• لو لم يكن الحجاب فريضة ربانية لأصبح في زماننا ضرورة بشرية!!
• الحجاب عبادة فهو ليس مُجرد قطعة قماش تُلبَس ولكنه طاعة لله تعالى تتبع بإتيان ما أمر به من ستر وعفة وفضيلة وحياء، وترك ما نهى عنه من تبرج وسفور وبذاء.
• الحجاب دعوة لله صامتة صمت العقلاء والحكماء، ومتحركة حركة عفة واستحياء.
• الحجاب أجره لا ينقطع حتى بعد وفاة صاحبته التي راعت مواصفاته وتأدبت بآدابه، وربَّت بناتها عليه، ودعت غيرها إليه.
• الحجاب وقاية من السفالات والبذاءات (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ).
• الحجاب ميزة تميِّز الحُرَّة المُتمسكة بدينها والفخورة بأمر ربها من غيرها ممن يعتبرن تعاليم الإسلام محل نقاش وجدال وانتقاء وهوى نفس.
• الحجاب مواصفات تتبع وليس قصَّات تبتدع ، فهو (يستر، ولا يصف ولا يشف، ولا يلفت الأنظار بعطر ولا زينة، ولا يشبه ملابس الرجال، ولا ملابس الكفار).
• الحجاب فريضة في كل الأديان ومسكينة من تغضب ربها بتركه، فاتها أجر عظيم ونالها وزر جسيم.
• الحجاب قِبلة الشباب الأطهار عند الاختيار، لا يرضون عن المُحَجَّبَة بديلاً ولو كانت غيرها لديها من المال والجمال والحسب والنسب حظاً وفيراً.
• الحجاب غاية الأحرار من الرجال لبناتهم وذريَّاتهم، ينصحون ويصبرون إلا أنهم لا بتنازلون عنه ولا يرضون بغيره بديلاً.
• الحجاب حشمة وسِمة من سمات الطبقات الراقية في بلاد غير المسلمين، فالأميرات أكثر نساء الغرب حشمة ووقاراً ولا يصح لأميرة أن تتبرج مثلما تفعل غيرها من نساء المجتمع الغربي.
• الغرب يتجرع مرارة التبرج والسفور والخنا والتخنث والدياثة والشذوذ، فنسلهم في نُقصان، ومجتمعاتهم فوق فوهة بركان، وحياتهم استحوذ عليها الشيطان، وباؤوا بسخط وغضب من الرحمن.
• الغرب يخطط ويتآمر لكي يُوقع المجتمعات العربية بصفة عامة والإسلامية بصفة خاصة في نفس المستنقع الآسن ويُذيقهم من نفس الكأس، ليكون الجميع سواء!
• العفيفات الحرائر في هذا الزمان هن جينات العفة وأيقونات الشرف ومصدر الفخر .
• سلام على والد المُحجبة الذي ربَّاها، وزوجها الذي صانها، وكل حر شريف اتقى الله فيها فكل هؤلاء هم المادة الخام للفضيلة، ولولاهم لأظلمت لحياة.
أولاً: الحجاب فريضة شرعية
عندما ذكر الله تعالى الشهوات في القرآن الكريم ذكر في أولها النساء، فلقد فطر الله تعالى الرجال على حب النساء والميل إليهن، والنساء لا تقل عن الرجال في هذا الشأن، وذلك لحكمة ربانية وهي:
• حفظ النسل وتواصل الأجيال إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها.
• حدوث السكينة والمودة والرحمة بين الأزواج وقيام كل طرف منهما بواجباته نحو الطرف الآخر طواعية وحُباً واختياراً وليس كرهاً وإجباراً، ودون منِّ ولا أذى.
قال تعالى: "زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ {14}" (آل عمران: 14).
وقال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {21}" (الروم: 21).
