الاكتئاب هل هو سمة العصر الحالي أم موضة ابتدعناها؟

الرئيسية » بصائر تربوية » الاكتئاب هل هو سمة العصر الحالي أم موضة ابتدعناها؟
depressed young man sitting on the bench

نسمع الكثير من حولنا يصرخون ويقولون نعاني من #الاكتئاب أو نحن في حالة مزاجية سيئة لا نريد التحدث مع أحد، ولا نريد أن نقوم بأي نشاط كان. فما هي حقيقة ما يقولون؟ وما هو الاكتئاب؟ وكيف نعالجه أو نخفف من حدة أعراضه؟

لنبدأ أولاً بتعريف الاكتئاب حتى نستطيع أن نجيب على السؤال.

إنّ الاكتئاب هو من أشد الحالات النفسية التي تدمر الإنسان نفسياً وجسمياً  حيث إن الإنسان المصاب بالاكتئاب يفقد حب الحياة ويرى كل ما حوله كئيباً مما يزيد من حالته سوءاً يوماً بعد يوم.

إن من يشكو من الاكتئاب ليس له شغف من أي نوع كان ولا يرى شيئاً جميلاً في هذه الحياة. فالاكتئاب هو من أكثر الأمراض النفسية شيوعاً وفتكاً بالناس وخاصة في وقتنا الحالي حيث تغيرت طبيعة حياتنا وعلاقاتنا مع بعضنا البعض مما كان له أكبر التأثير النفسي علينا.

الاكتئاب هو من أكثر الأمراض النفسية شيوعاً وفتكاً بالناس وخاصة في وقتنا الحالي حيث تغيرت طبيعة حياتنا وعلاقاتنا مع بعضنا البعض مما كان له أكبر التأثير النفسي علينا

إن هناك من يخلط بين مفهوم الحزن ومفهوم الاكتئاب ولكن هناك فرق كبير بينهما. فالحزن بلا شك هو نتيجة لسبب ما أدى بالإنسان لهذا الشعور كفقد عزيز أو فقد وظيفة أو بسبب مرض للشخص نفسه أو أحد من أقربائه أو أحبائه. وعلى الجانب الآخر فان الاكتئاب على الأغلب ليس له سبب محدد وإنما هو اعتلال نفسي يتطلب علاجاً في معظم الحالات.

تتلخص أعراض الاكتئاب فيما يلي:

-عصبية غير مبررة.
-عدم وجود شغف لأي أمر في الحياة.
-الميل إلى العزلة.
-الميل للبكاء بسرعة بسبب أو بدون سبب.
-التعب والكسل وعدم الميل للعمل أو الإنجاز بتاتاً.
-الشعور بآلام قد تكون غير حقيقية أحياناً تحدث فقط نتيجة للحالة النفسية.
-الاضطراب في الوزن فقد يزيد الوزن بشكل مفرط أو قد يحصل العكس فيبدأ النقصان بالوزن والشعور بالضعف والهزال.
-كذلك يفقد الإنسان ثقته بنفسه ويفقد قدرته على التواصل مع من حوله.

لن أتحدث عن الناحية الطبية والعلاجية لمرض الاكتئاب فأنا لست طبيبة، ولكننا نسمع عن الكثيرين ممن يتعالجون بجلسات نفسية عند الطبيب النفسي والذي يصف لهم في الغالب أدوية لتخفيف الحالة.

دعوني أخبركم من خلال تجاربي في هذه الحياة عن أمر عظيم له أكبر الأثر على النفس البشرية، حيث أنني أرى أن قرب الإنسان من ربه هو دواء ناجع غيّر حياة الملايين نحو الأفضل..

إن تأملنا وضعنا في الوقت الحالي، نجد أننا أصبحنا كالروبوتات نستيقظ لنخرج للعمل ونقوم بكل ما يطلب منا وتثقلنا المتاعب والهموم لنعود أدراجنا إلى بيوتنا وليس في أدمغتنا ألا أننا بحاجة إلى الراحة والاسترخاء. ولكن وللأسف ليس هناك راحة حتى في البيت والسبب هو أنّ الأغلبية العظمى من الناس في وقتنا الحالي تشكو من إدمان "السوشيال ميديا" (وسائل التواصل الاجتماعي الافتراضي غير الحقيقي) والتي بدورها ترهق الفرد منا جسمياً ونفسياً سواء أكان بالأخبار الحزينة التي نراها كل يوم من شتى أرجاء الأرض أو حتى أخبار الناس الرائعة السعيدة والتي قد تثير غيرة وحقد وغضب البعض. القصد من هذا كله هو أننا نرزح تحت ضغط نفسي هائل وبشكل يومي، ناهيك عن مشاكل الحياة العامة والمشاكل الشخصية ومشاكل العمل التي لا تنتهي وهذا أمر طبيعي في هذه الحياة.

