خرجت لنا وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) بصور للفضاء من تليسكوبها الجديد (جيمس ويب) الذي تكلّف عشرة مليارات دولار. وأذهلت هذه الصور الجديدة الجميع، لأنها الصور الأدق والأعمق والأوضح للكون. وكان الذهول لأمرين: لدقة تلك الصور من ناحية، ولإبهار الفضاء في تكوينه وخِلقته من ناحية أخرى...صور كأنها صور ملونة رسمها فنان!
ويا سبحان الله، عندما نجد أن في خلقه سبحانه وتعالى أعظم فن على الإطلاق. ففي مجال الرسم والتصوير، ها هي المناظر الطبيعية الخلابة في الأرض وفي الفضاء، والتي لا يستطيع الرسامون أن يضاهوها أو يقاربوها.
وفي مجال الرواية والقصة، ها هو التاريخ البشري بما فيه من أحداث وصراعات، والتي لا يستطيع القَصاصون والروائيون أن يضاهوها أو يقاربوها. وحتى في روايات الخيال نجد قصص الأنبياء التي بها من الخيال ما يعجز خيال الروائيين عن حبكه بهذا الإبهار. وفي الموسيقى تغريد العصافير وأصوات البلابل.
لكنّا نتساءل: هل تظهر وكالة ناسا كل ما لديها من صور واستكشافات عن الكون، أم أنها تخفي شيئا عنّا، وربما أشياء؟!
والجواب: من الوارد جدا، بل ومن المتخيل والمظنون، أن تعمد وكالة ناسا لإخفاء أشياء عنّا، لأغراض سياسية ودينية.
فأما الأغراض السياسية، فمعروف ما بين أمريكا وروسيا من تنافس على السيادة في أبحاث الفضاء. وهو تنافس له شقان: تنافس على السيادة على استكشاف الفضاء، ومجرد الوصول إليه بالاستطلاع والتصوير. وهو ما نالت فيه أمريكا السبق بما أظهرته من صور مؤخرا، وبما وصلت إليه من قبل، من وصول إلى المريخ، وتجول الآليات التصويرية والبحثية عليه.
وتنافس آخر على الاستفادة من هذا الفضاء، في مجال البحث عن الطاقة وغيرها من المواد الخام، وفي مجال البحث عن مكان بديل للحياة والاستقرار، كبديل للأرض، التي يبدو أنها قد وصلت إلى مراحلها النهائية في الاكتظاظ والتزاحم والتنافس، والاختلال بفعلها.
وإذا كانت ناسا ستعمد إلى إظهار بعض ما وصلت إليه في استكشاف الكون، لتؤكد على سبقها في هذا المجال، فإنها ستعمد في المقابل إلى إخفاء بعض ما وصلت إليه، وربما الكثير منه، من أجل أن لا يسبقها أحد أو حتى ينافسها في الاستفادة من الكون، إن كان ثمة فرصة لتلك الاستفادة منه.
إذا كانت ناسا ستعمد إلى إظهار بعض ما وصلت إليه في استكشاف الكون، لتؤكد على سبقها في هذا المجال، فإنها ستعمد في المقابل إلى إخفاء بعض ما وصلت إليه، وربما الكثير منه، من أجل أن لا يسبقها أحد أو حتى ينافسها في الاستفادة من الكون، إن كان ثمة فرصة لتلك الاستفادة منه
لقد تخطت أمريكا ومعها أوروبا وروسيا والصين فكرة استكشاف الكون لمجرد الاستكشاف. ووصلوا جميعا لفكرة الاستكشاف للاستفادة، إن كان ثمة فرصة للاستفادة.
فمن الممكن أن يكون الكون بما فيه من مكونات فضائية قريبة مستودعا لمصادر للطاقة، يمكن نقلها إلى الأرض، أو استنزافها وهي في مكانها هناك.
ومن الممكن أن يكون مستودعا كذلك لمواد خام معروفة، يمكن نقلها بتكلفة أقل إلى الأرض. أو مستودعا لمواد خام غير معروفة، تكون بديلا للمواد الخام المعروفة والمحدودة على الأرض.
ومن الممكن أن تكون بالكون، قريبا منا، فرصة للحياة على كوكب آخر، واتخاذ بديل أكثر مناسبة للحياة من الأرض بعدما أصابها الخلل والعطب بفعل التكاثر والتنافس والتعادي والحروب، والممارسات البشرية المدمرة للطبيعة.
التعادي السياسي والاقتصادي والعسكري بين القوى العظمى يحكم الأرض، ويتحكم في نتاجها العلمي والبحثي في كل المجالات الأرضية والفضائية، وغير مستبعد بالمرة أن تعمد هذه القوى إلى إخفاء نتائجها البحثية والاستكشافية عن بعضها، من أجل الاستحواذ والسبق. ولا نقول أن الأمر غير مستبعد وفقط، بل نقول إنه أمر متخيل ومظنون.
هذا عن الأسباب السياسية التي من الممكن أن تجعل ناسا تخفي شيئا، فماذا عن الأسباب الدينية؟!
العلمانية الملحدة هي التي تتحكم في الأرض في العصر الحديث، وكل ما تصل إليه القوى العظمى المتحكمة في الأرض والفضاء، تريد أن تؤكد به على علمانيتها الملحدة.
ونحن نقصد بالعلمانية الملحدة: العلمانية الظاهرة التي تدعو لمجرد فصل الدين عن إدارة الحياة، والتي تخفي في الحقيقة إلحادا تاما، لا يقيم للدين ولا للسماء وزنا في أي مجال، بل ولا يعترف بالدين والسماء من الأساس.
الغرب علماني في الظاهر ملحدٌ في الحقيقة، وكل ممارساته قائمة على المصلحة الدنيوية والتنافس فيها، لا على التعادي على أسس عقائدية ودينية.
وإذا كانت هناك ثمة أي دوافع دينية وعقائدية في أي جانب عند الغرب، فهي دوافع تأتي بعد الدوافع المصلحية الدنيوية بمراحل كثيرة، بل وتأتي هذه الدوافع الدينية العقائدية إن أتت، تاريخيةً أكثر منها واقعية.
فعداء الغرب للعرب والمسلمين، هو عداء دنيوي مصلحي في الأساس، غرضه الاستحواذ على ثروات العرب والمسلمين واستنزافهم. والبعد العقائدي والديني في هذا العداء هو بعد تاريخي لا أكثر.
وحتى قضية (إسرائيل) التي تبدو كمعركة دينية عقائدية بين المسلمين من ناحية وبين اليهود والمسيحية الغربية من ناحية أخرى، هي معركة عقائدية ودينية بالنسبة للمسلمين واليهود، أما بالنسبة الغرب وأمريكا، فهي معركة دنيوية مصلحية، تتمثل في زرع قاعدة عسكرية للغرب اسمها (إسرائيل) في قلب بلاد العرب والمسلمين، لحبك الحبكة من أجل أكبر السيطرة وأكبر الاستنزاف.
وهذا الغرب الملحد المعادي للدين، وخصوصا الدين الحق، الذي هو دين الإسلام بلا ريب أو شك، سيعمد إلى إخفاء أية أدلة، من شأنها أن تصب في مصلحة التأكيد على وجود الله، وعلى إيجاده للخلق.
هذا الغرب الملحد المعادي للدين، وخصوصا الدين الحق، الذي هو دين الإسلام بلا ريب أو شك، سيعمد إلى إخفاء أية أدلة، من شأنها أن تصب في مصلحة التأكيد على وجود الله، وعلى إيجاده للخلق
يقولون: إن أول رائد فضاء سوفييتي صعد إلى الفضاء قال: لم أر الله الذي يتحدثون عنه.
والإلحاد الغربي الحقيقي لا يقل بنسبة من النسب عن الإلحاد الشيوعي السوفييتي، إلا في درجة الإظهار السافر له، ودرجة تغطيته ببعض العلمانية المدّعاة.
وبالتالي: فإذا ما وصلت ناسا، في استكشافاتها الفضائية لأية أدلة تؤكد على صدق وجود الله، فإنها ستعمد -غالبا- إلى إخفائها، أو التقليل من شأنها، أو عدم الحديث عنها.
فعلى سبيل المثال: نظرية التطور التي أصبح المجتمع العلمي العالمي كله يتبناها بكل أبعادها تحت تأثير علمانيته الملحدة التي نشير إليها.
هي نظرية تلقفها المجتمع العلمي الغربي والشرقي تلقف المتلهف لها المحتاج إليها من أجل أن يقدم بديلا علميا مقبولا لفكرة الإله الخالق المباشر.
وهي النظرية التي تنادي بأن الكون بكل مخلوقاته قد نما وتطور تطورا غير مباشر عبر مراحل زمنية طويلة بفعله هو، وبفعل حركة مكوناته، وبفعل احتياجاته ومتطلباته، بعيدا عن أي تأثر خارجي من أي قوة أخرى.
فإذا ما وجد الباحثون الآن، في الأرض بما فيها، وفي الفضاء بما فيه كذلك، أي شيء يهدم هذه النظرية، أو يؤكد على الفعل المباشر للخالق والموجه، فإنهم سيعمدون بلا شك إلى إخفائه.
الإلحاد هو دين القوى العظمى المؤثرة في عالم اليوم، والعلمانية هي الستار الذي تستتر به هذه القوى. ولا يوجد ما يسمى بالحياد العلمي أو الصدقية العلمي، فنحن في زمن اللاحياد واللاصدق في كل شيء. وكل شيء يسخر للمصلحة، وللتنافس عليها، حتى ولو على حساب الحقيقة والعلم.
الإلحاد هو دين القوى العظمى المؤثرة في عالم اليوم، والعلمانية هي الستار الذي تستتر به هذه القوى. ولا يوجد ما يسمى بالحياد العلمي أو الصدقية العلمي، فنحن في زمن اللاحياد واللاصدق في كل شيء. وكل شيء يسخر للمصلحة، وللتنافس عليها، حتى ولو على حساب الحقيقة والعلم
ينشر البعض على مواقع التواصل صورا لسحاب في السماء، مكتوبٌ به لفظ الجلالة (الله)، أو مكتوب به اسم النبي (محمد) صلى الله عليه وسلم. ويكتب البعض مع هذه الصور عبارات مثل (الصور التي أذهلت علماء ناسا، وأخفوها عن النشر).
وإن كانت هذه المنشورات بصورها غير موثقة، وهي أدعى إلى السخرية والتهكم، إلا أنها في الحقيقة غير مستبعدة على الإطلاق.
فإن كان الله قد أعطانا في الكون دلائل غير مباشرة على وجوده وألوهيته. فليس مستبعدا أن يعطينا بين الحين والحين دلائل مباشرة على هذا الوجود وهذه الألوهية. وربما تصل هذه الدلائل إلى حد السفور المباشر كما في قصة المكتوبات بالسحب.
فإذا ما حدث مثل ذلك يوما، فإن اليقين كل اليقين، أن الباحثين والمستكشفين الغربيين والشرقيين، سيعمدون إلى إخفاء ذلك أو تجاهله، كما يعمدون إلى إخفاء أو تجاهل كل الدلائل غير المباشرة كذلك.