إن شعور الإنسان بالقلق والتوتر بسبب أمر هام يواجهه في حياته أمر طبيعي عند كل البشر بكل مستوياتهم، خاصة إذا كان هذا الأمر سيترتب عليه ما بعده من أمور مستقبلية.
أولاً: القلق سلاح ذو حدين.
- قلق يُحفز على العمل وبذل الجهد وتحقيق الهدف.
- قلق مَرَضِي يؤدي إلى فقدان التركيز وبالتالي عدم تحقيق الهدف والعياذ بالله.
ثانياً: سبب القلق.
للقلق سببان رئيسان وهما:-
1- سبب داخلي: من الطالب نفسه لما يدور في ذهنه من هواجس وأفكار تشاؤمية.
2- سبب خارجي: من الأهل والمحيطين بالطالب بدافع الحرص الزائد (ومن الحب ما قتل)، وهنا نقول للآباء وللمحيطين بالطالب:
- (رُحماكم بالأبناء) فأنتم تتعاملون مع نفس بشرية ولا تتعاملون مع كائنات أخرى تسمع وتجيب.
- (رُحماكم بالأبناء) فإنك (قد تستطيع أن تجر حصاناً إلى الماء ولكن من المستحيل أن تجبره على الشرب).
تنويه ...
إن القلق لا يكون لدى الطلاب فقط ولكن كل إنسان في عمله يمر بالشعور بالقلق بداية من الطالب الذي يتقدم للامتحان، مروراً باللاعب الذي يتقدم لتنفيذ (ركلة جزاء) وهو يشعر أن هناك مئات الآلاف ينظرون إليه ويشاهدونه، وانتهاء باللص الذي يخاف أن ينكشف أمره ويتعرض للفضيحة أو للعقاب.
الذي يهمنا في هذا المقام هو كيفية التغلب على القلق لدى الطلاب من الامتحانات.
ثالثاً: بعض النصائح التي تساعد الطلاب على التغلب على القلق والتوتر من الامتحانات
1- ثق بالله تعالى وأحسن ظنك بربك أنه سبحانه وتعالى لن يضبع ما بذلته من جهد.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقولُ اللَّهُ تَعالَى: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي..." (صحيح البخاري).
2- ثق أن ما قدَّره الله سيكون وقدر الله كله خير وقدر الله للعبد مكتوب ومفروغ منه وهو ما زال في بطن أمه (رفعت الأقلام وجفت الصحف)، فالقلق لن يغير في قدر الله شيئاً والتوتر لن يجني عواقبه إلا صاحبه.
3- ثق أن القلق الزائد (المَرَضِي) من هواجس الشيطان ووساوسه ليعكر ذهن ومزاج من أخذ بالأسباب و (لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ).
قِيلَ لِبَعْضِ السَّلَفِ: "إنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يَقُولُونَ: لَا نُوَسْوَسُ، فَقَالَ: صَدَقُوا، وَمَا يَصْنَعُ الشَّيْطَانُ بِالْبَيْتِ الْخَرَابِ".
لذلك تجد أن الطالب المهمل الكسلان لا يبالي ولا يرهق نفسه في التفكير مثلما يفعل الطالب المجتهد!!
قال تعالى: "إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10)" (المجادلة: 10).
4- بدلا من الاستجابة لوساوس الشيطان وترك نفسك له يتلاعب بعقلك ويُفسد ما بذلته من جهد حدِّث نفسك حديثاً إيجابياً وتفاءل كل خير، حيث قيل: (تفاءلوا بالخير تجدوه)، وقل لنفسك (سأنجح بتفوق، وسأحصل بإذن الله تعالى على ما أتمناه من درجات وزيادة، وسيكون يوم النتيجة يوم عيد بالنسبة لي وللأسرة ولكل الأحباب، وسألتحق بالكلية التي أتمناها، وسأحقق كل ما أتمناه لنفسي في المستقبل .... الخ).
وعندما تأتيك وسوسة من الشيطان تسبب لك التوتر ردد قوله تعالى: "وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشياطين وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ" (المؤمنون: 97- 98).
5- قم بتدريب نفسك على الامتحان أكثر من مرة بحيث (تكون وحدك وملتزماً بالوقت والتعليمات ... الخ) ستجد أن الأمر أسهل مما تتخيل.
6- استمع نصيحة الوالدين والمعلمين ونصائح المخلصين الذين يكبرونك ويهمهم أمرك.
7- لا تستمع لأي نصائح سلبية ولا تلقِ بالاً لأي أفكار تشاؤمية ولا أخبار من شأنها أن تشتت ذهنك وتتلاعب بأعصابك، ولا تعطِ بالاً لتصرفات الآخرين وما يتم حولك من ممارسات خاطئة مثل الغش وسوء الأدب مع الملاحظين وما شابه ذلك، فما أخذ بالباطل فهو باطل، والله تعالى لا يبارك في سرقة جهود الآخرين بل إن سرقة جهود الآخرين استدراجاً من الله تعالى لفشل ذريع وعقاب رادع.
8- احرص على الالتزام بـ (مثلث النجاح) أيام الامتحانات (الجانب الإيماني والتعبدي في كل وقت على مدار اليوم -التغذية الجيدة والمتكامل- النوم الكافي وممارسة بعض التمارين الرياضية) وضع هذه الأمور قبل أي شيء، بل قبل المذاكرة نفسها.
9- تجنب تناول المشروبات الغازية التي قد تسبب ارتفاع سكر الدم ثم انخفاضه أو المشروبات التي تحتوي على الكافيين مثل مشروبات الطاقة أو القهوة، والتي قد تزيد من القلق، وتجنب تناول المهدئات.
10- عندما تذهب إلى لجنة الامتحان خذ معك بعض قطع الحلوى وتناول واحدة بين واقت وآخر، ولا مانع من أن تأخذ معك بعض البسكويت أو "ساندوتش" أو بعض قطع اللبان لأن عملية المضغ تخفف التوتر.
هذه بعض النصائح التي لو اتبعتها على أنها نافعة ومفيدة وفيها الحل لمشكلة التوتر ستتغلب على المشكلة بسهولة ويسر إن شاء الله تعالى.
خذ من القلق عبرة للامتحان الأكبر الذي سيكون بين يدي الله تعالى والذي سيكون على رؤوس الأشهاد!
اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك .. اللهم لا تفضحنا بين يديك ولا بين خلقك.