ولأن هذه الشهوة التي فطر الله تعالى الإنسان عليها من الصعب مقاومتها، ولأن تصريفها في غير مكانها الشرعي يترتب عليه فتن كبيرة ومفاسد جسيمة وعواقب وخيمة، وضع الله تعالى ضوابط صارمة تضمن أن تصرَّف هذه الشهوة في مكانها الشرعي وبضوابطها الشرعية، وحدَّ حدوداً صارمة لمن يتخطاها بقول أو بفعل، كل ذلك لعلم الشارع الحكيم بمدى خطورة تصريف هذه الشهوة في مكان غير شرعي أو بضوابط غير شرعية.
وحفظاً للرجال من فتنة النساء، وصيانة للنساء من نهَم الرجال، وضع الله تعالى ضوابط صارمة يجب أن يتبعها كل طرف أثناء تعامله مع الآخر، ومن بين هذه الضوابط، الحجاب!!
حفظاً للرجال من فتنة النساء، وصيانة للنساء من نهَم الرجال، وضع الله تعالى ضوابط صارمة يجب أن يتبعها كل طرف أثناء تعامله مع الآخر، ومن بين هذه الضوابط، الحجاب
ولقد توعد الله تعالى من تتهاون بأمر الحجاب بضوابطه الشرعية وتخرج سافرة مُتبرجة تثير الغرائز وتنشر الفتن، توعدها الله تعالى بعذاب أليم وجعلها وأكابر المجرمين والظالمين والمعتدين في النار سواء بسواء!
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "صِنْفانِ مِن أهْلِ النَّارِ لَمْ أرَهُما، قَوْمٌ معهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بها النَّاسَ، ونِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، ولا يَجِدْنَ رِيحَها، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ كَذا وكَذا" (صحيح مسلم).
إن الله تعالى قد فرض الحجاب على بنات حواء حفظاً لهن وحفاظاً عليهن، حتى لا تكون الواحدة منهن كلأ مشاعاً، وحرماً مُستباحاً، وقصعة سائغة تتداعى عليها ذئاب البشر.
وإلى من يقولون بأن الحجاب لم يُفرض صراحة في القرآن الكريم، يكفينا أن نرد عليهم بقولنا أن صدر سورة النور يُبيِّن لنا أن كل ما ذكر في السورة من أحكام، فريضة لابد من الالتزام بها، وأن التقصير فيها ذنب ليس بالهين!
قال تعالى: "سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا.. " (النور: من الآية 1).
وقال تعالى: "قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {30}" (النور: 30).
وقال تعالى: "وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ ... إلى نهاية الآية" (النور: 31).
إن من يتدبر قوله تعالى"قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ..." يجد أن الأمر قد جاء بتحذير الرجال من النساء قبل الأمر بتحذير النساء من الرجال، وذلك لوجود ما يُوجب التحذير منه، ولعظم فتنتهن وكيدهن إذا زال حيائهن أو إذا تملكتهن الرغبة للمعصية.
ولخطورة التبرج وصفه الله تعالى بأنه من أخلاق الجاهلية، وذلك بقوله تعالى: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)، وأكد على أن ما يحفظ المرأة ويحفظ المجتمع من مغبة التبرج هو الاستقرار بالبيت وعدم الخروج منه إلا لضرورة، وذلك بقوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ).
قال تعالى: "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى" (الأحزاب: من الآية 33).
إن هذه الآية الكريمة نزلت في شأن أمهات المؤمنين خاصة ونساء المؤمنين عامة، لأن المرأة ما خلقت للتبرج والسفور ولا للتجوال والترحال ومُزاحمة الرجال وإنما خلقت لرسالة أسمى من ذلك ألا وهي أن تكون السَّكن والمودة والرحمة، والمُربية للنشء على أفضل الخلال.
ولقد اختلف العلماء في شأن تحديد الفترة التي يُمكن أن يطلق عليها الجاهلية الأولى.
جاء في تفسير القرطبي: "قال ابن عطية: والذي يظهر عندي أنه أشار للجاهلية التي لحقنها، فأمرن بالنقلة عن سيرتهن فيها، وهي ما كان قبل الشرع من سيرة الكفرة، لأنهم كانوا لا غيرة عندهم وكان أمر النساء دون حجاب" اهـ.
