الإعلام والقيم.. مهمات عاجلة

الرئيسية » خواطر تربوية » الإعلام والقيم.. مهمات عاجلة
nationalherald_2021-03_b5dd3cb7-1ec3-4f1d-b77f-fb8bca956384_Digital_media

لاشك أن العالم أمسى منذ سنوات قرية صغيرة يعرف القاصي والداني ما يدور في أقصاها ونواحيها، وهذا بفعل عدة عوامل، لكن يقينا العامل الأبرز في ذلك هو الإعلام لجناحيه المرئي والمسموع ولاحقا المنصات والإعلام الاجتماعي.
ونحن اليوم وانطلاقا من أهمية هذه الثورة المعلوماتية والتكنولوجية بشمولها وسعيا منا أن يكون المجتمع ذا قيمة فإننا سنتحدث في السطور الآتية عن مهمات الإعلام في غرس القيم المجتمعية للأجيال جميعها، خصوصاً مع سهولة التصفح والانتقال وعموم تأثيره على جميع شرائح المجتمع.

أولاً: لابد أن يكون الإعلام صاحب رسالة بناء ونهضة وغرس قيم وتصحيح مفاهيم، فهو ركن أساس في التأسيس وغرس هذه القيم، ولا غرابة أن نقول أن معيار نهضة أي شعب هو إعلامه وثقافته والمنبع الذي يستقي منه أفكاره، وكلما كان الضمير حياً كانت الرسالة أنصع بياضاً وأعظم أجرا وذات إيجابية أكبر.
إن الإعلام منبر قوي الأثر والتأثير، وهو قادر على تحريك الجماهير إن شاء، وكما أن بصلاحه يصلح المجتمع كذلك فإن به سحرة قادرة على تلبيس الحق بالباطل و تلميع ملوثات الفطرة كما نسمع ونرى نشاهد هذه الأيام.

ثانياً: صبغ المجتمع بصبغة العفة والقيم عبر الحملات الإعلامية، فالماكينة الإعلامية من صحف وقنوات ومواقع ومنصات تستطيع وبشكل واضح تصحيح مسار الأمة وتصوراتها إن صحت النية وصلح المقصد واستنفذت الوسائل واستغلت الطاقات وتصدرت الكفاءات، وهو ما يؤدي إلى يقظة شديدة التأثير، مما يجعل الأحداث بعدها ليس كما قبلها، لذلك فإن حاجة الأمة والشعوب اليوم لإعلام حر غير مأمور بأجندات أو موجه هو بمثابة طوق نجاة للأمة الغرقى التي تجمّع عليها الذئاب بمختلف الألوان واللغات حتى من بني جلدتنا، ومع الأسف كلهم يدّعي وصلا بليلى، وليلي لا تقر لهم بهذا.

ثالثاً: تصحيح بوصلة الإعلام، فيقيناً لكل شيء بوصلة ووجهة وعلى دعاة الإعلام أن يستبقوا الخيرات بنقاء الرسالة وصدق المقصد وحفظ اللسان، فالإعلام هو الشعلة التي تحدد مسار الأمة في عالم يحكمه المال، ومع الأسف هناك إنفاق بمليارات الدولارات من أجل طمس ومسخ هوية هذه الأمة عبر الطعن في فطرتها وثوابتها وغايتهم تنشئة جيل ملوث فكريا وثقافيا، لذلك على الإعلام أن يكون رأس حربة دفاع عن القيم ومجابهة دعاة الانحلال والبريق المزيف. ولو صحت البوصلة فإننا بلا شك سنكون أمام مجتمع قوي متماسك.

رابعاً: وجود الإعلامي "الهدهدي" والمعنى واضح، وهو أن يستقي من هدهد سليمان وحرقته على انتهاك حرمات الله وفي قلبها الشرك بالله، وإن كان الإعلام ليس بنفس المستوى من جانب العقيدة، لكن يقينا إفساد المجتمعات وإسقاطها في براثن الشهوات والهوى لا يقل في جرمه عن الأمور العالية من المنكرات والبغي، ولاشك أن الغيرة التي صرخ بها الهدهد تأني من نعم الله عليه وهو الطائر البسيط فكيف بالذي يسمع ويبصر ويعمل ويسعى في الأرض بل استخلفه الله في الكون!

ختاما
بقي التذكير بحتمية أهمية وجود البيت الإعلامي والمعنى ليس وظيفيا لكن البيوت التي تتابع الشاشات في غفلة فنجد الأب يجلس لمتابعة دوريات المرور في العالم والأم تتابع كل قنوات المطبخ ويتركون الأولاد صيداً ثميناً لقنوات الأطفال ورسالتها الخبيثة ولا نعمم، فهناك قنوات سليمة المقصد لكن المحتوى غير شيق وجذاب ولهذا أسبابه ربما نتناولها لاحقا.

إن الوالدين مطالبون أن يكونوا واعين وعلى دراية وإدراك لمجريات الأمور ثم شرحها ببساطة ويسر لأبنائهم فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وكل إنسان موقوف بين يدي ربه يسأله هل حفظ أم ضيع؟
فهل وصلتنا الرسالة؟!

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب وباحث مصري الجنسية، مؤلف عدة كتب فى التربية والتنمية "خرابيش - تربويات غائبة- تنمويات". مهتم بقضية الوعي ونهضة الأمة من خلال التربية.

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …