تحدثنا في الجزء الأول من هذا الموضوع عن أن من بين الصفات التي يصف بها الأفاكون المُرجفون جماعة الإخوان المسلمين بهتاناً وزوراً، قولهم عن الإخوان "خوارج العصر".
كما تحدثنا عن:
أولاً: من هم الخوارج؟
ثانياً: ما هي صفات الخوارج؟
ثالثاً: بعض الأحاديث التي وردت في وصف الخوارج.
رابعاً: ما هي جماعة الإخوان المسلمين وما طبيعتها؟
وسنكمل الحديث في الجزء الثاني من هذا الموضوع عن النقاط التالية:-
خامساً: الأسباب التي دعت إلى تأسيس جماعة الإخوان المسلمين
لقد جاء تأسيس جماعة الإخوان المسلمين على خلفية أحداث عِظام تعرضت لها الأمة، ومؤامرت جسام حِيكت للنيل من وحدة الأمة والفت في عضدها بهدف القضاء عليها.
1- إلغاء الخلافة الإسلامية:
لقد تم إلغاء الخلافة الإسلامية عام 1924م، أي قبل التفكير في تأسيس الجماعة بـ 4 سنوات، فكان لزاماً أن يكون هناك فصيل يملأ الفراغ ويرشد المجتمع حتى لا ينفرط عقد الأمة فيصبح أفراد الأمة كالأغنام في الليلة الشاتية أو كالأيتام على موائد اللئام.
2- وقوع معظم الدول الإسلامية تحت قبضة الاستعمار (الاحتلال):
إن الاحتلال الذي جاء للدول العربية والإسلامية متستراً تحت مُسمى الاستعمار ما جاء إلا لنهب خيراتها، وإفساد أخلاق أهلها، والطعن في ثوابت الأمة وإخراجها مما تعارفت عليه من قيم فاضلة وعادات حسنة وتقاليد نبيلة.
3- الغزو الفكري الأوروبي للوطن العربي والعالم الإسلامي:
إن هذا الغزو الفكري يعد أكثر خطراً من خطر الاحتلال، فالاحتلال يمكن مقاومته حتى يندحر ويرحل أما الغزو الفكري فهو كالسوس الذي ينخر في أوصال ومفاصل وعقول الأمة وأبنائها ليطمس هويتهم ويقتل روح الانتماء لديهم .
4- انتشار أفكار التحرر واختفاء مظاهر التدين من المجتمع المصري:
ولكي ندلل على ذلك يكفينا أن نذكر خروج رموز الحركات النسائية في ذلك الوقت لخلع الحجاب والظهور بملابس سافرة لم يتعود الشعب المصري على رؤيتها بالإضافة إلى انتشار الحانات ودور البغاء بصورة غير مسبوقة.
5- دعم ومساعدة الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية الرسمية للقيام بدورها:
لقد كان من بين أسباب تأسيس الجماعة أيضاً دعم ومساعدة الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية الرسمية للقيام بدورها في ظل كل هذه الأحداث الهدامة والمتغيرات المتلاحقة التي تموج بها المنطقة العربية والإسلامية، وبناء قناعة لدى الحُكام بأن المؤسسات الدينية الرسمية وفي القلب منها الأزهر الشريف لها قاعدة شعبية تعينها على مواجهة محاولات تهميش دورها في التصدي لما يُحاك بالأمة من مؤامرت ودسائس.
سادساً: ما هي أهداف الإخوان وما هي نظرتهم للحكومة المسلمة
عند تأسيس الجماعة ركّز حسن البنا رحمه الله على هدفين أساسيين، ذكرهما في "رسالة التعاليم":
أولاً: تحرير الوطن بتخليصه من كل سلطان أجنبي ـ غير إسلامي ـ سياسي أو اقتصادي أو روحي.
ثانياً: إصلاح الحكومة حتى تكون إسلامية بحق، وبذلك تؤدي مهمتها كخادم للأمة وأجير عندها وعامل على مصلحتها، والحكومة إسلامية ما كان أعضاؤها مسلمين مؤدين لفرائض الإسلام غير مُجاهرين بعصيان، وكانت منفذة لأحكام الإسلام وتعاليمه.
ولا بأس أن نستعين بغير المسلمين عند الضرورة في غير مناصب الولاية العامة ولا عبرة بالشكل الذي تتخذه ولا بالنوع، مادام موافقاً للقواعد العامة في نظام الحكم الإسلامي.
ومن صفاتها: الشعور بالتبعية، والشفقة على الرعية، والعدالة بين الناس، والعفة عن المال العام، والاقتصاد فيه.
ومن واجباتها: صيانة الأمن، وإنفاذ القانون، ونشر التعليم، وإعداد القوة، وحفظ الصحة، ورعاية المنافع العامة، وتنمية الثروة، وحراسة المال، وتقوية الأخلاق، ونشر الدعوة.
ومن حقها - متى أدت واجبها -: الولاء والطاعة، والمساعدة بالنفس والأموال.
فإذا قصرت: فالنصح والإرشاد، ثم الخلع والإبعاد، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. اهـ
ولأن الإسلام جاء للناس كافة فلقد حرص الإخوان منذ تأسيس الجماعة على توسيع دائرة عملهم الدعوي والتنظيمي حتى تكون حركتهم عالمية، لكي يضمنوا لها الاستمرار بحكم تعدد مراكزها ووحدة فهم أفرادها.
ولقد تميزت دعوة الإخوان منذ نشأتها بمتانة البناء والتكوين (البناء العقدي والإيماني - البناء الفكري - البناء الأخلاقي والسلوكي - البناء التنظيمي).
حرص الإخوان منذ تأسيس الجماعة على توسيع دائرة عملهم الدعوي والتنظيمي حتى تكون حركتهم عالمية، لكي يضمنوا لها الاستمرار بحكم تعدد مراكزها ووحدة فهم أفرادها
سابعاً: لمن يريدون التعرف على الإخوان!
إن كل ما سبق يشهد بأن مقولة (الإخوان خوارج العصر) إسقاط في غير محله لا يقبله العقل ولا يقره الواقع.
إن ألسنة البلهاء السذج تتلقف هذه المقولة دون فهم ودون إعمال عقل، فينطبق عليهم قوله تعالى: {أَتَوَاصَوْا بِهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذاريات: من الآية 53].
يا من تنعتون الإخوان بأنهم (خوارج العصر) هل تستطيعوا أن تخبرونا على من خرج الإخوان، ولماذا!!
يا سادة! الإخوان مثل باقي البشر يُصيبون ويُخطؤون، ويُحسنون ويُسيؤون، ويذنبون ويستغفرون!
يا سادة! إن ما يميز الإخوان عن غيرهم أنهم لا يتعمدون الخطأ، ولا يُصرون على الإساءة، ولا يتمادون في المعصية!
يا سادة! إن ما يميز الإخوان عن غيرهم أنهم يأخذون الإسلام بشموله ووسطيته وكماله وتمامه، فلا يضخمون جانباً من الإسلام على حساب جانب فيبدوا الإسلام مُشوهاً أمام الخلق خاصة المتنطعين منهم، وخاصة من يدبرون له ويحيكون له الدسائس والمكائد والحيل!
يا سادة! إن من مصلحة الإسلام ومصلحة الوطن ومصلحتكم أن تساندوا الإخوان وتشدوا على أيديهم فهم حائط الصد الأول أمام كل ظلوم غشوم، وبدونهم لن يسلم الدين من كيد أعدائه ولن يسلم الوطن من مؤامرات خصومه ولن تسلموا أنتم من مرارات وويلات من لا يرقبون فيكم إلاً ولا ذمة.
إن ما يميز الإخوان عن غيرهم أنهم يأخذون الإسلام بشموله ووسطيته وكماله وتمامه، فلا يضخمون جانباً من الإسلام على حساب جانب فيبدوا الإسلام مُشوهاً أمام الخلق
أخيراً أقول:
هل علمتم الآن يا سادة لماذا يلصقون كل نقيصة بالإخوان وينعتونهم بـ (خوارج العصر)!
إن المرجفين ينعتون الإخوان المسلمين بأنهم (خوارج العصر) لينفض الناس عنهم، ولتكون البلاد العربية والإسلامية وكل من فيهما وكل ما فيهما لقمة سائغة لكل نهم خسيس من داخل البلاد وخارجها، بعد أن يكونوا قد قضوا على حائط الصد الأول وهو جماعة الإخوان المسلمين.