ماذا خسرت مصر بغياب الإخوان المسلمين؟

الرئيسية » بأقلامكم » ماذا خسرت مصر بغياب الإخوان المسلمين؟
EGYPT-POLITICS-UNREST-ARMY-TAHRIR

بين عشية وضحاها استغلت نخبة النظام البائد في مصر وأذنابه عقول البُلهاء السذج وقاموا بشيطنة الإخوان المسلمين وتصويرهم على أنهم أعداء الشعب وأعداء الوطن بل وأعداء الإنسانية!!

إن هذه النخبة أرَّقتهم تجربة ديمقراطية وليدة تنهض بمصر نحو النور، والذي أرَّقهم أكثر أنهم رأوا أن هذه التجربة قد أتت برئيس ينتمي لتيار إسلامي وهم الذين طالما طمعوا في أن يتقلدوا مناصب يتحكمون من خلالها في مفاصل الدولة ومصيرها.

والذي أرَّقهم أكثر وأكثر أنهم رأوا الرئيس الذي ينتمي للتيار الإسلامي ينجح يوما بعد يوم.

هبَّت النخب من كل حدب وصوب على اختلاف مشاربهم ليتوحدوا تحت غاية واحدة وهي القضاء على هذه التجربة الديمقراطية الوليدة المتمثلة في الإخوان المسلمين.

قامت النخب بجمع البلهاء السذج والفسدة حولهم وأقنعوهم بادعاءات وافتراءات وأباطيل جعلتهم يقومون باضطهاد الإخوان المسلمين وأتباعهم والتنكيل بهم وكأن الإخوان وأتباعهم مخلوقات على غير الملة قد سقطت عليهم فجأة لتحرمهم لذة العيش ولتمنعهم مما هم فيه من نعيم!

نسي هؤلاء البلهاء السذج ومن خلفهم أن الإخوان هم إخوانهم، وأبناء عمومتهم، وأقاربهم، وجيرانهم، وزملائهم الذين تربوا معهم وقاسموهم الحياة بحلوها ومرها!

ونسي هؤلاء البلهاء السذج أن الإخوان هم جزء لا يتجزأ من نسيج الوطن فهم من العقل لُبَّه، ومن القلب شِغافه، ومن الكبد نِياطه، ولن أكون مُبالغاً لو قلت ومن الجسد رُوحه !!

كانت نتيجة هذه الشيطنة وهذه الاستجابة السريعة من البلهاء السذج هي تواري الإخوان عن الساحة وغيابهم عن المشهد بسبب الاعتقال والمطاردة والإيذاء والتنكيل.

نتيجة غياب الإخوان المسلمين عن المشهد في مصر

إن غياب الإخوان المسلمين عن المشهد في مصر ترك فجوة كبيرة لم ولن يستطيع النظام الانقلابي رتقها بأي شكل من الأشكال مهما توفرت له الإمكانيات، لا لشيء سوى أن الفرد من الإخوان المسلمين قد تمت تربيته تربية تأصلت في وجدانه وجرت في عروقة حتى أصبح عَصِيَّاً على التقليد.

إن غياب ثلة من أشرف وأتقى وأنقى وأطهر الناس عن المشهد في مصر نتج عنه فراغاً كبيراً كانت أهم مظاهره، ما يلي:-

• خسرت مصر أرق الناس أفئدة، وأعذبهم حديثاً، وأكثرهم إغاثة للملهوف، وأعفهم ألسنة، وأكثرهم صبراً على إيذاء الخلق، وأقلهم تطلعاً لصدارة المشهد، وأبعدهم طمعاً في المال العام.

• خسرت أكثر الناس ترفعاً عن الدنايا، وأكثرهم إنكاراً للذات، وأكثرهم تنزها عما في أيدي الناس.

• خسرت أكثر الناس تضحية من أجل الدين ثم من أجل الوطن، وأخشاهم لله تعالى، وأكثرهم اقتداءا بهدي النبي ﷺ!

• خسرت داعية رفيقاً بالعُصاة لأنه أحدهم، غير أنه قد رُزق بصحبة تدعمه وتقومه.

• خسرت شاباً مُتزناً نفسياً يحبه أقاربه ويألفه جيرانه ويُقبل عليه الصغار قبل الكبار.

• خسرت طالباً متفوقاً نافعاً لزملائه كاسراً لموجة الانحراف أينما وُجد.

• خسرت من كانوا يُحركون الميادين ويضخون الدماء في جسد الأندية والنقابات ويجددون الإيمان داخل الجامعات.

• خسرت من كانت لهم بصمة في الشوارع والأزقة والحارات ووسائل المواصلات تحمي كل من في هذه الأماكن من الانهيار الأخلاقي الذي نراه الآن يزكم الأنوف ولا يتفق مع أخلاق الجاهلية الأولى.

• خسرت أطباء ومهندسين ومعلمين وحِرفيين يتقون الله في حوائج العباد وكل همهم إصلاح أنفسهم ودعوة غيرهم.

• خسرت حافظاً لكتاب الله تعالى كل همَّه أن ينقل حلاوة ما تذوقه من إيمان لغيره.

• خسرت مُتديناً بسيطاً في مظهره لا يحمل في قلبه بُغضاً لأحد، لا يُضخم التفاهات ولا توقف مسيرته الخلافات.

• خسرت مُعلماً للأشبال ومربياً للأجيال وشاغلاً لأوقات الفراغ بكل ما هو نافع ومفيد.

• خسرت غاضباً للحق مُدافعاً عن المظلومين والمكلومين لأنه أحدهم.

• خسرت خطيباً مُفوهاً يتحدث عن آلام الناس ومُعاناتهم لأنه من بينهم.

• خسرت أناساً يرصدون المجتمع ويتنبؤون بمواطن الفساد قبل انتشارها فيخمدونها في مهدها حِسبة لله تعالى ثم حماية للمجتمع.

• خسرت من يتبنون الموهوبين ويفتحون لهم آفاق التفوق النبوغ.

• خسرت داعماً للفقراء في بيوتهم طارقاً أبوابهم في ليالي الضنك، يفعل ذلك لأنه يُوقن بأن ذلك واجباً عليه وليس مِنة منه على أحد.

• خسرت جزءا كبيراً من الأمن والأمان لأن الإخوان كانوا رمانة الميزان.

• خسرت رافداً مهما للصمود أمام تقلبات الحياة وشظف العيش، فعشرات الآلاف من عناصر الإخوان المطاردين والقابعين في أقبية السجون والمعتقلات كان لهم دور مهم في تخفيف أعباء الحياة على عامة الشعب، ولا سيما الشرائح الأكثر احتياجاً.

• خسرت أناساً لديهم من الفهم والوعي والهم بواقع الأمة ومستقبلها ما قد لا يوجد عند غيرهم من الناس!

• خسرت أناساً يُصيبون ويُخطؤون، ويُحسنون ويُسيؤون، ويذنبون ويستغفرون، غير أنهم لا يتعمدون الخطأ، ولا يُصرون على الإساءة، ولا يتمادون في المعصية!

• خسرت أناس لا يُداهنون ظالماً، ولا يخذلون مظلوماً، ولا يُحابون أهل المنكر، ولا يُقدِّسون أهل الفضيلة!

• خسرت أناساً يأخذون الإسلام بشموله ووسطيته وكماله وتمامه، فلا يضخمون جانباً من الإسلام على حساب جانب فيبدوا الإسلام مُشوهاً أمام الخلق خاصة المتنطعين منهم، وخاصة من يُدبرون له ويحيكون له الدسائس والمكائد والحيل!

• خسرت الكلمة الوسط في زمن الشطط.

• خسرت الروح والنفس والقلب والعقل فأصبحت الأنفس مُتعبة والقلوب حزينة والعقول مُشتتة والبدن يتمنى أن تفارقه الروح.

• خسرت أناساً لا نزكيهم على الله فالله تعالى حسيبهم وهو سبحانه المطلع على السرائر.

وبعد أن حقق الفسدة والبلهاء السذج غايتهم من إقصاء الإخوان المسلمين عن الساحة جاءهم من ركلهم بقدمه (ببيادته) وحدَّد إقامتهم داخل بيوت الطاعة وعاملهم معاملة القصَّر فاقدي الأهلية.