إن تأملنا وضعنا في الوقت الحالي، نجد أننا أصبحنا كالروبوتات نستيقظ لنخرج للعمل ونقوم بكل ما يطلب منا وتثقلنا المتاعب والهموم لنعود أدراجنا إلى بيوتنا وليس في أدمغتنا ألا أننا بحاجة إلى الراحة والاسترخاء

برأيي المتواضع، علاج الحالة النفسية المتردية بيدك، فقراءة صفحة من كتاب الله تعالى كفيلة بأن تريح قلبك وتشعرك بتفاهة أمور الحياة أمام ما أعطاك الله من نعم لا تعد ولا تحصى. وإن لم تتمكن من القراءة فعليك بسماع سورة من القران الكريم بصوت قارئ يخرجك بتلاوته من كل هموم الدنيا ويعيد إليك الأمل بحياة هانئة سعيدة تسودها القناعة والرضى والتسليم بقضاء الله وقدره.

كلما بعد الإنسان عن دينه كلما زاد اقتراباً من حالات الاكتئاب والتعب النفسي . لذا لا تعطِ نفسك المجال للوقوع فريسة للاكتئاب والحزن والقهر والذي يشكو منه معظم الناس. اجعل لنفسك وقتاً لتتأمل قدرة الله في خلقه، انظر لمن هم دونك، انظر لمن يقطنون المستشفيات يتمنون ساعة بلا ألم، انظر لمن هم أقل منك ذكاءً، قوةً، ومالاً، انظر إلى كل نعمة أعطاك إياها رب العباد وحرم غيرك منها لتعلم كم أنك تنعم بالكثير من النعم التي لا تحس بها ولا تبدي لها بالاً.

كما أنني لن أنسى بعض الأمور التي يحتاجها الإنسان بين كل فينة وأخرى حتى يبتعد عن الاكتئاب ويبقى سعيداً متمتعاً بالصحة النفسية والجسمية تتلخص فيما يلي:

- لك الحق كل الحق أن تمتع نفسك بكل ما هو حلال فالنفس تمل الروتين وهذا أمر طبيعي فلتذهب في نزهة جميلة أو قد تزور أحداً من معارفك أو أصدقائك أو تذهب في إجازة تتمتع بها وتنسيك التعب كله.

- كما أنّ البدن بحاجة إلى الراحة كذلك هو بحاجة إلى التمرين حتى تحافظ عليه وتحافظ على عقلك فالعقل السليم في الجسم السليم.

- قدم خيراً لأحد أو اصنع معروفاً مهما قل أو صغر فهو كفيل بأن يشعرك براحة نفسية كبيرة.

- سامح، اصفح، تصدق، اعرض المساعدة لمن يحتاجها وحينها صدق أو لا تصدق لن يعرف لك الاكتئاب طريقاً.

-اخلق توازناً في حياتك من جميع النواحي حتى تريح نفسك وبدنك فلا تهمل جانباً على حساب الآخر (إن لبدنك عليك حقا ولنفسك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه).

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
باحثة وأديبة ومحاضرة في الأدب والفكر، لها العديد من البحوث والمؤلفات باللغتين العربية والإنجليزية. حاصلة على شهادة الدكتوراة في التعليم (القيادة التربوية والإدارية). تقوم بتقديم العديد من الدورات التدريبية وورش العمل في مجالات عديدة. درست الأدب الانجليزي والشريعة الإسلامية. وقدمت مساهمات في العديد من المؤتمرات العالمية والمحلية فيما يختص بتطوير التعليم وطرائقه. لها اهتمامات عديدة في مجالات الأسرة وكذلك تنمية وتطوير الذات.

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …