المعايير المزدوجة: ماهيتها وكيفية تفاديها والتعامل مع من يطبقها

الرئيسية » بصائر تربوية » المعايير المزدوجة: ماهيتها وكيفية تفاديها والتعامل مع من يطبقها
النفاق

المعايير المزدوجة هي عبارة عن سياسة تُطبق بأساليب مختلفة وبدون أي مبرِّر منطقي. ومعناه أن يتم التمييز في معاملة طرفين الأصل هو العدل في معاملتهما. ولأن المعايير المزدوجة تعد من الأمور الخطيرة للغاية في المعاملات الإنسانية، ولما لها من عواقب وخيمة، فسنتحدث في هذا المقال بالتفصيل عن ماهيتها وأسبابها وكيف لنا أن نتعامل معها وأن نتحاشى تطبيقها.

أولًا: أمثلة على المعايير المزدوجة:

فمثلًا أن تقوم معلمة بمعاملة طالبين عندها بصورة مختلفة دون سبب يذكر، وإذا كان هناك سبب فهو غالبًا ما يرجع لتفضيل شخصي بحت. ومن المعايير المزدوجة البارزة هي أن ينتقد شخص ما تصرفاً يقوم به بنفسه في الآخرين. كذلك يوجد المثال البارز في تمييز الكثير من الآباء والأمهات في معاملة أبنائهم مع الأسف وتطبيق سياسة المعايير المزدوجة بصورة قد تثير الضغينة والحقد بين الإخوة.

يوجد المثال البارز في تمييز الكثير من الآباء والأمهات في معاملة أبنائهم مع الأسف وتطبيق سياسة المعايير المزدوجة بصورة قد تثير الضغينة والحقد بين الإخوة

ثانيًا: لماذا يطبق بعض الناس المعايير المزدوجة؟!

يطبق بعض الناس هذه السياسة قصدًا ودون قصد ولدوافع وأسباب عديدة. وحين يطبق الناس المعايير المزدوجة عمدًا فيكون هذا بغرض تحقيق أهداف معينة ، مثل تحقيق مصلحة لمن يحبونهم والتسبب بالأذى لمن يكرهونهم. أما تطبيق تلك السياسة دون قصد فيكون دافعه غالبًا عاطفيًا. فمثلًا عادة ما يميل الناس للحكم على تصرف معين يبغضونه ويرفضونه بشكل قطعي، أما إذا كان تصرفًا يقومون به هم أنفسهم فيكون حكمهم أكثر لينًا.

عادة ما يميل الناس للحكم على تصرف معين يبغضونه ويرفضونه بشكل قطعي، أما إذا كان تصرفًا يقومون به هم أنفسهم فيكون حكمهم أكثر لينًا

ثالثُا: كيف نعرف إذا ما تم تطبيق سياسة المعيار المختلف؟

إذا أردت أن تعرف ماذا إذا كان هناك معيار مزدوج يتم تطبيقه في تصرف ما، فاسأل نفسك هذين السؤالين:

1- هل يُعامل شخصان بطريقة مختلفة حين تعرضهم لنفس الموقف؟
2- هل هناك سبب منطقي لتلك المعاملة المختلفة؟

فالمعايير المختلفة تحدث حينما يكون هناك تمييز في المعاملة بين شخصين دون أي مبرر. ويجب أن نضع في الاعتبار أن هناك استثناءات منطقية لهذا الأمر، فمثلًا توقعات الأب وطريقة تعامله مع ابنه الأكبر البالغ ستختلف بالضرورة عن التعامل مع ابنه الصغير. بينما إذا كان له ابنان من نفس العمر والنضج الفكري والعقلي فلا يجب أبدًا التفريق بينهما ولا مبرر لذلك.

كيف نتعامل مع تطبيق المعايير المزدوجة؟

عليك أولًا التأكد أن ما تراه هو تطبيق للمعيار المزدوج بناء على النقاط التي ذكرناها آنفًا. ثم لك أن تسأل من قام بتطبيق المعيار المزدوج عن السبب الذي دفعه لذلك إذا كان الموقف يسمح بذلك. فمعرفة السبب ستساعدك على إدراك ماذا إذا كان الشخص يطبق معيارًا مزدوجًا والأهم السبب الذي دفعه لذلك. وبعدها يمكنك مناقشة صحة وعقلانية القرار مع صاحب الشأن خاصة إذا كان يقوم بهذا الأمر بغير قصد ولا يدفعه إلا الجانب العاطفي. أما إذا كان يقوم بذلك عمدًا ولا مبرر منطقي للأمر، فهنا يمكنك تذكيره بضرورة وجود دوافع أخلاقية ومنطقية لتطبيق المعايير المزدوجة.

وعليك أن تضع في الاعتبار أنك لن تتمكن دائمًا من منع الشخص الذي يقوم بتطبيق المعايير المزدوجة وبالتالي ستختلف ردة فعلك في التعامل معه بناء على كل موقف. فإذا كان شخصًا يمكنك تجنب التعامل معه فافعل. أما إذا كان مديرك في العمل مثلًا وكان الوضع مزعجًا وغير محتمل فيمكنك شكايته لمن يعلوه في المنصب.

عليك أن تضع في الاعتبار أنك لن تتمكن دائمًا من منع الشخص الذي يقوم بتطبيق المعايير المزدوجة وبالتالي ستختلف ردة فعلك في التعامل معه بناء على كل موقف

كيف تتجنب أنت تطبيق المعايير المزدوجة؟

لتتجنب الوقع في خطأ تطبيق المعايير المزدوجة، احرص على تطبيق الأمور التالية:

1- تأكد حين تطبيق المعيار المزدوج مع شخصين في نفس الظروف والسن والاتزان العقلي أنك تملك مبررًا منطقيًا وأخلاقيًا قويًا لذلك.

2- ضع في اعتبارك أن هذا لن يكون أمرًا سهلًا فأحيانًا قد لا يكون الشخصان متواجدين في نفس الموقف فبالتالي قد لا تلاحظ هذا الأمر بسهولة. وكذلك تفضيلك لشخص معين قد يكون كما قلنا آنفًا لسبب عاطفي (مجرد تفضيل شخصي)، كالواقع في حالات الكثير من الآباء والأمهات مع الأسف حين التمييز بين أبنائهم وبناتهم.

3- حين تجد نفسك تتعامل بلطف مع شخص في موقف ما وبغلظة مع غيره في نفس الموقف بالضبط، فاحرص على تبرير هذا التصرف لنفسك . وإذا اتضح لك خطأ فعلك وألا مبرر منطقي أو أخلاقي لذلك ، فاحرص على تعديل ردود فعلك تجاه الشخص الذي تسيء له في المعاملة.

4- ولا تستثنِ نفسك من تطبيق هذه السياسة، فربما تتضايق من شخص يقوم بنفس الفعل الذي تقوم أنت به تجاهه فعليك تعديل تصرفك وردة فعلك كذلك.

وختامًا، فإن سياسة المعايير المزدوجة تعد من الأمور غير المنصفة في التعامل بشكل عام ويجب تفاديها بالكامل، لما تسببه من مشاعر الظلم وربما الحقد والضغينة لدى الشخص الذي تُطبَّق عليه. وسواء أحببنا شخصًا أو كرهناه فالأصل إنصافه في المعاملة وإعطاء كل ذي حق حقه. وكما يقول تعالى في كتابه العزيز: {ولَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ} [المائدة:8].

معلومات الموضوع

مراجع ومصادر

  • المصدر: https://effectiviology.com/double-standard/
اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومترجمة من مصر، مهتمة بقضايا التعليم والأسرة والتطوير الذاتي

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …