كيف أبني واقعيتي الشخصية؟

الرئيسية » خواطر تربوية » كيف أبني واقعيتي الشخصية؟
كيف أبني واقعيتي الشخصية؟

إن واقعك الذاتي يعني ما تجمعه بنفسك لنفسك، على مدى رحلة صوغك لهُويتك وبنائك لكِيانك وتربيتك لذاتك. فمن مادّة هذا الواقع يكون حسن أو سوء تعاملك مع واقع الوجود والناس اللذين سبق الكلام عليهما في المقالات السابقة.

وكي تُحقّق ذاتك في الواقع الخارجي، لا بد أن تصوغ أولًا تصور الواقع الداخلي الذي ترتضيه في نفسك، ثم تشرَع في غرسه في أرض نفسك، وتعدّها بما يلزم من معارف ومهارات للسعي في رحلة بنائه والتحقّق به، ولكي تصوغ واقعك الداخلي صياغة صحيحة لا بد أن تعرف تكوين ذاتك أولًا، ثم تتعامل وفاقًا له.

وبغير هذا التدرج الترتيبي، ستظل مُوزّعًا بين مختلف صور إشكالات الذات وأزماتها: كالغربة عن الذات، وكرَاهةِ الذات، واكتشاف الذات، وتحقيق الذات، واستقرار الذات... إلخ.

إذا كنتَ لا تعرف من أنت أو كانت معرفتك بذاتك سطحية، أو لا تدرك فعليًّا ما معنى "معرفة الذات" وما تقوم عليه تلك المعرفة، فكيف إذن تأمل أن تحقق ذاتك؟

فإذا كنتَ لا تعرف من أنت، أو كانت معرفتك بذاتك سطحية، أو لا تدرك فعليًّا ما معنى "معرفة الذات" وما تقوم عليه تلك المعرفة، فكيف إذن تأمل أن تحقق ذاتك؟ وأيّ معنىً في رحلة عُمُر إلى وِجهة لا تعرف ما هي ولا أين هي؟! وكيف تستشعر مسؤوليتك عن حياة لا تجدك متفقًا ولا متوافقًا معها؟ ولعلك مقتنع في قرارة نفسك أن نمط الحياة التي تحيا ونوع الطريق الذي تسلك، لا يعبّران عنك ولا ترتضيهما، لكنك لا تدري كيف تصوغ ما يعبّر عنك؛ لأنك حقيقة لا تدري ما أنت ومن أنت؟!

 

حين تتفكر بصدق وجدية ستجد شعورك بالمسؤولية عن نفسك وحياتك، وشعورك بظلم نفسك والذنب تجاهها لإهدارها والتفريط فيها

وإذا قلتَ إنّ نفسك خاوية من أيّ واقع فيها أصلًا، فستجد في الحقيقة بعد شيء من التنقيب في الأعماق التي لا تخلو منها نفسٌ حين تتفكر بصدق وجدية، ستجد شعورك بالمسؤولية عن نفسك وحياتك، وشعورك بظلم نفسك والذنب تجاهها لإهدارها والتفريط فيها، وهذان بذرة بناء واقعك القويم في داخلك، إذا تعلّمت العلم اللازم، وانتهجت المنهجية الصحيحة للبناء الفكري والوجداني.

وبناء على كل ما سبق، كان لزامًا قبل أن نشتغل بقوائم خطوات تحقيق الذات المبثوثة في مختلف المواد التنموية والبشرية، أن يقف كل منا على أعتاب ذاته وبوابة نفسه، فيسائلها:

  • من أنا؟ وما أنا؟
  • ما الذي أريد؟ وما الذي أبتغي؟
  • ما الذي يحول بيني وبين نفسي؟
  • ما غاية وجودي التي أؤمن بها حقًا في داخلي لا التي تُملَى عليّ من خارجي؟
  • ما تعريفي لحياتي التي أرتضي لو تُركت لي صياغتها في تحرّر من كافة الضغوط حولي؟
  • ما الذي يمنعني من صياغتها أو السعي نحوها إذا صغتها؟
  • حتى متى أستمر في حياة لا أرتضيها على علمي أني محاسب عليها؟
  • إلى أين أمضي بعمري في حياة غيري؟

بدون إجابة مثل تلك التساؤلات أولًا، بل بدون شجاعة مواجهة النفس بطرحها وتحّمـل مسؤولية تحصيل جوابها، تكون رحلة تحقيق الذات بالنمط التنموي السـائد لمثل هذه الرحلات، رحلة وَهميّة! لعلّك تحقق فيها أشياء كثيرة بالفعل.. إلا ذاتك!

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومحاضِرة في الأدب والفكر وعُمران الذات. محرّرة لغوية ومترجِمة. مصممة مناهج تعليمية، ومقدّمة دورات تربوية، وورش تدريب للمهارات اللغوية. حاصلة على ليسانس ألسن بامتياز، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها.

شاهد أيضاً

مسؤولية التعلم ولو في غياب “شخص” معلم

ربما من أوائل ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العلاقة بين المعلم والمتعلم، قصيدة …