وقال الأستاذ سيد قطب في تفسيره (في ظلال القرآن): "والجاهلية ليست فترة مُعينة من الزمان. إنما هي حالة اجتماعية مُعينة، ذات تصورات مُعينة للحياة. ويُمكن أن توجد هذه الحالة، وأن يوجد هذا التصور في أي زمان وفي أي مكان، فيكون دليلاً على الجاهلية حيث كان!" اهـ.
وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً {59}" (الأحزاب: 59).
قال الإمام ابن القَيِّم في (الطرق الحكمية في السياسة الشرعية): "ويجب عليه -ولي الأمر- منع النساء من الخروج مُتزينات مُتجملات ومنعهن من الثياب التي يكُنَّ بها كاسيات عاريات كالثياب الواسعة والرقاق ومنعهن من حديث الرجال في الطرقات ومنع الرجال من ذلك" اهـ.
وفي نفس الكتاب قال: "ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنى، وهو من أسباب الموت العام والطواعين المُتصلة" اهـ.
إن من يتدبر آيات القرأن الكريم يجد أنه عند الحديث عن السَّرقة قدَّم الله تعالى السَّارق على السَّارقة لكون الرجل هو المسؤول عن النفقة، وعند الحديث عن الزنا قدَّم الله تعالى الزانية على الزاني لكون المرأة إذا تمكَّنت منها الشهوة نصبت حول الرجل فخاً لا يُخطؤه!!
قال تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ.." (المائدة: من الآية 38)، وقال تعالى: "الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ .." (النور: من الآية 2).
ومن يتدبر آيات القرأن الكريم يجد أن الله تعالى قد وصف كيد النساء بأنه (عظيم)، فامرأة العزيز بتحايلها وكيدها برَّأت نفسها مما أرادته وهمَّت به، ورمت به نبي الله يوسف عليه السلام زوراً وبهتاناً، وتسبَّبت في سجنه بضع سنين.
قال تعالى: "فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ {28}" (يوسف: 28).
قال السمرقندي: "وقال بعض الحكماء: سَمَّى الله كيد الشيطان ضعيفًا وسَمَّى كيد النساء عظيمًا، لأن كيد الشيطان بالوسوسة والخيال، وكيد النساء بالمواجهة والعيان" اهـ.
وقال النيسابوري: "فالمراد إن كيد الشيطان ضعيف بالنسبة إلى ما يريد الله تعالى إمضاءه وتنفيذه، وكيد النساء عظيم بالنسبة إلى كيد الرجال، فإنهم يغلبنهم ويسلبن عقولهم إذا عرضن أنفسهن عليهم" اهـ.
من كل ما سبق نؤكد على أهمية فريضة الحجاب، ونؤكد على أن الأخلاق لا تتجزأ، والفضائل لا تقبل إلا كاملة، وأن الشرع ليس فيه انتقاء سقيم ولا جدال عقيم، وذلك في كل عصر ومصر وفي أي زمان ومكان.
بعض الأحاديث التي حذرت من فتنة النساء:
1- عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أضَرَّ علَى الرِّجالِ مِنَ النِّساءِ" (صحيح البخاري).
2- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "ما من صباحٍ إلَّا وملَكان يُناديان ويلٌ للرِّجالِ من النِّساءِ وويلٌ للنِّساءِ من الرِّجالِ" (الترغيب والترهيب).
3- وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: "المرأةُ عورةٌ، وإنها إذا خرجت من بيتِها استشرفها الشيطانُ، وإنها لا تكون أقربَ إلى اللهِ منها في قَعْرِ بيتِها" (صحيح الترغيب).
أخيراً أقول:
إن ظاهرة التبرج ما كان لها أن تنتشر في المجتمع الإسلامي إلا لضعف الإيمان، ولغياب القدوات، ولعدم قيام الأسر والمحاضن التربوية بالدور المنوط بهم كما ينبغي ، ولتشجيع الاختلاط والتبرج وجعلهما من علامات التحضر والتمدن.وللحديث بقية في الجزء الثاني من نفس الموضوع إن شاء الله تعالى