ثم ماذا؟

الآن يتباكى الجميع على شرف أضاعوه، وكرامة فقدوها، وحرية لم يعودوا يسمعوا عنها إلا في كلام الأدباء.

الآن نسمع ونرى مآسي ومراثي وبكائيات ولطميات من كل الأشكال والألوان والكل ينتظر غيره ليخلصه من هذا الواقع المشئوم.

مُصارحة

إن الواقع يشهد بأن فوز الإسلاميين في الانتخابات وحده ليس كافياً لحكم مصر  فلقد أثبتت التجربة أن الدولة العميقة وأذرعها في الداخل والخارج يهيجون هياج الثور في سوق الفخار لمجرد شعورهم بأن الإسلاميين يفكرون في الوصول للسلطة!

السبيل والمخرج

• إن المَخرج من المشهد الكئيب الذي تمر به مصر في كل المجالات وعلى كل المستويات لن يحدث إلا بعد أن يصطلي الشعب بنار الطغمة الفاسدة ويقتنع أن هؤلاء النخب ما هم إلا وكلاء وعملاء ينفذون ما يُخططه لهم من لا يريدون لمصر ولا لشعبها خيراً، حينها سينفض الشعب عنهم وسينتفض لاقتلاع جذورهم واستئصال شأفتهم وقطع دابرهم، وما ذلك على الله بعزيز.

إن معاناة مصر في عهد نبي الله يوسف عليه السلام لم تنتهِ إلا بالاعتذار ليوسف وتبرئة ساحته، فمتى يمتلك الشعب شجاعة الاعتذار للإخوان قبل فوات الأوان؟!!

إن معاناة مصر في عهد نبي الله يوسف عليه السلام لم تنتهِ إلا بالاعتذار ليوسف وتبرئة ساحته، فمتى يمتلك الشعب شجاعة الاعتذار للإخوان قبل فوات الأوان

• والمخرج كذلك هو أن يمُن الله تعالى على الذين استضعفوا فيمكِّن لهم بعد أن توغل الظالمين في ظلمهم وتمادوا في غيِّهم وظنوا أن ما يملكون من قوة مانع لهم من الزوال والاستئصال، وعسى الله أن يمُن على الذين استضعفوا فيمكِّن لهم لما وجده سبحانه في قلوبهم من صلاح وتقوى وإيمان، ولما وجده في سرائرهم من تجرد وصبر ومثابرة.

• إننا بكل ذلك لا نتآلى على الله تعالى فالخلق خلقه، مصيرهم بيده، وأمره سبحانه بين الكاف والنون!!

أخيراً أقول:

إن من مصلحة الإسلام ومصلحة الوطن ومصلحة الشعب بكل طوائفه وفئاته أن يساندوا الإخوان ويشدوا على أيديهم، فالإخوان هم حائط الصد الأول أمام كل ظلوم غشوم، وبدونهم لن يسلم الدين من كيد أعدائه، ولن يسلم الوطن من مؤامرات خصومه، ولن يسلم الشعب من مرارات وويلات من لا يرقبون فيه إلاً ولا ذمة.

وأقول:

هل علمتم الآن يا سادة لماذا قام النظام بشيطنة الإخوان وإلصاق كل نقيصة بهم!

إن الهدف من شيطنة الإخوان هو أن ينفض الناس عنهم لتكون البلاد وكل من فيها وكل ما فيها لقمة سائغة لكل نهم خسيس من داخل البلاد وخارجها، بعد أن يكونوا قد قضوا على حائط الصد الأول وهو جماعة الإخوان المسلمين.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
خبير تربوي وكاتب في بعض المواقع المصرية والعربية المهتمة بالشأن التربوي والسياسي، قام بتأليف مجموعة من الكتب من بينها (منظومة التكافل في الإسلام– أخلاق الجاهلية كما صورها القرآن الكريم– خير أمة).

شاهد أيضاً

بين عقيدة الإسلام و”عقيدة الواقعية

للإسلام تفسيرٌ للواقع وتعاملٌ معه بناءً على علم الله به ومشيئته فيه، كما يثبتهما الوحي. …