الأيام العشر فرصة للحياة

الرئيسية » خواطر تربوية » الأيام العشر فرصة للحياة
قال ابن حجر: السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره
قال ابن حجر: السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره

لعل من عوامل الحياة و الراحة النفسية في هذه الأجواء التي يعج بها العالم من حروب وقتل وغلاء طاحن للمعيشة فضلا عن انتشار موجات الاكتئاب الحادة التي تجتاح منصات التواصل الاجتماعي وكمية الشكاوي التي نراها ونسمعها فأصبحت محل أحاديث المجتمعات هي تلك الأيام المباركة التي نحن بصددها فهي حرفيا طوق نجاة لحياة جديدة، كوها أفضل أيام الدنيا كما أخبر بذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما ورد في البخاري: "ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله من هذه الأيام، فقالوا: ولا الجهاد يارسول الله؟ فقال: ولا الجهاد، إلارجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء".

وهذا الحديث معلوم للجميع والكثير يحفظه وهو حديث جامع مبشر كله منح إلهية وبركات ربانية لمن يدرك حقيقة حياته وجدوى وجوده، والكيّس الفطن هو ذلك العبد الذي يجيد فن اقتناص المنح والفرص والتجليات العظيمة، بل إن شئت فقل هي هدايا ربانية ورحمات من العلي القدير لعباده ليجددوا بيعتهم معه سبحانه وتعالى وهي أيضا طوق نجاة جديد لكل معرض عن الطريق ورسالة قوية أن لازالت هناك العديد من الفرص والمنح والكرم غير منقطع النظير من الرحمن الرحيم، ويقينا كل هذه البشريات تستوجب حالة من الاستنفار فالمستنفرون بالحياة جديرون، والمستغفرون في الجنان ساكنون، المهم صلاح المقصد.
وتأتي أهمية الاستنفار وكثرة الاستغفار لأنها ليست أياماً عادية يصبح المرء وينام ولاجديد في حياته، فهذا عبث ورفض لكل هذه الهدايا.

ولما كان المسلم أحرص الناس على رضا الله، كان لزاما عليه أن يحسن استقبال هذه الأيام بكل ما أوتي من كرم ضيافة، فالضيف عزيز وغال، لكنه لايحب كثرة الأطعمة ولا الماء البارد ولا الفواكة الطازجة، لكن يحب كثرة الخشوع والصدق والصدقة الخفية والاستغفار والقليل من النوم وليس كثيره، المهم علو الهمة والدعاء بقبول صالح الأعمال.

إن الأيام المباركة تأتي علينا وهناك أوجاع في فلسطين، واقتحامات متواصلة للأقصى الحبيب من قطعان المستوطنين وسط صمت وتخاذل عربي رسمي واستنكار شعبي موسع وبسالة للمرابطين الشبان والفتيات، وهي رسالة برغم الوجع إلا أن القادم مبشر، فأعمار المرابطين وهمتم ويقظتهم وقوتهم في الحق توحي بأن القادم لهذه الأمة خير، فنحن أمة قد تمرض لكنها لا تموت والتاريخ خير دليل.

وأيضا تأتي هذه الأيام العظيمة وسط خطاب كراهية عنيف ضد المسلمين ورسول الإنسانية في الهند عبدة البقر وما صاحب ذلك من حرق لبيوت واعتقالات للمسلمين، لكن ورغم قسوة الإهانة إلا أن الشعوب الإسلامية الحرة أثبتت طريقها وعظمة مسيرها والمنبع الصافي الذي تستقي منه شرائعها، فرأينا الحشود الهادرة في الكثير من بلداننا تهب نصرة لرسول الإنسانية مع بيانات رسمية رافضة من بعض الدول والمطالبة بتشريع يحرم الإساءة للأديان في مجتمع مع الأسف يحكمه الذئاب.

وتأتي أعظم أيام الله وما زالات أوجاع الآلاف من الأسرى في سجون الأنظمة العربية تتصاعد، في ظل أوضاع مأساوية شديدة البؤس وأوضاع أهاليهم أشد معاناة نتيجة الحرمان من ذويهم لسنوات وتوابع ذلك عظيمة وكبيرة ودموعهم لا تتوقف وأنين الأطفال لا ينتهي، وهي وربي ليست دموعاً فحسب لكن صواعق حتماً ستحرق الظالمين وإن غدا لناظره قريب وحسبنا الله ونعم الوكيل.

وتأتي هذه الأيام الفضيلة فى ظل أوضاع اقتصادية شديدة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية وما لذلك من أثر على الشعوب التي تعتمد على استيراد الطعام وحبوب القمح من تلك الدولتين وهي غالبا قارة إفريقيا، وتلك كوارث إذا وضعنا هذا الأمر بجوار تصريحات اقتصاديين كبار بأن العالم بدا في أزمة غداء والقادم ليس طيبا وهذا الأمر يعصف بملايين الأسر فالغلاء طاحن بلا رحمة، لذلك فهذه الأيام تستوجب على من وسع الله عليه أن يبحث بين أقاربه ويتفقد المعسر وينفق ولا يخش من ذي العرش إقلالاً فهذا وعد الله.

ختاما

علي كل مسلم أن يحسن استقبال هذه الأيام ويعمل بجد أن يرضي ربه وأن يدع ما يريبه إلى ما لا يريبه، ويدعو في كل صلواته بالنصر للإسلام والمسلمين فهي فرصة قوية للحياة من جديد في ظل كل الأوضاع التي يشهدها العالم.

وأيضا على كل مسلم أن يكف لسانه عن الناس فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، ولا يضع نفسه فى خانة المفلس فيأتي بصلاة وصيام لكنه يؤذي هذا ويسب هذا، فيأخذوا من حسناته ثم يلقى في النار، لذا علينا اقتناص المنح الربانية في هذه الأيام الفضيلة، فوالله لو أوتي مال قارون وقلبه فارغ وميزانه خاوٍ فهو من الخاسرين رغم أنفه …………………………..فاللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب وباحث مصري الجنسية، مؤلف عدة كتب فى التربية والتنمية "خرابيش - تربويات غائبة- تنمويات". مهتم بقضية الوعي ونهضة الأمة من خلال التربية.

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …