلل بين الدراسة النظرية والتطبيقية للساحة الفكرية...
• خلل التطور في كيان الجماعات، وعلاقة ذلك بالاغلاط الكروموزومية الأولى...
• خدعة كلمة "التنظيم"... من مشاكل ممارسة العمل.. بحث في التنظيم والسرية والعنف...
• اختلاط مفهوم الإخلاص بالصواب...
• في مفهوم التخصص والتطور، مقطع عرضاني في العمل...
• انقسام الجماعة على نفسها، ماذا يعني؟؟؟

وفي ختام كتابه، اختصر بحثه في النقاط التالية...

1- إن أي عمل واعٍ فضلا عن حركة تستهدف تغيير المجتمع بعرض فكر جديد وبأسلوب الجهاد، أي من خلال فكر يمارس نشاطا يوميا، و يتعرض لمحنة بين حين وآخر، يتطلب - بشكل جوهري - أداة النقد الذاتي.

2- إن أداة النقد الذاتي هي احد مكونات العمل فليست أمرا نفلا، كما أنها احد عناصر الجو الذي يتطور مع الزمن.

3- إن الوسط الإسلامي يتخوف إلى الآن من هذا المصطلح، إن لم يعتبره غريبا وغير إسلامي، وهذا ما أدى إلى عدم استخدامه حتى اليوم كأداة واضحة في تقييم العمل وتعديل مساره.

4- اختلاط مفهوم "الإسلام" بالمسلمين جعل هناك تحرجا واختلاطا بين مفهوم النقد الذاتي والتجريح والغيبة.

5- إن الكوارث التي حلت بالعمل الإسلامي حتى اليوم ينظر لها بأنها "أمر الله التي لا دخل لنا فيها"، ولم توجد حتى الآن أداة النقد الذاتي، وهذا يخلع على أعمالنا طابع القدسية، باستثناء بعض كتابات متواضعة، ضعيفة ومترددة، أو أفكار ما زالت تدور في الخواطر.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
مدير علاقات عامة في إحدى المؤسسات التعليمية في الأردن، ناشط اجتماعي، وإعلامي، مهتم بالشؤون التربوية.

شاهد أيضاً

تراث القدس.. سلوة النفس

يعد هذا الكتاب القيّم تراثًا مقدسيًّا فلسطينيًّا مبسّطًا - إلى حد ما - ومجمّعًا بطريقة …