أتناول في هذا المقال موضوع تقدير الذات والثقة بالنفس فهما خصلتان في غاية الأهمية لما لهما من أثر كبير على شخصية الفرد وتصرفاته واهتماماته وجده واجتهاده وقدرته على الوصول إلى أعلى الدرجات في مختلف المجالات.
إنّ مفهوم تقدير الذات يعبر عن نظرة الفرد إلى نفسه، فإمّا أن تتّسم هذه النّظرة بالاحترام والتقدير أو الشّعور بعدم القيمة والأهمية.
إنّ شعور التقدير من عدمه هو نتيجة حتمية للأحداث التي عاشها الإنسان أو أسلوب التربية التي شب عليها، كما أنّه نتاج ما يُطوّر الفرد عن نفسه من أفكار وآراء تتغير بتغيّر مراحله العمريّة ، وكذلك تتأثّر بالنّقد الإيجابي أو السّلبي من الأهل والمعلّمين وكل من هو محيط بهذا الفرد بمن فيهم الأقران، هؤلاء الأفراد يؤثرون بشكل كبير ومباشر على الإنسان نفسه وعلى كيفية رؤيته للأمور ونظرته الى نفسه واحترامه لها وكذلك ثقته بنفسه وقدرته على تحقيق الذات والوصول للأهداف المرجوة.هناك الكثير ممن يخلطون ما بين تقدير الذات والثقة بالنفس، إلا أنه ورغم التداخل والانسجام بين المصطلحين، إلا أنّ هناك فرق واضح بين الاثنين.
فتقدير الذات يعني احترام الإنسان لنفسه وقدراته ومهاراته وإنجازاته في هذه الحياة. غير أنّ الثقة بالنفس تعني مقدار شعور الإنسان بكفاءته وأهميته وقدرته على النجاح والوصول إلى الأهداف المطلوبة.
إن الواثق بنفسه هو من أكثر الناس إنجازاً وتقديراً لنفسه، كذلك نرى أنّ ثقته بنفسه واضحة في كل تصرفاته وأحواله والتي تبدو للعيان تصرفات متوازنة نابعة من إنسان يعلم أنه يستطيع وأنه لا يقل عمن حوله من قدرات فتقديره لنفسه ولما يتوقع أن يصل إليه كبير لا حد له.
إذن نستطيع القول أن الثقة بالنفس وتقدير الذات هما وجهان لعملة واحدة، يؤديان إلى نتائج إيجابية مرغوبة، مثل النجاح والوصول إلى الآمال والأهداف المرموقة وكذلك سهولة انسجام الإنسان مع من حوله في كافة المجالات لشعوره بتقديره لذاته وثقته بنفسه وقدراته، فتراه يناقش بكل ثقة ويتصدر المجالس إن كان على علم، وإن لم يكن على علم، فثقته تعطيه القدرة على الصمت والاستماع حتى يتعلم من الآخرين فلا يشعر بأن الصمت ينقصه شيئاً.
إن الثقة بالنفس وتقدير الذات هما وجهان لعملة واحدة، يؤديان إلى نتائج إيجابية مرغوبة، مثل النجاح والوصول إلى الآمال والأهداف المرموقة وكذلك سهولة انسجام الإنسان مع من حوله في كافة المجالات لشعوره بتقديره لذاته وثقته بنفسه وقدراته
أود أن أعرج الآن على أمر هام جداً للمربين وذلك لأن الثقة بالنفس واحترام الذات تنبعان منذ الطفولة ومن طريقة تربية الأهل للطفل. فكم رأينا أناساً ضعاف الشخصية وكان سبب ذلك أحد الوالدين أو كليهما واللذان عملا على إخراج إنسان ضعيف للمجتمع، لا يثق بنفسه ولا يقدّرها وبالتالي لا يستطيع النجاح أو الوصول لأهدافه لشعوره أنه لا يملك القدرة أو المهارة التي يملكها غيره.
أقول وبصوت حزين أيها الآباء والأمهات راعوا أبناءكم في الصغر حتى يراعوكم في الكبر، احرصوا على تعزيز ثقتهم بأنفسهم، احرصوا على إعطائهم الاحترام الكافي، كذلك احرصوا على تقوية الدافع النفسي والعاطفي والاجتماعي والمادي لديهم حتى تعززوا ثقتهم بأنفسهم.
أخبروا أبناءكم أنهم رائعون، أنهم أذكياء، أنهم قادرون على تحقيق أحلامهم، أن حديثهم شيّق، أخبروهم أنكم تحبونهم لذاتهم، أنكم تفتخرون بهم، أنهم مصدر سعادة لكم وبالتالي يشعرون بأهميتهم لمن هم حولهم فيعتزون بأنفسهم وتزيد ثقتهم بقدراتهم ومهاراتهم فهم محبوبون ومقدّرون ممن حولهم وبالأخص من أمهم وأبيهم الذان يشكلان حجر الأساس في حياتهم.
