المقومات الخمس لاستقرار الحياة الزوجية

الرئيسية » بصائر تربوية » المقومات الخمس لاستقرار الحياة الزوجية
family19

لا شك أن الزواج من فضائل الأعمال وأعظمها ونحن مأمورون كمسلمين بالزواج لما فيه صيانة وحماية للفرد والمجتمع فضلا عن نشر الفضيلة ومعالي الأمور والقيم الصالحة ونحن جميعا أحوج ما نكون أن نحيا في مناخ كله صلاح وإصلاح وقيم وطاعة لله وحسن اتباع رسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم.

ولما كان الزواج والحياة الزوجية اختلاطًا بشريًا وتعاملًا وعلاقات، فقد وضع ربنا القاعدة في كتابه الكريم، فقال - وهو اصدق القائلين: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم:21]

وفي ذلك جمع بين فضائل الأمر والنصح للوصول لحياة زوجية وأسرية مريحة بلا متاعب أو معوقات بل رحمات ومودة وراحة بال لمن يتفكر ويعي أهمية الرسالة للزوج والزوجة في بناء محضن يؤلف القلوب ويجمع العقول ويسكن الأرواح.

ونحن - وانطلاقا من مبدأ أن خير الناس أنفعهم للناس، وعملا بقوله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات:55] نحدد لكل زوجين اليوم خريطة وخطوات دعائم مقومات هذه الحياة وسبل استقرارها بما يتوافق مع مراد الله ورسوله وأول هذه المقومات:

أولًا/ تقديم الشرع

والمعنى في تقديمه هو جعله المرجع الأول لكل ما يخص العلاقات الزوجية والحياة الأسرية بشمولها، وأن يكون الدين هو الفيصل، ومنه وإليه يتخذ الإنسان القرارات المتعلقة بالحياة الزوجية في باب الكسب المادي والعلاقات الزوجية بخصوصيتها، والتعامل اليومي مع الزوجة والأبناء بعد ذلك، والعلة في ذلك أن النجاة والراحة في هذا المسار وذلك المسلك، وأن غيابه أو تأخيره يعجل بالمشكلات بين الزوجين، فضلًا عن غياب الرضى والبركة، وانتشار الكراهية والضيق في الحياة عامة والزوجية خاصة.

ثانيًا/ تحقيق القاعدة القرآنية في المودة الرحمة

هذه القاعدة أساس نجاح العلاقة الزوجية ويقينا يعلم ربنا عن البشرية كل شيء ومداخل سعادتها وأحزانها لذلك قال في كتابه العزيز توجيها: {وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]

فالله يريد للبشرية كل الخير والرشاد والراحة وفق منهجه الذي وضعه لها بعيدًا عن الإفراط والتفريط والابتداع، ولما كانت المودة بابًا للاستقرار فهي أيضا باب الحب والاطمئنان، ثم الحب والسعادة الزوجية، وكأن الله يهدي للبشرية خريطة سعادتها ويمنح الزوجين طوق سعادتهم وما على البشرية إلا السمع والطاعة للتشريعات الربانية.

ثالثا/ التعاون

إن الأسرة مشروع حياة وعقد بين طرفين وميثاق غليظ شرعه الله وأمر الطرفين بالمحافظة على هذا المشروع، وحذر من العداء والكراهية بل وبغض الانفصال رغم مشروعيته لما له من توابع في النفوس والأحوال المعيشية.

ولما كان الأصل هو التعاون كانت الثمرة هي البناء، وعليه فالتعاون شجرة تثمر حبًا وتفاهما وغيابه ينذر بمشكلات وتقصير متبادل ثم يتحول لجفاء وفتور لا نريده ولا نتمناه لرجال ونساء الأمة.

والتعاون باب خير يعمق جوانب أكثر خيرية وأفيد وأطول نفعا بين الزوجين، فتجد التسامح هو السيد والاحترام المتبادل هو الشجرة التي تجمع الزوجين وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

رابعا/ العدل والإنصاف

إن الحياة عمومًا لا تخلو من المشكلات والحياة الزوجية لا بد أن تعتريها بعض الهفوات والمشاكل بين الزوجين والكياسة هنا تقتضي أن لا نسلط ضوءا مشعا على الهفوة ونهضمها ونحللها لكن يجب أن نمر على أوجاعنا ومشكلاتنا مرورا سريعا.

وفي نفس الوقت نقف معظمين ونسرد الكلام في مواقف النبل والتسامح بين الزوجين ففي الأولى توسيع لتحول بوصلة القلب عن رفيق العمر وفي الثانية تركيز بوصلة القلب وتعميق أثره.

خامسا/ التغافل

إن البيوت الآمنة المطمئنة عمادها التغافل وتقبل الأعذار والتسامح والترفع عن الزلل؛ فالتغافل نوع راق من الأخلاق الحميدة التي يجب أن يتحلى بها المجتمع إن أراد الراحة في حياته، بيتا وعملا وطريقا.

فهو يهون الصعاب ويقلل من الأوجاع، والمجد كل المجد لزوج يتغافل عن عيوب زوجته أو أخطائها؛ لأن رصيدها عنده ممتد وكبير، والفخر كل الفخر لزوجة تتغافل عن عصبية زوجها وصوته العالي وقت غضبه؛ لأنها تعلم فضله وأنه جنتها ونارها، وأن مصائب الدهر أحيانا تكون أكبر من طاقته، وغلاء المعيشة يأكل من جسده وعقله، فهي صابرة متسامحة مستمدة من سير الصالحات النبراس والمسير والمسار.

ختاما

البيت المسلم في حاجة لتثبيت أركانه ضد موجات الخلافات وأعاصير الحياة وهذا لن يكون إلا باتباع منهج الله وتنفيذ تعاليم رسوله صلى الله عليه وسلم، ويوم يحيد الزوج عن ذلك سيجد اعوجاجا غير مبرر من زوجته، فالبدار البدار والمصارحة المصارحة والدعاء الدعاء أن تكون بيوتنا آمنة هادئة تسودها المودة والرحمة والحب والتغافل.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب وباحث مصري الجنسية، مؤلف عدة كتب فى التربية والتنمية "خرابيش - تربويات غائبة- تنمويات". مهتم بقضية الوعي ونهضة الأمة من خلال التربية.

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …