هل الإخوان المسلمين هم خوارج العصر، كما يزعم المُرجفون! (1-2)

الرئيسية » بصائر الفكر » هل الإخوان المسلمين هم خوارج العصر، كما يزعم المُرجفون! (1-2)
muslims brotherhood2

إن جماعة الإخوان المسلمين من أكثر الجماعات التي صُوِّبت وتُصوَّب نحوها السِّهام لكي تصيبها في مقتل، وهناك من يتمنون أن يأتي اليوم الذي لا يجدون لها وجوداً على الساحة فتصبح أثراً بعد عين، وأن يعتريها الزوال ويطويها النسيان!

إن من يتمنون زوال جماعة الإخوان المسلمين لا يكفون عن أن ينعتونها وكل من ينتمون إليها بصفات وأكاذيب وأباطيل يقلبون بها الحقائق، ويُشوِّهُون بها الثوابت، ويلصقون بها التهم، ويثيرون حولها غبار الرِّيبة، كل ذلك حتى ينفض الناس عن هذه الجماعة فتتآكل من داخلها إلى أن تزول.

من بين الصفات التي يصف بها الأفاكون المُرجفون جماعة الإخوان المسلمين بهتاناً وزوراً، قولهم عن الإخوان "خوارج العصر".

أولاً: من هم الخوارج؟

الخوارج هم إحدى الفرق الإسلامية التي ظهرت في "معركة صفين" التي جرت أحداثها في شهر صفر سنة 37 هـ؛ بعد "موقعة الجمل" بسنة تقريباً. وانتهت المعركة بالتحكيم في شهر رمضان من نفس السنة.

جرت أحداث "معركة صفين" بين جيش الإمام علي بن أبي طالب وجيش معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، وكانت لآراء الخوارج الشاذة والغريبة أثراً بالغاً أحدث شرخاً في بناء الأمة الإسلامية في ذلك الوقت، ولسنا بصدد التفصيل في هذا الجانب، ويُرجع لتفاصيل ذلك لكتب الثقات.

ثانياً: ما هي صفات الخوارج

إن العلماء الثقات قد وضعوا أوصافاً للخوارج يهتدي إليها كل صاحب عقل حتى لا يكون فريسة لأقاويل المرجفين وأباطيلهم، ومن الأوصاف التي تم ذكرها، ما يلي:-

يقول الدكتور سعيد القحطاني في كتاب (قضية التكفير بين أهل السنة وفرق الضلال): "الخوارج يُكفِّرون أصحاب الكبائر.. ويُكفِّرون من خالفهم، ويستحلّون منه ـ لارتداده عندهم ـ ما لا يستحلونه من الكافر الأصلي" اهـ.

وذكر ابن عبد البر أن الإمام علي رضي الله عنه سُئِل عن الخوارج: "أكفار هم؟ قال: من الكفر فروا ـ قيل: فمنافقون؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً، قيل فما هم؟ قال: هم قوم أصابتهم فتنة، فعمُوا وصموا، وبغوا علينا، وقاتلوا فقاتلناهم، وقال لهم: لكم علينا ثلاث: لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله، ولا نبدؤكم بقتال، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم معنا" اهـ.

وفي كتاب (إتحاف الجماعة) للشيخ التويجري، قال: "هم أول من كفَّر المسلمين بالذنوب، ويُكفِّرون من خالفهم في بدعتهم ويستحلون دمه وماله.. وقد تواترت الأحاديث في ذكر الخوارج، وصحت من نحو من أربعين وجها..." اهـ.

ثالثاً: بعض الأحاديث التي وردت في وصف الخوارج

1- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "إِنَّ مِنْ ضِئْضِيءِ هذا قومًا يقرؤونَ القرآنَ، لا يُجاوِزُ حناجِرَهم، يقتُلُونَ أَهْلَ الإسلامِ، ويدَعونَ أهْلَ الأوثانِ، يَمْرُقونَ مِنَ الإسلامِ كمَا يَمْرُقُ السهمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لئنْ أدركتُهم لأقتُلَنَّهم قتْلَ عادٍ" (صحيح الجامع).
* إِنَّ مِنْ ضِئْضِيءِ هذا: أي من نسله أو من عقبه.

- هذا الرجل المذكور في الحديث مِن قَبيلةِ بَني تَمِيمٍ يُقال له: (ذو الْخُويصِرةِ)، واسمُه (حُرْقُوص بنُ زُهَيْرٍ). أساء هذا الرجل الأدب مع النبي ﷺ حيث اعترض على قِسمة قسمها النبي ﷺ وهمَّ أحد الصحابة بقتله إلا أن النبي ﷺ قد منعه من قتله تأليفاً لغيره.

2- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه "إنَّه كان في الجَيشِ الَّذينَ خَرَجوا مَع الَّذينَ ساروا إلى الخَوارجِ، فَقال عليٌّ: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ يَقولُ: إنَّه سيَخرُجُ مِن أمَّتي قومٌ يَقرَؤونَ القُرآنَ لَيس قِراءتُكم إلى قِراءتِهم بِشيءٍ، ولا صَلواتُكم إلى صَلاتِهم بِشيءٍ، وَلا صيامُكم إلى صيامِهِم بِشيءٍ، يَقرَؤونَ القُرآنَ يَروْنَ أنَّه لَهم وَهو عَليهِم، لا يُجاوزُ تَراقِيَهُم يَمرُقونَ مِن الإسلامِ مُروقَ السَّهمِ مِنَ الرَّميَّةِ..." (تخريج كتاب السنة بإسناد صحيح).

3- عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "يخرُجُ في آخرِ الزَّمانِ قومٌ أحداثُ الأسنانِ سُفَهاءُ الأحلامِ يقولونَ مِن خيرِ قَولِ النَّاسِ يقرءونَ القرآنَ لا يجاوزُ تراقيَهُم يمرُقونَ منَ الإسلامِ كما يَمرُقُ السَّهمُ منَ الرَّميَّةِ فمَن لقيَهُم فليقتُلهم فإنَّ قتلَهُم أجرٌ عندَ اللَّهِ لمن قتلَهُم" (صحيح ابن ماجه).

4- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ ﷺ يقولُ: "سَيَخْرُجُ قَوْمٌ في آخِرِ الزَّمانِ، أحْداثُ الأسْنانِ، سُفَهاءُ الأحْلامِ، يقولونَ مِن خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ، لا يُجاوِزُ إيمانُهُمْ حَناجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ، كما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فأيْنَما لَقِيتُمُوهُمْ فاقْتُلُوهُمْ، فإنَّ في قَتْلِهِمْ أجْرًا لِمَن قَتَلَهُمْ يَومَ القِيامَةِ" (صحيح البخاري).

بعد استعراض ما سبق نقول للمتحاملين على الإخوان:

خبرني بالله عليك.. أي مما ذكر من صفات في كل ما سبق يوجد في صفات الإخوان!!

إن الإخوان هم أرق الناس أفئدة، وأعذبهم حديثاً، وأكثرهم إغاثة للملهوف، وأعفهم ألسنة، وأكثرهم صبراً على إيذاء الخلق .
إن الإخوان هم أكثر الناس ترفعاً عن الدنايا، وأكثرهم إنكاراً للذات، وأكثرهم تنزها عما في أيدي الناس.

إن الإخوان هم أكثر الناس تضحية من أجل الدين ثم من أجل الوطن، وأخشاهم لله تعالى، وأكثرهم اقتداء بهدي النبي ﷺ! ولا نزكِّي على الله أحداً.

إن الإخوان هم أكثر الناس تضحية من أجل الدين ثم من أجل الوطن، وأخشاهم لله تعالى، وأكثرهم اقتداء بهدي النبي ﷺ! ولا نزكِّي على الله أحداً

رابعاً: ما هي جماعة الإخوان المسلمين وما طبيعتها؟

إن جماعة الإخوان المسلمين هي إحدى الحركات الإسلامية المعاصرة التي نادت بالعودة إلى قيم ومبادئ وأصول الإسلام التي تعارف عليها صدر الأمة وسلفها الصالح، كما طالبت بتطبيق الشريعة الإسلامية في واقع الحياة، وتصدت لسياسة فصل الدين عن الدولة، وواجهت المد العلماني في المنطقة العربية والعالم الإسلامي.

تم تأسيس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928م، ولقد بيَّن الإمام المؤسس (حسن البنا) رحمه الله حقيقة الجماعة فقال:
"أيها الناس: إننا فكرة وعقيدة، ونظام ومنهاج، لا يحدده موضع ولا يقيده جنس، ولا يقف دونه حاجز جغرافي، ولا ينتهي بأمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ذلك لأنه نظام رب العالمين، ومنهاج رسوله الأمين ﷺ" اهـ.

وللحديث بقية في الجزء الثاني من نفس الموضوع إن شاء الله تعالى

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
خبير تربوي وكاتب في بعض المواقع المصرية والعربية المهتمة بالشأن التربوي والسياسي، قام بتأليف مجموعة من الكتب من بينها (منظومة التكافل في الإسلام– أخلاق الجاهلية كما صورها القرآن الكريم– خير أمة).

شاهد أيضاً

إلى أي مدى خُلق الإنسان حرًّا؟

الحرية بين الإطلاق والمحدودية هل ثَمة وجود لحرية مطلقة بين البشر أصلًا؟ إنّ الحر حرية …