لا تقارنوا أبناءكم بغيرهم من الأقران أو الأقارب، لا تقولوا لهم انظروا لفلان كيف يعمل كذا وكذا وأنت لا تستطيع. لا تعملوا على قوقعة أبنائكم في أعماق أنفسهم فلن يخرجوا من حالة الشعور بالنقص طوال حياتهم.
وعلى الجانب النقيض ترى أن هناك من يعزز ويساعد أبناءه على تقدير ذاتهم والشعور بالثقة بالنفس بزرع بذرة الثقة بأنهم قادرون على الوصول والنجاح مهما كانت التحديات.
أيها المربي: رفقاً بأطفالك فإن أخطأ هذا الطفل في أمر ما فلا تحطّمه ولا تنسى أنك في يوم من الأيام كنت أنت طفلاً صغيراً تنتظر حضناً دافئاً وقلباً حانياً يغفر لك زلاتك. لا تكن سبباً في فشل ذريع لطفلك بسبب تعنيفك ولومك المستمر له والذي لا يؤدي إلا إلى شخصية مهزوزوة وضعيفة غير قادرة على الإنجاز.
أيها المربي: رفقاً بأطفالك فإن أخطأ هذا الطفل في أمر ما فلا تحطّمه ولا تنسى أنك في يوم من الأيام كنت أنت طفلاً صغيراً تنتظر حضناً دافئاً وقلباً حانياً يغفر لك زلاتك
إن من الواجب على الأبوين أن يكون بيتهما مبنياً على الاحترام والتقدير، فالأب والأم يتبادلان الاحترام والتقديرأمام أبنائهما مما يعزز قدرة أفراد الأسرة على استيعاب معنى الاحترام، فترى نتيجة ذلك واضحة على تعامل الإخوة والأخوات فيما بينهم.
كما أن هناك أمر بالغ الأهمية وهو عدم التقليل من شأن الأبناء حتى لو كان ذلك من قبيل المزاح. فكم من كلمة بسيطة دمرت طفلاً وصنعت منه إنساناً مليئاً بالعقد النفسية فلا يستطيع أن يختلط بالآخرين أو حتى أن يحقق أي طموح أو نجاحات لأنه لا يملك الثقة بنفسه أو بقدراته على الوصول إلى أهدافه ويرى أن جميع من حوله أفضل منه. لا أستطيع أن أقول هنا إلّا أيها الاباء والأمهات: اتقوا الله في تربية أبنائكم!
لا بد لي في النهاية من ذكر أهمية المجتمع المدرسي وتأثيره على شخصية أبنائنا وبناتنا أيضاً وأخص بالذكر المعلمين والمعلمات. فالطالب يرى من خلال معلمه ويشعر أن كلامه غير قابل للخطأ وبأنه إن قال شيئاً فهو صحيح ولا بد له من تصديقه، وعلى ذلك، فإن عزز المعلم أي صفة في هذا الطالب لازمته طوال حياته سواء أكانت أمراً إيجابياً أم سلبياً .
أعطيكم مثالاً حياً على طالبة عرفتها منذ أيام الطفولة. ففي المرحلة الابتدائية كانت تكتب فقرات جميلة لمواضيع الإنشاء المطلوبة في درس اللغة العربية وفي إحدى الأيام أخذت معلمتها ما كتبت لتريها لمديرة المدرسة والتي بدورها احتفلت بهذه الطالبة أمام جميع الطالبات وقالت لها أنت وكتاباتك رائعة، وأتوقع لك مستقبلاً مشرقاً وستصبحي كاتبة معروفة بإذن الله وبالفعل حصل ما قالته المديرة حرفياً وكان مستقبل هذه الطالبة مشرقاً وهي الان من الكاتبات المعروفات. فلقد أعطتها كلمات معلماتها ومديرتها دافعاً قوياً وقناعةً بأنها قادرة وموهوبة في مجال الكتابة مما ساعدها على زيادة ثقتها بنفسها وصقل موهبتها لتصل إلى القمة.
أيها المعلمون والمعلمات: لا تنسوا قوة تأثير الكلمات وقدرتها على التغيير فكلمة واحدة منكم كفيلة إما أن تعزز وإما أن تدمر . فاتقوا الله في طلابكم وطالباتكم وساعدوهم على تكوين شخصية متوازنة تثق بقدرتها على النجاح وعلى صنع مستقبل باهر.